هل يمکن ان تقترب المواقف الايرانية و السعودية في سوريا؟
مع مرور 5 سنوات على بدء الازمة السورية و اشتداد هذه الازمة تشهد منطقة الشرق الاوسط المزيد من الاستقطابات الاقليمية و الدولية و يدخل الخلاف الايراني السعودي ضمن هذا الفرز الاقليمي و قد دخل البلدان مرحلة التنافس بينهما.
و في هذه الاجواء أتت اجتماعات فيينا بمشاركة قرابة 20 دولة و منظمة اقليمية و دولية حيث يمكن لهذه الاجتماعات ان تؤدي في النهاية الى تعاون بين الجهات المعنية بالازمة السورية لاحتواء هذه الازمة او ان تؤدي الى تشديد الأزمة و زيادة الدمار الحاصل.
ان ايران التي شاركت في اجتماعي فيينا 1 و فيينا 2 استطاعت تغيير بنود البيانين الختاميين للاجتماعين و اثبتت انها احد اهم اللاعبين المؤثرين الاقليميين في سوريا لكن السجالات بين وزيري الخارجية الايراني و السعودي في فيينا تتحدث عن سعي كل من الطرفين لحذف الطرف الآخر عن دائرة المنافسة، و رغم وجود هذه المنافسة يعتقد المراقبون انه يمكن للدور الروسي الامريكي المؤثر في سوريا ان يؤثر ايضا على طبيعة الخلافات بين ايران و السعودية و يدفع كل من طهران و الرياض على مراجعة مواقفهما.
ان البيانين الصادرين في ختام اجتماعي فيينا 1 و فيينا 2 يدلان على وجود ارادة سياسية لانهاء الازمة، و رغم اعتقاد المراقبين بأن هذه الارادة مازالت هشة لكن حصول مفاوضات اكثر جدية في المستقبل يمكن ان يشكل ارضية مناسبة لاخراج زمام المبادرة من يد الجماعات الارهابية و رسم سير الاحداث بعيدا عن اهواء هؤلاء.
ان التوصل الى حل سياسي يقبل به الجميع هو بصيص ضوء في غرفة مظلمة يمكن ان ينطفئ سريعا و لذلك يجب ان يترافق هذا الحل السياسي مع عمليات ميدانية فاعلة و مؤثرة في داخل سوريا، ان العمل السياسي و التمهيد لاجراء الانتخابات في سوريا يجب ان يجري بالتوازي مع شن ضربات جدية على الجماعات المسلحة و ان تفضيل العملية السياسية على العمل الميداني او العكس يمكن ان يزيد الاوضاع سوءا و يزيد من تعقيدات الأزمة.
و بغض النظر عن اسباب السعي الايراني أو السعودي لتغيير الاوضاع الحالية في سوريا او الابقاء عليها فإن هذا التنافس بين طهران و الرياض يمكنه ان يؤدي الى رسم حدود جديدة للصراع و ظهور لاعبين جدد و تغيير النظام الاقليمي حسب ماهية التحالفات الموجودة على الارض و هذا سيؤدي في نهاية المطاف الى ظهور احدى الدولتين كجهة منتصرة في هذا الصراع لكن اذا اتجه البلدان اي ايران و السعودية نحو اتخاذ سياسات تقربها من بعضمها البعض فإن ذلك سيؤثر ايضا في طبيعة التحالفات في المنطقة و يمكن ان يرسم نتيجة مختلفة للازمة السورية.
ان الخلافات الايرانية السعودية في سوريا تتمحور حول قضيتين اساسيتين هما مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد و موضوع الجماعات الارهابية .
بشار الاسد
رغم اصرار السعوديين على رحيل الرئيس السوري بشار الاسد خاصة خلال العامين الاخيرين لكن ايران ظلت منذ بداية الازمة السورية و حتى الان تصر على ضرورة الحفاظ على النظام السوري و بقاء الاسد في السلطة و قد كرر مساعد وزير الخارجية لايراني حسين امير عبداللهيان خلال الشهرين الاخيرين مرارا و تكرارا بأن حفظ الأسد يعتبر خطا احمر لايران، و في المقابل يعتبر السعوديون الاسد حليفا لايران قام باداء دور استراتيجي في محور المقاومة و كان قناة اتصال بين ايران و حزب الله و لذلك يعادي السعوديون الاسد شخصيا لكن رغم هذه الاميال السعودية فأن بياني اجتماعي فيينا اكدا على ضرورة حفظ هيكلية اجهزة الدولة في سوريا و باتت الانتخابات و المرحلة الانتقالية هما العنصرين الاساسيين لتقرير مصير سوريا في المستقبل.
الارهاب
ان مسالة الارهاب قد تحولت ايضا الى موضوع خلاف بين ايران و السعودية فايران تعتبر الدعم الذي تقدمه بعض دول المنطقة لداعش و جبهة النصرة و احرار الشام و باقي الجماعات المسلحة في سوريا عائقا امام التوصل لحل سياسي للازمة السورية و تؤكد على ضرورة وقف هذا الدعم و القبول بالحل السياسي، وقد نص البند السادس من بياني اجتماع فيينا 2 على ضرورة الحاق الهزيمة بداعش و باقي الجماعات الارهابية، و في الحقيقة كانت ايران تسعى منذ اليوم الاول الى اتباع مثل هذه السياسة و كان المسؤولون الايرانيون يطلقون التحذيرات اللازمة ازاء تنامي الجماعات الارهابية في سوريا و العراق لكن السعوديون اتخذوا هذه الجماعات كأدوات لاضعاف الرئيس السوري و كل من يعادي السعودية.
لا شك ان احتمال نجاح الحوارات التي تجري في فيينا يبدو ضئيلا بسبب تداخل مصالح القوى الاقليمية و الدولية لكن وصول شظايا الازمة السورية الى الحدود الروسية و الى داخل اوروبا دفع اللاعبيين الدوليين و خاصة امريکا و روسيا الى التفكير في احتواء هذه الازمة و هذه ربما يؤدي الى اقتراب وجهات النظر الايرانية و السعودية من بعضهما البعض.
المصدر / الوقت