تحالف الاسلامي العربي ضد الارهاب… دعاية اعلانية جديدة
لقد اعتاد القارئ العربي على المواقف الغير اعتيادية في السياسة السعودية الحالية في العراق و سوريا. فبعد مؤتمر الدوحة الذي جمع “أطيافاً سورية” تحت مسمى المعارضة السورية المعتدلة التي كانت تضم عدداً من ممثلي بعض الجماعات الارهابية كأحرار الشام و غيرها من المنظمات الارهابية. ها هي اليوم تشكل تحالفاً اسلامي و عربي عسكري خلال 72 ساعة الماضية لمحاربة الارهاب في سوريا و العراق، حيث يضم التحالف 35 دولة على أن تكون غرفة عمليات مشتركة للتحالف في العاصمة الرياض تحدد لاحقاً. في هذا المجال تطرح أسئلة كثيرة حول هذا الموضوع و أهمها من أتت هذه الفكرة؟ و ما هو الغرض منها؟
الدول المشاركة في التحالف، هي السعودية، و تركيا، و مصر، و قطر، و لبنان، و الإمارات، و باكستان، و الأردن، و البحرين، و الكويت، و اليمن، و تونس، و المغرب، و السودان، و فلسطين، و ليبيا، و كوت دي فوار، والسنغال، و بنغلادش، و بنين، و تشاد، و توغو، و جيبوتي، و سيراليون، و الصومال، و الغابون، و غينيا، و جمهورية القمر، و المالديف، و مالي، و ماليزيا، و موريتانيا، و النيجر، و نيجيريا، و أوغندا. و تغيب عنه كل من ايران و العراق و سلطنة عمان الامر الذي يضع علامات استفهام كبيرة بعد استبعاد هذه الدول من هذا التحالف.
و يأتي اعلان هذا التحالف و بهذه السرعة بعد مطالبة الرئيس الأميركي، “باراك اوباما” حلفاءه في الشرق الأوسط إلى فعل المزيد في مواجهة تنظيم «داعش»، مشيراً بذلك (بحسب صحيفة «نيويورك تايمز») إلى خيبة أمل متزايدة ضمن الإدارة الأميركية لناحية أنّ السعودية و دولاً أخرى في الشرق الأوسط لم تقدم الدعم لواشنطن بعد، لتشكيل قوة قادرة على التحرك في سوريا لمواجهة التنظيم.
و قال “أوباما”، بعد لقائه مساء أمس عدداً من كبار المستشارين في المجال العسكري والأمن القومي؛ إنّ بلاده تقدّم المزيد «مثل حلفائها، و فرنسا، و ألمانيا، و بريطانيا، و أوستراليا، وإيطاليا»، من دون أن يشير إلى الحلفاء الشرق أوسطيين ضمن الائتلاف الدولي الذي تقوده بلاده في سوريا والعراق. و قال إنه لهذا السبب “طلبت من وزير الدفاع آشتون كارتر التوجه إلى الشرق الأوسط للعمل مع شركائنا في الائتلاف على تأمين مزيد من المساهمة العسكرية”.
و في نفس السياق شككت روسيا بطبيعة و اهداف التحالف ضد الارهاب الذي أعلنت السعودية عن تشكيله في ظل عدم وجود ايران و العراق فيه. و لم يقدم الكرملين تقييما لهذا التحالف العسكري الذي شكلته السعودية، رغم التأكيد على إيجابية توحيد الجهود في محاربة الإرهاب. و قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية “لم تتوفر بعد لدينا المعلومات التفصيلية التي نحتاجها، أي ممن يتشكل التحالف؟ وما هي أهدافه؟ و بأي شكل سيحارب الإرهاب؟”.
وفي سياق متصل أكد المغرد السعودي الشهير “مجتهد” أن التحالف الذي زعمت الرياض تشكيله بهدف محاربة الإرهاب لن يتعدى كونه تفاهماً شفوياً مع مسؤولين في الدول المذكورة؛ واصفاً إياه بالحركة الاستعراضية البائسة المستميتة من قبل محمد بن سلمان لإرضاء الغرب في إثبات أنه الأقدر في الانتصار على الإرهاب من محمد بن نايف.
و أشار “مجتهد” إلى أن الحلف المزعوم الذي أعلنه محمد بن سلمان لا يشتمل على أي ترتيب عملي و لا قوات مشتركة و لا تنسيق عسكري و لا دستور إداري ولا لائحة تنظيمية، كما “لا يشتمل على الحد الأدنى من طبيعة الأحلاف، و منها تحديد هدف قابل للقياس، و تعريف الحليف والعدو، و تعريف التصرف المحتمل و غير المحتمل، الخ. وبين أن ماحصل ليس إلا تفاهماً شفوياً مع مسؤولين في الدول المذكورة حول محاربة “الإرهاب”، مبيناً أنه لن يزيد شيئاً عن التنسيق الاستخباراتي والسياسي الذي تقوده أميركا.
اذاً يمكن اعتبار هذا التحالف مجرد دعاية اعلانية لتحسين صورة السعودية على أنها دولة تعمل من أجل مكافحة الارهاب، فيما الواقع عكس ذلك، فهي تقود اليوم عدواناً عسكرياً على الشعب اليمني المسلم، مما أدّى إلى إستشهاد الآلاف من الأبرياء، فضلاً عن إتهام العديد من المنظمات الحقوقية و الدولية للرياض بدعم التنظيمات الإرهابية و تمويلها في سوريا و العراق ، و كذلك قمع الحريات في الداخل السعودي و بعض البلدان المجاورة التي تدين بالولاء للرياض. هذا ولم تقدّم السلطات السعودية للشعب الفلسطيني و قضيته أي دعم يذكر، بل حصل في الآونة الأخيرة لقاءات عدّة جمعت بين قياديين سعوديين و إسرائيليين.
المصدر / الوقت