التحديث الاخير بتاريخ|السبت, سبتمبر 28, 2024

دول مجلس التعاون: صورةٌ خليجية تحوي أطرافاً تجمعها التناقضات 

تنعقد القمة الخليجية السادسة و الثلاثين في الرياض، حيث أعلن الموقع الإلكتروني للمجلس، أن القمة ستُعقد بحضور الدول الأعضاء من أجل ترسيخ مبدأ العمل الجماعي المشترك و دعم المسيرة الخيرة و تطوير قدرات المجلس لتحقيق المزيد من الإنجـازات. ولعل من يقرأ التقرير الذي نشره الموقع قبل إنعقاد المؤتمر بيومٍ واحد، يظن أن الدول التي ستجتمع تتفق فيما بينها، في كافة المجالات و الأصعدة. في حين يطفو على السطح و منذ فترةٍ طويلة، الكثير من الخلافات التي ظهر منها العديد في الآونة الأخيرة. و هنا فإن أكثر الخلافات وضوحاً هي الخلافات السعودية الإماراتية. كما أن الخلافات القطرية السعودية، تُعتبر طاغيةً على العلاقة بين البلدين. يُضاف الى كل ذلك الخلاف التاريخي بين الكويت و السعودية. فكيف يمكن الإضاءة على حجم التناقضات التي تحكم العلاقة بين الدول الخليجية؟ و لماذا تعتبر السعودية القاسم المشترك في ذلك؟

الإمارات: خروجٌ واضحٌ عن السياسة الخليجية لا سيما السعودية
لا شك أن الدولة الأكثر مشاغبةً بالنسبة لسياسات الدول الخليجية، هي الإمارات. فقد بدا جلياً في الآونة الأخيرة أن الإمارات تتجه ضمن منحى يختلف في وجهته عن أغلب الدول الخليجية الأخرى. وهنا نُشير للدلائل التالية:

– يُعتبر قبول الإمارات بالعملية العسكرية الروسية في سوريا، خصوصاً عبر وصفها القصف الروسي لتنظيم داعش الأرهابي، بأنه قصفٌ لعدو مشترك، أحد أهم الأدلة لتأكيد ما تقدمنا به. و هو الأمر الذي يخالف مواقف الدول الخليجية لا سيما السعودية. ففي وقتٍ عارضت فيه السعودية و قطر بكل وضوح التدخل الروسي العسكري في سوريا، اتسم موقف الإمارات بالغموض. لكنها لم تكن بين الموقعين على البيان المشترك الذي دعا روسيا إلى وقف عملياتها العسكرية في سوريا، في حين وقعت عليه كلٌ من السعودية و قطر كما تركيا و واشنطن و بريطانيا و ألمانيا و فرنسا.

– من ناحيةٍ أخرى فإن الحديث الأخير عن التحالف الذي يجمع كلاً من مصر و الإمارات و الأردن، لا سيما حول الملف السوري، هو من الأمور الذي أثار حفيظة الرياض تحديداً. فهذا التحالف يعني بوضوح أن ما سُمي بالتحالف العربي بقيادة السعودية و الذي توحَّد ولو بشكلٍ شبه كامل فيما يخص اليمن، سينقسم في الموضوع السوري لا سيما بعد التدخل الروسي. و هو الأمر الذي يمكن أن يكون محاولةً إماراتية للعب دورٍ أكبر في المنطقة، في محاولةٍ لبناء موقعٍ لها و لو على حساب العلاقة مع الرياض.

– وليس بعيداً عن كل ما تقدم، فإن ما تشهده العلاقات الإماراتية الروسية من تطورات كبيرة، و التي شملت العديد من المجالات لا سيما الإقتصادية منها، يمثل أداة ضغط فيما يتعلق بالملف السوري، خصوصاً وأن التعاون بين البلدين لم يعد يقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تعداه إلى الجوانب العسكرية أيضاً. فالزيارة التي قام بها ولي عهد إمارة أبو ظبي، محمد بن زايد، إلى موسكو بعد أيام قليلة من بدء روسيا عملياتها في سوريا، أفضت الى زيادةٍ في الإستثمارات الإماراتية بلغت سبعة مليارات دولار في روسيا.

– يُضاف لكل ذلك، موقف الإمارات الواضح من إسقاط تركيا للطائرة الروسية، وهو الأمر الذي عبَّر عنه وزير الخارجية الإماراتي، والذي وضع حادثة إسقاط الطائرة الروسية المقاتلة في خانة الأعمال الإرهابية.

– كما أن الإختلاف الواضح بين الرياض و الإمارات و بالتحديد تجاه تفاصيل الملف اليمني، تدل على أن الأزمة بين البلدين لا تُعبِّر فقط عن مصالح متناقضة، بل عن مشاكل جذرية. فقيام الرئيس المخلوع هادي بتغيير الوزراء و اختياره لوزراء من الإخوان المسلمين، الى جانب اقالته للبحاح و الذي يعتبر حليفاً للإمارات، يُشير الى حجم الخلافات بين الدولتين. و هنا لا بد من الإشارة الى أن تيار الإخوان المسلمين هو الأشد معارضة للحكم في الإمارات، مما يجعل الخلافات تأخذ طابعاً مصيرياً بين الطرفين.

الخلافات تستمر ولا تقف فقط على العلاقة الإماراتية السعودية
كما ذكرنا، فإن الخلاف الإماراتي السعودي هو الأكثر وضوحاً، لكن الخلافات السعودية – القطرية و السعودية – الكويتية، تدل على حجم التناقضات التي تجمع الأطراف الخليجية.

فالخلاف بين الكويت والرياض تاريخي، و بدأ عام 2007 بشأن حقل المنطقة المشتركة و لكنه لم يظهر للعلن. و أساس المشكلة أن الكويت لم تكن راضية عن قيام السعودية بتوقيع عقد تمديد خط شيفرون دون استشارة الكويت. لكن الخلاف ظهر للسطح في أيار 2015، و مازالت المباحثات جارية لحل الأزمة و التوصل إلى اتفاق يعيد لكل طرفٍ حقوقه في الإنتاج.

أما بالنسبة للخلافات السعودية – القطرية، فهي تبدأ من مشكلةٍ التنازع على قيادة الدول الخليجية، ولا تنتهي بإختلاف المصالح و محاولة إثارة المشاكل للطرف الآخر. و هو ما أصبح جلياً و واضحاً.

إذن، بين الدول التي تجتمع ضمن إطار مجلس التعاون، خلافاتٌ أكبر من التناقض في المصالح. فالسعودية لم تعد الدولة التي تستطيع القول أنها على رأس الدول الخليجية. خصوصاً بعد أن أصبحت سمعتها الدولية على المحك. فيما يمكن القول أن الإمارات، تحاول إيجاد منفذٍ لنفسها لعلها تتماشى مع الواقع الإقليمي، باحثةً لنفسها عن دورٍ وحجمٍ أكبر. فيما تبقى قطر، غارقةً في أزماتها المتعددة، لا سيما الملف السوري. وبين هذه الدول و الدول الخليجية الأخرى، حكاية ضياعٍ يُهدد وحدة دول مجلس التعاون. فيما تُعتبر السعودية، القاسم المشترك للمشاكل التي تجمع المجلس.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق