السيناريوهات المحتملة لمستقبل “داعش” في المنطقة
عند الحديث عن تنظيم “داعش” تقفز أمامنا عدّة إفتراضات و سناريوهات محتملة بشأن مستقبل هذه الجماعة الإرهابية في ظل المتغيرات العسكرية و السياسية و الأمنية التي تشهدها المنطقة.
وبحسب معظم المراقبين هناك أربعة إحتمالات مفترضة لرسم صورة عن مستقبل هذا التنظيم المتطرف يمكن إجمالها على النحو التالي:
1 – إستمراره في إحتلال بعض المناطق التي سيطر عليها في وقت سابق لاسيما في العراق و سوريا رغم الخسائر والهزائم التي يمنى بها بين الحين و الآخر على يد القوات الحكومية و الشعبية في هذين البلدين.
2 – تمكنه من تشكيل حكومة في المناطق التي يحتلها رغم إفتقاره للتأييد الإعلامي الدولي و الإقليمي بسبب الجرائم البشعة التي يرتكبها عناصره بحق المدنيين العزل و تصرفاته الهمجية ضد كل ما هو إنساني و متحضر كتدمير دور العبادة و الأماكن الأثرية بذرائع واهية ترفضها جميع الشرائع السماوية و القوانين الدولية.
3 – إستمراره بالتنقل عبر الدول لتنفيذ هجمات إرهابية و السعي لتجنيد عناصر جديدة من مواطني هذه الدول كما يحصل الآن في ليبيا و تونس و دول أفريقية أخرى.
4 – توسيع نطاق هجماته من خلال ضم تنظيمات إرهابية أخرى الى صفوفه للتعويض عن خسائره وهزائمه المتكررة والتي كان آخرها في مدينة ومصفى بيجي جنوبي محافظة الموصل شمال العراق و مدينة تدمر والمعالم الأثرية المحيطة بها في محافظة حمص وسط سوريا.
هذه السيناريوهات المفترضة تضعنا أمام عدّة تساؤلات حول طبيعة المرحلة القادمة التي ستشهدها المنطقة و شكل التحديات التي ستتمخض عنها في حال تمكن “داعش” من الإستمرار في إحتلاله للمناطق التي تقع الآن تحت سيطرته و إعلان حكومته “دولة الخلافة المزعومة” مع إمكانية اصطفافه مع تنظيمات إرهابية أخرى و التنقل عبر الدول لتوسيع نطاق هجماته.
للإجابة عن هذه التساؤلات لابد من الاستعانة بالمعطيات المتاحة و ترجيح إحدى السناريوهات الآنفة الذكر تبعاً للتداعيات التي ستفرزها هذه المعطيات على المدى المنظور مع الأخذ بنظر الإعتبار العوامل الأخرى المؤثرة في تحديد مسار الصراع في المنطقة، و هو دون أدنى شك صراع يشمل كافة التحركات العسكرية و الأمنية و الفكرية و الاعلامية و الاقتصادية، و التي تتأثر بشكل مباشر و غير مباشر و بدرجات متفاوتة بأهداف و مصالح و إستراتيجيات الأطراف الإقليمية و الدولية الفاعلة في الساحة.
في طليعة هذه المعطيات طبيعة الأهداف التي يسعى “داعش” الى تحقيقها مقارنة مع الجماعات الإرهابية الأخرى لاسيما تنظيم “القاعدة” الذي خسر الكثير من مواقعه و انحسر دوره بشكل كامل في العراق خلال السنوات الأخيرة و فقد معظم قيادية في دول أخرى لا سيما أفغانستان.
و في مقدمة هذه الأهداف إقامة ما يسمى “دولة الخلافة الاسلامية” على أراضي شاسعة في العراق و سوريا وبلدان أخرى في المنطقة، وهذا بتعبير آخر يعني أن “داعش” يتبنى مشروعاً أوسع نطاقاً من التنظيمات الإرهابية الأخرى، وبالتالي فإن تحركاته لن تقتصر على منطقة أو دولة معينة، بل يسعى لمد نفوذه الى دول و مناطق أخرى في العالم. من هنا يُرجح المراقبون أن يوسع هذا التنظيم نطاق عملياته الإرهابية إعتماداً على ما حققه على أرض الواقع و إستيلائه على أسلحة و موارد مالية ضخمة من خلال تهريب النفط و بيع الآثار و غيرها بالاضافة الى الدعم المالي و التسليحي و اللوجستي الكبير الذي يتلقاه من دول كثيرة في مقدمتها قطر و السعودية وتركيا.
و الأخطر من كل هذا هو النزعة التكفيرية التي يسعى هذا التنظيم المتطرف الى تعميقها و نشرها باسم الدين و بدعم واضح من أنصار التيار الوهابي السلفي. و لهذا بات من الضروري جداً رص الصفوف لإلحاق الهزيمة العسكرية به من جانب، و مواجهة أفكاره الشاذة و المنحرفة و فضحها أمام الرأي العام العالمي من جانب آخر، دفاعاً عن القيم الإنسانية و المبادئ والأهداف الاسلامية الناصعة التي يحاول هذا التنظيم إستغلالها لتشويه صورة الدين الحنيف.
المصدر / الوقت