أهداف التوغل التركي في شمال العراق
شهدت الاوضاع الجارية في شمالي العراق و كذلك شمالي سوريا تطورات متسارعة خلال الفترة الاخيرة ينبغي الوقوف عندها لمعرفة اسباب تحرك الجماعات الكردية و كذلك تحركات الجيش التركي و اهداف انقرة من السعي لرسم مسار الاحداث في تلك المناطق.
لقد اجرى المجلس الوطني للاكراد (الاحزاب الكردية السورية المنتمية لتيار بارزاني في اقليم كردستان العراق) انتخابات بين 30 يونيو و الاول من يوليو عام 2015 لاختيار مجلس جديد في مدينة القامشلي في محافظة الحسكة السورية و قد قرر هذا المجلس تكوين جماعة مسلحة من اكراد سوريا في اقليم كردستان يعمل تحت اشراف المجلس الوطني لاكراد سوريا و قد سميت هذه الجماعة بالبيشمركة “روج افا” التي تتبع قرارات اقليم كردستان العراق برئاسة مسعود بارزاني و بعد ذلك اعلن عن احتمال دخول هؤلاء الى سوريا و حينها تحدثت اوساط كردية ان هناك من يطالب بتدريب جماعة “روج افا” من قبل الامريكيين و ان دخول هؤلاء الى الاراضي السورية هو من اجل الضغط على وحدات الدفاع الكردية و هي الفرع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني.
و من جانب آخر دخلت القوات التركية في الرابع من ديسمبر 2015 الى شمال العراق و تحديدا في محافظة نينوى دون اذن السلطات المركزية العراقية و ذلك في انتهاك للسيادة العراقية و خرق لقواعد حسن الجوار، و قد اعلنت الحكومة التركية ان هذه القوات قد دخلت العراق من اجل تدريب قوات البيشمركة الكردية في معسكر البعشيقة و قال رئيس الوزراء التركي ان تركيا لاتنوي احتلال اي جزء من الاراضي العراقية و انها تريد مساعدة العراق في الحرب ضد تنظيم داعش بالاضافة الى مواجهة حزب العمال الكردستاني.
و كانت العلاقات بين العراق و تركيا قد شهدت توترا في وقت سابق و تحديدا في الثاني من اكتوبر عام 2012 حينما طلبت الحكومة التركية من البرلمان التركي اذنا بدخول الاراضي العراقية من اجل مهاجمة حزب العمال الكردستاني لكن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد اعلن في 18 اكتوبر 2014 ان العراق لن يسمح بدخول اية قوات اجنبية الى اراضيه حتى من اجل محاربة داعش قائلا ان السماح بطائرات التحالف الدولي بالدخول الى الاجواء العراقية لضرب داعش هو ايضا بسبب الظروف الطارئة.
ان القوات التركية كانت قد دخلت العراق في الماضي بعد اتفاق شفهي بين صدام و الحكومة التركية و مسعود بارزاني في عام 1995 لملاحقة حزب العمال الكردستاني و قد اقامت تركيا معسكرا في منطقة بامرني (45 كيلومترا شمال دهوك) بالاضافة الى 3 معسكرات صغيرة اخرى في ديريلوك و كانيماسي و سيرسي و كلها داخل الاراضي العراقية بالقرب من الحدود التركية و قد نشرت تركيا نحو 100 دبابة في تلك المعسكرات لكن في عام 2008 اعلن رئيس وزراء كردستان العراق “نجيرفان بارزاني” ان القوات التركية موجودة في شمال العراق بالاتفاق مع مسؤولي اقليم كردستان.
و من المعروف ان حزب مسعود بارزاني و الحكومة التركية كانت لديهما مصالح مشتركة دوما لضرب حزب العمال الكردستاني الذي يعادي تركيا و يعادي بارزاني ايضا، و من جهة اخرى هناك الان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني السوري الذي يعتبر فرعا لحزب العمال الكردستاني و الذي اقام 3 كانتونات كردية في شمال سوريا و هو يعتبر ايضا عدوا لحزب بارزاني و الحكومة التركية، و بعد وقف العمليات الامريكية في سوريا تعتبر هذه الوحدات الكردية من شركاء الامريكيين و في نفس الوقت تتلقى دعما تسليحيا و مخابراتيا من الحكومة السورية كما سافر مندوب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في دمشق في التاسع من اكتوبر عام 2015 الى اللاذقية للتفاوض مع الروس من اجل التعاون ضد تنظيم داعش.
وهكذا بدا واضحا ان الحكومة التركية و اقليم كردستان العراق هما في صدد تغيير موازين القوى ضد حزب العمال الكردستاني و فرعه السوري و تنفيذ مشروع مشترك في العراق و سوريا كان قد بدا في عام 1984 و تسارع تنفيذه في عام 2013 و استمر حتى الان باساليب و طرق مختلفة.
المصدر / الوقت