حلف الأنظمة الحاكمة بوجه من؟ وخدمة لمن؟ وما هي طبيعته وظروف نشأته؟
ليس من المفاجئ كثيراً اعلان النظام السعودي الحاكم عن تشكيله حلفاً عسكرياً جديداً، فهذا الحلف سبقه وفي أقل من سنة تشكيل حلفين. الحلف الجديد يضم ٣٤ دولة بعض منها لا علم لها حتى الان وأخرى تم إخبارها هاتفياً، بعض الأنظمة الحاكمة التي انضمت إلى الحلف هي الامارات والسعودية وقطر ومصر وتركيا وغيرهم، معالم التحالف هذا لم تتضح بعد بما فيه الكفاية وهل أن كل الأنظمة المشاركة في هذا الحلف سيكون لها فعالية أم لا؟ ما سنحاول عرضه في هذا المقال بعض من النقاط التي تختصر الظروف المحيطة بانشاء هذا الحلف وبالتالي المخطط المرسوم له.
أولاً: التطورات الإقليمية والدولية التي القت بثقلها مؤخراً على الساحة السياسية، هذه التطورات التي تمثلت بظهور ما صار يعرف بجماعات الغرب الإستعماري المدعوم من قبل بعض الأنظمة العربية الحاكمة، والتهديدات التي صارت تشكلها على تلك الأنظمة نفسها، الى التراجع والضعف في السياسة الأمريكية وتبدل الإستراتيجية والمصالح لديها، إلى الإتفاق النووي الأخير، ناهيك عن الضربة القاسمة التي لحقت بالنظام السعودي الحاكم بعد عدوانها على اليمن، كلها عوامل القت بثقلها وجعلت هذه الأنظمة تستشعر الخطر في الحفاظ على نفسها من جهة، وهي دفعت السعودية لتشكيل هذا الحلف كما الحلفين اللذين سبقاه لجس نبض الأنظمة الأخرى المشاركة معها في نفس السياسة والنهج المتبع على أنها هل لا زالت على نفس التوجهات السابقة أم أن المخاطر المحدقة واليقظة الشعبية ستبدل توجهاتها واستراتيجيتها، وعليه فمن غير المستبعد أن يلجأ النظام السعودي الى توظيف هذا الحلف وإن كان فارغاً في إعادة اعطاء الشرعية لعدوانه على اليمن وبالتالي استمراره.
ثانياً: الإرهاق والإستنزاف الذي اصاب امريكا في المنطقة والوضع الإقتصادي الذي فرض عليها تخفيف ميزانيتها العسكرية، امور تقرأها وتستشعرها بعض الأنظمة العربية الحاكمة التي قامت ونشأت بدعم امريكي وغربي، وأمام التحرك الروسي الأخير وفي ظل وجود سياسة ايرانية تحاكي النهج الشعبي وترفض وجود تدخلات خارجية في المنطقة من شأنها اعاقة العملية السياسية الديمقراطية، أمور مجتمعة ساهمت في توجه هذه الأنظمة لتحمل الجزء الأكبر من الناحية العسكرية لفرض واقعها على الشعوب وحفظ المصالح الأمريكية في مقابل تأييد امريكي والإسهام بإرسال خبراء عسكريين وعقد صفقات بيع أسلحة متطورة إليها. هذا الواقع قد يؤدي إلى ملخص نتاجه أن الحلف الأخير وما سبقه هو مقدمة لإنشاء حلف له تأثير فعلي شبيه لحلف الناتو من حيث الآلية والمهام، وليس مستبعداً أن تلجأ الأنظمة الحاكمة هذه مستقبلاً إلى اشراك بعض الجماعات صاحبة الفكر التدميري إلى حلفها لضمان فعالية أكثر لها على الساحة السورية والعراقية واليمنية، وتجميل الصورة القبيحة لها واعطائها طابع السلمية في تحركاتها، بل أن الأرجح والأقوى أن تكون نواة هذا الحلف عبارة عن هذه الجماعات التدميرية باعتبار أن الأنظمة الحاكمة ليست سوى الغذاء العسكري والمادي لها، فهي تتمتع بالهشاشة التامة في بنائها واستنجادها يرجع إلى الحماية الغربية لها، وبالتالي فهي فاقدة المقومات لبناء حلف من دون جماعات الغرب الاستعماري.
ثالثاً: إن هدف هذه الأنظمة وعلى رأسها النظام السعودي والتركي الحاكمين هو ايجاد شرخ طائفي ومذهبي في المنطقة، وبالتالي جعل الحلف كفزاعة بوجه شعوب المنطقة والحكومات التي لا تتوافق وسياستها، هذا الإستنتاج هو ما يستشف من حديث امريكا عن مباركتها لهذا الحلف باعتباره يتماشى مع سياستها في اشراك الأنظمة السنية في دور أكبر في محاربة الإرهاب بحسب ادعائها. طبعاً عند الحديث عن تبدل وتغيير في السياسة الأمريكية لا يعني ذلك أن فكرها وسياستها البغيضة قد فارق المنطقة، فهي من خلال الأنظمة التي ترعاها أولاً وجماعاتها صاحبة الفكر التدميري ثانياً قد أوجدت الحل الأمثل بالنسبة لها عن ارسال جيوشها مباشرة كما فعلت في السابق في العراق وأفغانستان. وعليه فهي تستفيد من هذه الأنظمة والجماعات في جعل المنطقة على هوة بركان إذا ما انفجر فإن أقل ما سيتركه هو دويلات منقسمة بعضها ضحية البعض الآخر.
الخلاصة: أخيراً وليس آخراً فلماذا مثل هكذا حلف لم يأت على ذكر فلسطين التي يتعرض أهلها لأبشع المجازر على يد الکيان الاسرائيلي وتدنس مقدساته التي هي ملك لكل المسلمين وتغتصب أرضه، والسؤال الأهم لماذا كل هذه التحالفات لمواجهة الإرهاب، أليس من الأفضل أن تقوم هذه الأنظمة بالكف عن دعمها للإرهاب أولاً قبل محاربته، أوليس الأجدر أن تقوم هذه الأنظمة بالضغط على أمريكا المتراجعة عالمياً للكف عن دعمها السياسات الإرهابية التحريضية المذهبية.
المصدر / الوقت