التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

أدوات الکیان الإسرائيلي لقمع انتفاضة الشعب الفلسطيني 

منذ بداية أكتوبر وبسبب تکثیف اعتداءات المستوطنين الصهاينة، وإثارة مشروع التقسیم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، اشتدت مرةً أخرى الانتفاضة الشعبية للفلسطینیین ضد الصهاينة. وتمتاز هذه الانتفاضة عن الانتفاضات الأخيرة وبصرف النظر عن الاحتجاجات العامة، بهجوم الفلسطينيین المضحّین بالسکاکین والسیارات علی الصهاينة، وفي المقابل أیضاً یقوم الصهاينة وبدلاً من اعتقال الفلسطينيين المشتبه في شنّهم هجمات، بقتلهم من خلال التصویب علی الرأس مباشرةً، حیث استشهد في هذه الاشتباكات أكثر من سبعين فلسطينياً، وقُتل ما يقارب من عشرة إسرائيليين.

یحاول الکیان الاسرائيلي إدارة هذه الانتفاضة الشعبية والتحكم فيها، كما هو الحال مع الانتفاضتین السابقتین. وفي دراسة لأسالیب الصهاينة في الانتفاضتین السابقتین، شهدنا أن الصهاينة ومن أجل قمع الانتفاضات الشعبية یستخدمون لإدارة الأزمة الآليات والأدوات التالية:

1. الأداة الأمنية والبوليسية: إن إحدى طرق السيطرة على انتفاضة الفلسطينيین، هي تعامل الصهاينة الأمني والبوليسي معها، بحیث یستخدمون كل قواهم الأمنية والعسکریة والبوليسية للحد ومنع انتشار الاضطرابات.
وفي هذا السبیل لا یخشون استخدام المزید من العنف، لأن القوات القامعة هي قوات محتلّة، ومن هذه الرؤية فإنهم یتعاملون مع الفلسطينيين برؤية عنصرية، ومن هذا المنظور فإن الأيديولوجية الصهيونية تجیز قتل كل فلسطيني، باعتباره تهديداً محتملاً، وتقدّم الترخيص العقائدي لهذا العمل.

2. الأداة الاجتماعية: من الأدوات الأخری التي يستخدمها الصهاينة للسيطرة على انتفاضة الفلسطينيین، هي استخدام الأداة الاجتماعية، بحيث أنه بواسطة الشؤون الثقافية والدعائیة والإعلامیة التابعة والموافقة، وإیجاد الإحباط ونشره، یحاولون خلق “مجتمع سلبي”.
والمجتمع السلبي الذي یریده الإسرائيليون، هو مجتمع لا یُظهر فیه الفلسطينيون وبالتالي الجماعات الفلسطينية الاجتماعية، أيّ ردة فعل تُذکر تجاه الأحداث والتهديدات المحیطة بهم بما في ذلك التوسع الصهيوني، ولا يقاومون ولا یصمدون أمامها، ویقبلون بالتفوق والسيادة الصهيونية على مختلف شؤونهم، ویتغیرون تدريجياً کما یرید الصهاينة.

3. الأداة الاقتصادية: واحدة من الأدوات الأخری التي يستخدمها الصهاينة للسيطرة على انتفاضة الفلسطينيین، هي الأداة الاقتصادية. فالأزمة الاقتصادية الدائمة قد أثرت على حياة الشعب الفلسطيني منذ احتلال فلسطين، بحيث أننا نشهد حدوث أزمة إنسانية في الأراضي الفلسطينية؛ والفقر والركود الاقتصادي والبطالة والاتجار بالمخدرات کثیرة في هذه المناطق، والکیان الإسرائيلي مع علمه بهذا الأمر، يمارس ضغوطاً على الفلسطينيين.
في هذا السياق، نرى أن الصهاينة وعن طريق تقييد دخول وخروج البضائع وكذلك طرد العمال الفلسطينيين، يسببون مشاكل اقتصادية للناس، الأمر الذي یشکل واحدةً من أكثر الوسائل فعاليةً للسيطرة على انتفاضة الفلسطينيین.

4. الأداة السياسية: الأداة الأخرى الذي يستخدمه الکیان الإسرائيلي لإخماد الاحتجاجات الشعبية، هي الأداة السياسية، بحیث أنه ومن أجل إدارة الأزمة، يزيد اتصالاته السياسية مع بعض الجماعات الفلسطينية؛ لأن هذا الکیان قد فهم جيداً أن إحدی الطرق للسيطرة على الفلسطينيين، هي التحكم من قبل الفلسطينيين أنفسهم.
في هذا الصدد، یدخل الکیان الإسرائيلي في عملية مساومة سياسية مع الأفراد والجماعات والمنظمات التي تقبل المساومة، وخاصةً السلطة الفلسطينية، ويمكن لهذه السلطة أن تكون کذراع قوي تابع للصهاينة، لتحدّ من شدة الأزمة، والسيطرة على الانتفاضة في نهایة المطاف.

وفي الانتفاضة الأخيرة أیضاً نشهد أن الکیان الإسرائيلي أعاد مجدداً استخدام هذه الأدوات، والفرق هذه المرة هو أن هذا الکیان في استخدامه للعنف وإعطائه بعداً إعلامیاً، یحاول إضفاء الطابع الأمني علی الصهاينة من جهة، ومن جهة أخرى يريد أن یبعث برسالة للفلسطينيين مفادها أنه لا یخشی ممارسة أي نوع من العنف.

ويبدو أنه من أجل جعل أدوات وآليات الصهاينة غير فعالة، لیس لدى الفلسطينيين أي خيار سوى تبني استراتيجية تعزيز واستمرار المقاومة في هیئة تشکیل المجتمع المقاوم. وهذا الأمر يحتاج إلى التعزيز من خلال الصمود، التأیید الديني، الدعم المالي، الدعم الشعبي، الدعم السياسي وتوفیر الأسلحة، بحيث یکون لدی جميع الناس في هذا المجتمع القدرة على تعبئة وتنظيم أنفسهم، لاستخدامها للتعامل مع الصهاينة.

والانتفاضة الأخيرة للشعب الفلسطيني ورغم کل الجهود الصهيونية للسيطرة علیها وإدارتها، استطاعت إلحاق ضربات موجعة بالصهاينة، کانت إحداها وضع العراقیل في طریق التقسیم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.

إن استمرار الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية والقدس، سیؤدي إلى مزيد من الخسائر للصهاينة، وهذا بطبيعة الحال يتطلب تعاون جميع الفصائل الفلسطينية وكذلك الدول العربية والإسلامية، والتي یجب علیها بدلاً من خلق الأزمات في بلدان أخرى مثل سوريا والعراق واليمن، استخدام كل قوتها لضرب أكبر مشكلة للعالم الإسلامي، أي الصهيونية نفسها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق