التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

هل تعود تركيا الى أحضان الكيان الاسرائيلي؟ 

عزلة دولية تعيشها تركيا بسبب سياسة أردوغان المتهورة في المنطقة، فبعد دخول الأخير في أتون الحرب في سوريا والعراق عبر دعمه المجموعات الارهابية كداعش والنصرة، واسقاط الطائرة الروسية والاستفزازات للعراق عبر دخوله أراضيه دون أخذ الموافقة، يحاول أردوغان جاهداً للخروج من هذه العزلة، فلم يجد سوى “مغازلة” تل أبيب، سبيلاً لذلك. فعض على جراح “مرمرة” والضحايا الذين سقطوا خلال مداهمة القوات الاسرائيلية للسفينة وأخذ يتكلم عن التطبيع مع الکيان الاسرائيلي. فما هي أسباب هذا التقارب المفاجئ؟ وهل سيقبل الكيان الاسرائيلي عرض أردوغان؟
شهدت العلاقات التركية ـ الإسرائيلية حالة من التقارب منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي عام ١٩٤٨، فعلى مدار تلك السنوات كانت المصلحة هي الركيزة الأساسية لهذه العلاقات فتركيا من ناحية تبنت النهج العلماني وحاولت التخلص من إرث الإمبراطورية العثمانية ومن ثم اختارت طريق الاتحاد الأوروبي ومحاولة الانضمام له، ووجدت في العلاقات مع الكيان الإسرائيلي ما يمكن أن يمثل جسرًا لها للاتحاد الأوروبي وأمريکا ومن ناحية أخرى حاول الكيان الإسرائيلي استخدام تحالفه مع تركيا كفزاعة في مواجهة الدول العربية والاسلامية وخاصة سوريا والعراق وايران التي لطالما كانت علاقاتهم متوترة مع أنقرة.
ولكن بعد حادثة اسطول الحرية، وصلت علاقات الكيان الإسرائيلي بتركيا في منتصف عام ٢٠١٠، إلى حضيض لم يسبق له مثيل . وهي حادثة ٣١ أيار ٢٠١٠، عندما أخضع الجيش الإسرائيلي مقاومين أتراك على متن سفينة تركية أرادت خرق الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
أما اليوم ها هو أردوغان يعود من جديد ويعلن أنه يريد التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن المنطقة بأكملها ستحقق مكاسب كثيرة من تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، لافتا إلى إمكانية تطبيع تركيا للعلاقات مع الكيان. ونقلت وسائل الإعلام التركية عن أردوغان قوله للصحفيين خلال رحلة عودته من زيارة إلى تركمنستان إن “تطبيع العلاقات مع إسرائيل أمر ممكن إذا تمكن الطرفان من التوصل لاتفاق” وأضاف الرئيس التركي أن “هناك الكثير من المكاسب يمكن للمنطقة أن تحققها من عملية التطبيع هذه”. فما هي المكاسب التي يتحدث عنها أردوغان؟
مكاسب اقتصادية وانهاء العزلة
١-على ما يبدو فإن مشكلة العزلة ليست هي الهم الوحيد لأردوغان فالأخير يتخوف من توطيد العلاقات بين الكيان الإسرائيلي واليونان وقبرص، وتحديداً فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية ومشروع توريد الغاز إلى أوروبا عبر هاتين الدولتين، فقد أعلن ديوان رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، توطيد العلاقات مع اليونان وقبرص. بيان ديوان نتنياهو أشار إلى أن تل أبيب ستستقبل، رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، ووفداً وزارياً يونانياً كبيراً. وسيناقش الطرفان “قضايا تتعلق بالتعاون بين البلدين في مجالات الأمن والطاقة والسياحة”، وأضاف البيان، أنّ “لقاء ثلاثياً سيجمع في قبرص، مع بداية العام المقبل، رئيس الوزراء الإسرائيلي و(نظيره) اليوناني، إضافةً إلى الرئيس القبرصي نيكوس أنستاسيادس”، حيث ستناقش القضايا ذات الاهتمام المشترك للأطراف الثلاثة.
٢- العقوبات الاقتصادية التي فرضتها روسيا على تركيا بعد اسقاط الأخيرة القاذفة الروسية في روسيا، وأيضا سوء العلاقة مع ايران والعراق، دفعها الى الطموح في تفعيل العلاقات الاقتصادية مع الكيان الاسرائيلي.
الرد الاسرائيلي على تصريحات أردوغان
الجانب الإسرائيلي تجاهل “الحرارة” التركية ببرودة ملفتة، وسط تحميل أردوغان مسؤولية تدهور العلاقات بين الجانبين وردّ الکيان الاسرائيلي، أمس، ببرودة لافتة على مغازلة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي دعا في حديثه، أوّل من أمس، إلى ضرورة تحسين العلاقات البينية، ولكن دعوته لم تجد صدى إيجابياً لدى المسؤولين الإسرائيليين، الذين ردّوا تصريحاته إلى العزلة الدولية والضائقة التي تعيشهما أنقرة، بسبب السياسات الخارجية التي ينتهجها الرئيس التركي وحكومة حزب العدالة والتنمية.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي، لصحيفة معاريف، “إنّ إسرائيل لن تهتم بمغازلة أردوغان الجديدة، وشروطه لتحسين العلاقات، برفع الحصار عن قطاع غزة، وهو أمرٌ غير وارد في الحسابات الإسرائيلية”.
وعبّر وزير الطاقة في الكيان الإسرائيلي، يوفال شطاينيتس، عن اعتقاده بأن التصريحات الصادرة عن أردوغان، ورغبته في تحسين العلاقات مع الكيان، نابعة عن أسباب عدة، من بينها “التطور الأخير على خطة الغاز الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة”، في حين رأى المدير العام لوزارة الخارجية في الكيان الإسرائيلي، دوري غولد، أن “إسرائيل تطلعت دائماً إلى علاقات مستقرة مع تركيا، وهي تبحث طوال الوقت في السبل والوسائل للتوصل إلى ذلك”.
ونقلت صحيفة “معاريف” عن مسؤولٍ إسرائيلي قوله إن “الكرة كانت ولا تزال في ملعب أردوغان، وهي بالتأكيد ليست في ملعبنا”، لافتاً إلى أن “مغازلة أردوغان سببها العزلة الدولية التي يشعر بها، خاصة بعد تدهور العلاقات مع الجانب الروسي”، بعد إسقاط الطائرة الروسية في سوريا. وأضاف أنّ “هذا هو السبب الدافع لأردوغان إلى ترميم العلاقات مع إسرائيل”.
اذاً، العنوان المجمع عليه هو أن السياسة الخارجية التركية أدخلت تركيا في عزلة سياسية واقتصادية عن جميع جيرانها، وباتت في وضع غير مسبوق حتى في ذروة الحرب الباردة. ولم يكتف المسؤولون الأتراك بنهج سياسات منحازة كانت السبب في هذه العزلة، بل إن اندفاعهم في الاصطفاف الإقليمي والدولي، أوقعهم في تناقضات وأخطاء لا يُحسدون عليها. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: تركيا الى أين؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق