الکيان الإسرائيلي من «نسر جارح في السماء» إلی «أرنب هارب علی الأرض»
لم يعد الجيش الإسرائيلي، ذلك الجيش الذي يمتلك تلك القوة المصطنعة التي كان يتمتع بها خلال العقود الماضية، ويستخدمها لقهر معظم الجيوش العربية، حيث كانت القوات الإسرائيلية في ذلك الزمان، تدعي أنه بامكانها هزيمة اقوی الجيوش العربية، خلال عدة أسابيع، ان لم تكن خلال عدة أيام.
لكن هذه المعادلة لم يكن بوسعها أن تستمر طويلا، حيث بدت تفقد لمعانها مع دخول «حزب الله» علی خط الصراع مع الكيان الإسرائيلي. حيث أن هذا الكيان بدأ يشعر بشيء من مرارة الهزيمة في صراعه مع العرب والمسلمين، رويدا رويدا. وسرعان ما تبدل حزب الله الی عدو شرس بالنسبة الی الكيان الإسرائيلي، يبدو أكثر شراسة وخطورة علی أمن تل أبيب، أكثر من اي جيش عربي آخر. وبعد أن حقق جنود حزب الله اولی انتصاراتهم في ميدان الصراع مع هذا الكيان خلال التسعينيات من القرن الماضي، فقد تمكن حزب الله أن يحقق انتصاره التاريخي في عام 2000 علی الغزاة الإسرائيليين، مما ارغمهم علی الخروج دون قيد او شرط من جنوب لبنان. ولم يكن ذلك الانتصار الذي تحقق في عام 2000، هو آخر انتصارات حزب الله علی جيش الكيان الإسرائيلي، بل كان مقدمة لانتصار أكبر واعظم بكثير، وهو الانتصار الالهي الذي أنجزه جنود حزب الله، في عام 2006، حيث اعتبره الكثير من الإسرائيليين والخبراء العسكريين المحايدين، بانه فاتحة نهاية وجود الكيان الإسرائيلي في المنطقة. إذن كيف هي قدرات حزب الله الیوم، وكيف سيتعامل مع الكيان الإسرائيلي، إذا ما اقتربت الساعة لبدء صراع آخر مع هذا الكيان؟
نعرف جيدا أن سلاح الجو الإسرائيلي كان يعتبر قوة الجيش الإسرائيلي من دون منازع في جميع حروبه مع الجيوش العربية وحزب الله، لكن علی ما يبدو فان هذا السلاح المدمر، قد خرج من اللعبة ولم يعد مجدياً بالنسبة للإسرائيليين لاضعاف العدو. حيث كان الجيش الإسرائيلي يعتمد بشكل أساسي في حروبه مع حزب الله علی سلاح الجو، بسبب تخوف الجنود الإسرائيليين من التقدم بريا نحو جبهات القتال التي يتواجد فيها عناصر حزب الله. لا نعلم هل أن حزب الله بات يمتلك صواريخ متطورة مضادة لاسقاط الطائرات الإسرائيلية المتطورة أم لا!، لكن الکثير من التقديرات ترجح إمتلاك حزب الله الكثير من الصواريخ المتطورة والمضادة للطيران الاسرائيلي. كما أن هنالك من يقول إن حزب الله كان منذ فترة طويلة ولعله حتی في حرب عام 2006، يمتلك سلاحاً متطوراً مضاداً لسلاح الجو الإسرائيلي، لكنه لم يستخدمه لاسباب لا يعلمها إلا القلة القليلة وذلك لـ «حاجة في نفس يعقوب».
واضافة الی السلاح المضاد للطيران والذي قلنا إنه من المحتمل أنه يوجد في جعبة حزب الله، فقد بات من المعلوم أن الحزب يمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ المتطورة التي تستطيع اصابة أهدافها بدقة متناهية في عمق الأراضي المحتلة. هذه الصواريخ وكما صرح بذلك السيد حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، بامكانها أن تشل المطارات والمؤانیء الإسرائيلية. حيث سيؤدي استخدام هذه الصواريخ من قبل حزب الله الی شلل تام في حركة الطائرات المدنية والعسكرية الإسرائيلية، فضلا عن توقف الصادرات والواردات من وإلی الكيان الإسرائيلي، وهذا بمعنی أدق، يعني توقف الحياة نهائيا في الأراضي المحتلة إذا ما بدأت الحرب القادمة بين حزب الله والكيان الإسرائيلي.
بالطبع فان الطيران الحربي الإسرائيلي سيواجه صعوبة بالغة إذا ما تم استهداف المطارات العسكرية من قبل حزب الله، ولهذا نجد الاسرائيليين يستعجلون في الحصول علی طائرات الـ «إف-35» أمريكية الصنع، والتي بوسعها الطيران عموديا دون الحاجة الی مساحات شاسعة من الأراضي. لكن ماذا بوسع هذه الطائرات أن تقدمه للكيان الإسرائيلي، غير تهديم البيوت، هذا إن لم يكن بالفعل لحزب الله سلاح لمواجهة مثل هذه الطائرات المتطورة التي من المقرر أن تقدمها أمريكا للكيان. لكن في المقابل يعلم الجميع أن حزب الله هو الحليف الاقرب لإيران كما هي الحال بالنسبة لسوريا، ولازلنا لا نعرف الكثير عما تملكه إيران من الاسلحة المتطورة حتی الیوم والتي زودت بها حزب الله، خاصة في مجال الجو، وما نعرفه أن إيران تمكنت في ديسمبر 2011، أن تنزل طائرة «آر كيو-170» المتطورة جدا والتي كانت يومها تعتبر ضمن قائمة فخر الصناعات الجوية الأمريكية، وبالمناسبة فان «آر كيو-170» هي مصنّعة من قبل شركة «لوكهيد مارتن»، وهي نفس الشركة التي تصنّع الیوم طائرة «إف-35». وبعد ذلك بفترة أعلنت إيران أنها تمكنت من اسقاط طائرة تجسس إسرائيلية لا يمكن رصدها عبر شاشة الرادارات، عندما كانت تنوي الاقتراب من محطة نطنز النووية. هذه القدرات الجوية الإيرانية ما هي إلا جزء يسير، من تلك التي تمتلكها طهران. إذن لم يكن من المستبعد أن طهران زودت حزب الله بالسلاح الجوي الذي يمكنه من إنزال أي طائرة إسرائيلية، حتی إذاما كانت من طراز «إف-35».
ووفق التقديرات الإسرائيلية فان حزب الله يمتلك 130 الف صاروخ، وسيطلق في الیوم الواحد 1000 صاروخ نحو المراكز الحيوية الإسرائيلية في أي حرب قادمة مع الكيان الإسرائيلي. وبما أن الطيران الحربي الإسرائيلي من المحتمل جدا أن يفقد تفوقه تماما، بل سيكون معدوم التأثير خلال معادلة الحرب القادمة مع حزب الله، فان تل أبيب باتت تغيّر استراتيجيتها من نسر جارح في السماء، الی أرنب خائف وهارب علی الارض. حيث يبدو انه لم يعد بوسع تل أبيب القيام بأي شيء في الوقت الراهن والمستقبل، سوى العمل علی نشر مزيد من أنظمة الدفاع الجوية، مثل منظومتي «القبة الحديدية» و«الصولجان السحري». إذن لا یسعنا إلا القول بان اسطورة «إسرائيل التي لا تقهر» تبخّرت ولم یبق منها شيء يذکر.
المصدر / الوقت