عندما يتحول نزلاء السجون الامريكية الى عناصر في “داعش”
كانت الافلام الهوليوودية الامريكية تصور لسنوات عديدة قصص سجناء اذكياء استخدمتهم السلطات الامريكية لتنفيذ مهام خاصة مقابل اطلاق سراحهم و قد رأى العالم ان الامر لم يكن مجرد افلام و ان السلطات الامريكية قامت بالفعل بتدريب ارهابيين في السجون و ارسالهم الى مناطق بعيدة مثل الشرق الاوسط للاستفادة منهم.
أين تكونت نواة داعش؟
ان نواة تنظيم داعش الارهابي التكفيري قد تكونت في سجن بوكا في جنوبي العراق تحت اشراف امريكي اثناء احتلال هذا البلد، و يقول احد قادة داعش الحاليين و يدعى “ابو احمد” ان بوكا الواقع وسط صحراء جنوبي العراق كان مكانا مناسبا لبلورة ايديولوجيتنا و قد سجن فيه مئة الف شخص خلال ٦ سنوات و كان من بين هؤلاء ابو مصعب الزرقاوي لكن ابوبكر البغدادي هو اكثر تعطشا للدماء من الزرقاوي و اكثر اجراما و ان البعثيين قد قرروا في سجن بوكا ان ينضموا الى داعش.
ويقول السجناء السابقون في بوكا ان هذا السجن كان مدرسة كبيرة للارهابيين و مكانا مناسبا لنمو القاعدة و ان المتطرفين قد نفذوا قوانينهم التي سموها بـ”الشريعة” في ذلك السجن و عرضوا هذه القوانين على الكثير من الاشخاص الذين انضموا الى داعش في وقت لاحق.
لم يكن معتقل بوكا، الذي يعتبر أحد أسوأ و أبشع ٣ سجون أمريكية في العالم، سجنًا عاديًا بل كان مدرسة ضمت تشكيلة متنوعة من الأفكار و المواهب و الطاقات العراقية، فقد كان نزلاء المعتقل ضباطًا في الجيش و المخابرات و جهاز الأمن الوطني، عناصر و موظفي منظومة التصنيع العسكري العراقي، موظفي منشأة تموز النووية، وعلماء و خبراء عراقيين بارزين، إضافة إلى أعضاء حزب البعث العراقي و عناصر المقاومة العراقية الوطنية الرافضين للاحتلال بالكلمة أو السلاح ثم سرعان ما اُضيف إليهم عشرات المعتقلين الجهاديين من تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية المقاتلة في العراق وقتها.
بعد إجلائها للسجناء من سجن أبو غريب، فتحت القيادة الأمريكية أول جامعة جهادية في العراق ربما يفوق المدرِسون فيها نظراءهم في جامعة هارفارد، و لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية تعلم بأن هذه الجامعة سيتخرج منها أخطر رجل في العالم “أبو بكر البغدادي”.
العناصر الرئيسيين الذين اصبحوا قادة داعش
لقد امضى ٩ من قادة داعش الكبار فترة من فترات حياتهم في سجن بوكا و ان احد هؤلاء هو ابوبكر البغدادي الذي نال شهادة الدكتوراه في العلوم الاسلامية من جامعة بغداد و كان استاذا في جامعة تكريت (مسقط رأس صدام) وقد كان من نزلاء سجن بوكا بين عامي ٢٠٠٤ و ٢٠٠٦ الى جانب أخطر ضباط الحرس الجمهوري و العناصر التكفيرية و قد تأثر بأفكار هؤلاء بشكل كبير.
ويقول احد السجناء السابقين في سجن بوكا ان الامريكيين كانوا يستفيدون من ابوبكر البغدادي لحل النزاعات و الخلافات داخل السجن و الحفاظ على الهدوء وانهم كانوا يحترمون البغدادي و عندما ايقنوا انه لايشكل خطرا عليهم اطلقوا سراحه.
وقد نشرت شبكة سي بي سي نيوز الامريكية صورة عن البغدادي في سجن بوكا وهذا يثبت ان الامريكيين الذين كانوا يدعون بأنهم لايعرفون زعيم داعش و لايملكون معلومات عنه كانوا في الحقيقة يعرفونه حق المعرفة و يملكون صورا و معلومات دقيقة عنه.
وقد استشرى هذا الفكر الامريكي التدميري الى الدول الاخرى حيث نرى ان الكثيرين ممن يسجنون في الدول الغربية ينضمون الى تنظيم داعش الارهابي فور اطلاق سراحهم كما ان هؤلاء السجناء يفرج عنهم وسط اعتراض الشعوب لكن الحكومات الغربية تطمئن شعوبها بان هؤلاء لايشكلون خطرا.
استراتيجية استقطاب المجريمن
ان الاشخاص المجرمين و المتوحشين في ذاتهم ينظمون شيئا فشيئا الى الجماعات المجرمة و الخطيرة الموجودة في مناطقهم و قد تحول تنظيم داعش الارهابي الذي يعتبر من اكثر الجماعات توحشا الى محل استقطاب للمجرمين لكي يأتوا و يمارسوا اعمالهم الاجرامية بكل سهولة لكن الشيء المؤسف و المؤلم هو ان هؤلاء المجرمين الذين كانوا ملاحقين في يوم من الايام من قبل الحكومات و الدول قد استطاعوا بكل سهولة ان يسافروا الى العراق و سوريا و ان الدول الغربية و حلفائهم لم يعودوا يلاحقون هؤلاء.
و على سبيل المثال يمكن الاشارة الى سامنتا لوثويت التي تعتبر اكثر النساء اجراما و التي تدرب الانتحاريين في سوريا، فهذه المرأة التي لديها فريق اعلامي خاص يعاونها في استقطاب و جذب الانتحاريين هي بريطانية الجنسية و ان اجهزة الاستخبارات الغربية و الامريكية كانت تبحث عنها لثلاثة سنوات فكيف استطاعت الوصول بسهولة الى سوريا؟
ان امريكا التي فتحت المجال لانضمام الارهابيين الى داعش بعد اطلاقهم من السجون و اطلقت يدهم في ارتكاب المجازر بحق الابرياء العزل في منطقتنا، لاتعتبر فقط شريكة مباشرة في جرائم هؤلاء الارهابيين بل ان الارهابيين قد نمو و وصلوا الى ما وصلوا اليه الان بتخطيط المخابرات الامريكية و الغربية.
المصدر / الوقت