التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

امريكا و السعودية: اتفاق على الإستراتيجية و اختلاف حول آلية التنفيذ 

لم يعد خافياً الخلافات الأمريكية السعودية، و إن كان الجانبيين رسمياً لم يفصحا عن ذلك إلا أن الوقائع العملانية على الأرض و المخططات التي يعمل عليها كل منهما و إن اتفقت في المبدئ إلا أنها تختلف في الآلية و الإسلوب، فمن مصر و التي يتفق الجانبيين على ايجاد نظام موالي فيها يحمي الكيان الإسرائيلي من جهة و لا يخرج عن آلية الحكم التي تتبعها الدول الخليجية من جهة أخرى، إلا أن الخلاف فيها يأتي نظراً لدعم النظام السعودي تحرك الـ 30 يونيو، بالإضافة لإعلانها تعويض أي نقص قد يتسبب فيه قطع المعونة الأمريكية عن مصر. كما أن قلق النظام السعودي من أي تقارب مع ايران تخوفاً من نقل الفكر الديمقراطي الى باقي البلدان، إلا الملف السوري الذي شكل انعطافة اساسية في العلاقات الأمريكية السعودية بسبب الرؤية الأمريكية حيال الملف السوري، كما أن لجوء امريكا مؤخراً بالإنتاج و الإعتماد على مصادر الطاقة الخاصة بها و تقليل الاستيراد من الشرق الأوسط مضافا إلى التطلع أكثر نحو القارة الأفريقية، عوامل مجتمعة ساهمت في إحداث فجوة بين البلدين، هذا و يعد الإختلاف حول الوضع العراقي عامل أساسياً في توسيع دائرة الفجوة هذه.

استراتيجية واحدة و آلية التطبيق مختلفة
في الملف العراقي تتوافق الاستراتيجية بين امريكا و النظام السعودي الحاكم على اضعاف الدولة فيه من خلال خلق المشكلات له تبعاً، و تهيئة الظروف نحو الذهاب الى واقع يؤدي إلى تقسيم العراق لدويلات، يضاف إلى ذلك العمل على ابعاد العراق عن علاقاته البناءة مع دول الجوار و بالتحديد مع الجمهورية الإسلامية الايرانية، اذن الخلاف بينهما ليس على الإستراتيجية فيه و إنما على آلية التطبيق. أمريكا تعتقد أن الوسيلة لتحقيق أهدافها في العراق يكون بإستخدام الوسائل السلمية فيما تعتقد السعودية بأن الأعمال الأمنية و نقل الواقع السوري إليه هو الطريق لتحقيق الهدف. أمريكا تعتقد أنها بالضغوط التي مارستها على حكومة المالكي و التي رشح عنها فيما بعد إقالته كانت الخطوة الأولى نحو تحقيق استراتيجيتها على الساحة العراقية، وهي تعمل اليوم على دعم الجميع لمكافحة جماعاتها صاحبة الفكر التدميري، هي من خلال دعمها ترسم خططتها من المرحلة الثانية والتي تقتضي بإيجاد حشد سني وأخر كردي بناء على رؤيتها من أن الحشد الشعبي هو حشد شيعي وإن اختلفت مذاهب و طوائف المنتميين إليه، بالإنطلاق من المرحلة الثانية تعتقد أمريكا و من خلال فتح باب الدعم المستقل للحشد السني و الكردي بعيداً عن الحكومة المركزية يمكن تحقيق الهدف و رسم طابع الإستقلالية لدى ابناء الشعب العراقي من جهة و الإحساس بالقوة من جهة أخرى كمقدمة للتقسيم.
النظام السعودي الحاكم يختلف في آلية تطبيقه للإستراتيجية عن أمريكا، فهو يعتمد على الطابع الأمني المشابه للذي انتهجه في سوريا، فهو زاد من دعمه المادي و اللوجستي لجماعات الغرب الإستعماري حتى دخلت القسم الشمالي من العراق، و هو عمل من خلال أدواته المنتشرة على الساحة العراقية لتحريك المظاهرات في القسم الجنوبي بطابع مطالب محقة و لكن الهدف منها مزيف، و إن كانت هذه الخطوة قد فشلت إلا أن مسلسل السيارات المفخخة في الأحياء و الأسواق و أمام المساجد كان ضمن السلسلة التي استخدمها النظام السعودي الحاكم لكنه فشل أيضاً. طبعاً لا يعني ما تقدم أن أمريكا ليست شريكة في المنهجية و الآلية السعودية المتبعة، لكن الفرق في أن أمريكا ترى في العمل الأمني كمقدمة أولى يمكن الإستفادة منها فيما بعد لممارسة ضغوط على الشعب العراقي و حكومته، أما السعودية فترى بالعمل و المنهجية الأمنية الواقع الذي يجب أن يكون عليه العراق لضرب أي توجه عراقي لبناء دولة قوية ذات علاقات مع محيطه.
لطالما بني القلق السعودي حيال العراق من أن تلعب دوراً اقليمياً تصبح فيه المنافس لها، هذا و القلق من طبيعة نظام الحكم فيه، لذلك تظل هذه العلاقة غير محكومة بالمصالح كما هو حال العلاقات ما بين الدول كما هو معتاد. ينبغي الأخذ بعين الإعتبار أيضاً من إن السياسة الخارجية للسعودية لا تخضع الى معايير المصلحة السعودية الصرف، بل هي تتأثر تماماً بطبيعة الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، و لذلك نلحظ توافقها الدائم مع توجهات السياسة الأميركية و الغربية ازاء دول المنطقة بشكل عام، و لكنها تختلف في كثير من الأحيان حول آلية التنفيذ بسبب التخوف السعودي من كونه نظام عائلي حاكم ضعيف له علاقات مع دول قوية كأمريكا لها هيمنتها، و لذلك يبرز التخوف من أن تكون ورقة يمكن المساومة عليها و تصبح في حسابات الصراع. كما أن الفكر الوهابي المتطرف يصوب النظام السعودي نحو تنفيذ اجندته الخارجية بالآلية التي نراها متبعة حيال العراق و سوريا كنموذج.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق