التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

سمير القنطار: عميد الأسرى .. والشهداء 

نعى “حزب الله” في بيان له اليوم الأحد عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية الأسير المحرر سمير القنطار إثر ضربة إسرائيلية إستهدفت الشهيد القنطار في أحد المباني السكنية في مدينة جرمانا بريف دمشق، فمن هو سمير القنطار؟
سمير المقاوم
ولد سمير عام ١٩٦٢ في بلدة عبيه وهي بلدة ذات موقع إستراتيجي هام يشرف على العاصمة بيروت، تلقى علومه الأولى في مدارس البلدة وتميز منذ صغره وبشهادة الكثير من رفاقه بشجاعة وحماس منقطع النظير ويروى أنه كان يضع تحت إحدى صوره عبارة “الشهيد سمير القنطار”.
يعتبر عميد الأسرى سمير القنطار من أبرز الشخصيات الدرزية المقاومة التي حاربت الكيان الإسرائيلي منذ نعومة أظفارها. كانت الشهادة أنشودة يغرد بها، وأمنية تتوق إليها نفسه، هو كما عرفه أقرانه شاباً شجاعاً متفانياً لم يعرف الكلل ولا الملل على طريق فلسطين.
شارك في التصدي والقتال ضد قوات الکيان الإسرائيلي في جنوب لبنان (الطيبة) إبان الإجتياح الإسرائيلي الأول للبنان عام ١٩٧٨. حاول القيام بعملية عسكرية ضد الکيان بتاريخ ٣١ يناير ١٩٧٨عند طريق الحدود الأردنية في منطقة بيسان، وأعتقل هناك لأول مرة على يد جهاز المخابرات الأردنية مع عضوين آخرين في جبهة التحرير الفلسطينية، وقضى ١١ شهرا في السجن الأردني، ثم أفرج عنه في ٢٥ ديسمبر ١٩٧٨ بشرط أنه لن يدخل الأردن ثانية .
الأسير القنطار
أصرّ سمير على دعم القضية الفلسطينية وقد نفذ بتاريخ ٢٢ نيسان ١٩٧٩ عملية بطولية “القائد جمال عبد الناصر” مع ثلاثة من رفاقه، حيث إخترقت المجموعة رادارات الکيان الإسرائيلي وترسانة أسلحته منطلقة من شاطئ مدينة صور بزورق مطاطي صغير من نوع (زودياك) معدل ليكون سريعاً جداً، وكان هدف العملية الوصول الى مستوطنة نهاريا وإختطاف رهائن من الجيش الإسرائيلي لمبادلتهم بمقاومين معتقلين في السجون الإسرائيلية. وبدأت العملية في الثانية فجراً وإستمرت حتى ساعات الصباح وكانت الحصيلة مقتل وجرح العديد من الإسرائيليين.
وفي ٢٨ كانون الثاني من العام ١٩٨٠ حكمت المحكمة الإسرائيلية المركزية في “تل ابيب” على الأسير سمير القنطار بخمس مؤبدات أضيف إليها ٤٧ عاماً ولم يبق سجن في الکيان الإسرائيلي إلا وزاره سمير ونال فيه ما يكفي من التعذيب، إلى أن استقر في معتقل نفحة الصحراوي في النقب وهو من أقسى السجون الإسرائيلية .
العودة من فلسطين..
أخذ حزب الله على عاتقه الإفراج عن عميد الأسرى العرب سمير القنطار، إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت التفاوض على سمير في العديد من صفقات تبادل الأسرى أبرزها في العام ٢٠٠٤ حيث أفرج عن شيخ الأسرى عبد الكريم عبيد والحاج مصطفى الديراني، رابطة إسمه بالطيار الإسرائيلي رون أراد. حزب الله أصر على إخراج سمير وإخوانه من السجون وقد نفّذ في تموز ٢٠٠٦ عملية الوعد الصادق التي كانت سببا في الإفراج عن سمير القنطار بعد حوالي الـ٣٠ عاماً من السجن، وذلك يوم الأربعاء ١٦ تموز/يوليو ٢٠٠٨ خلال صفقة تبادل.
في حياته الجديدة، التي ما زال فيها على نهج جهاده القديم، يكيّف القنطار نفسه فيها بقدر ما يستطيع، وزوجته تتفهم طبيعة عمله وما يُفرض فيها عليه، ورغم المخاطر التي تتهدده من الکيان الإسرائيلي وعملائه يحرص سمير على متابعة حياته بالشكل الأكثر طبيعية.
إلى فلسطين..
لم تثنِ سنوات الأسر سمير عن العودة إلى المقاومة، وهذا ما أكده في أول خطاب له أنه لم يعد من فلسطين إلا ليعود إلى فلسطين، وبالفعل مع خروجه من سجون الكيان الإسرائيلي عاد سمير القنطار إلى”قبلته الأولى” حيث إنخرط في صفوف حزب الله آخذاً على عاتقه وإخوانه في المقاومة الدفاع عن القضية والشعب الفلسطيني، مهما بلغت التضحيات.
القنطار لم يقف مكتوف الأيدي إزاء ما تتعرض له سوريا، بل أراد حماية طريق القدس الذي بات يمرّ من هناك، وتوجّه إلى ساحات المواجهة، وبالفعل أكدت العديد من التقارير أن القنطار يقود عمليات عسكرية إلى جانب الجيش السوري ورجال المقاومة في منطقة القنيطرة المحاذية لمرتفعات الجولان السورية المحتلة .
لم يكن سمير الذي أُضيف على لائحة الإرهاب الأمريكية في سبتمبر الماضي، بمأمن من نار الکيان الإسرائيلي في سوريا، بل تعرّض لأكثر من محاولة إغتيال وخطف، ففي الغارة الإسرائيلية على القنيطرة مطلع العام الجاري، نجا سمير إلا أن العديد من رفاقه إلتحقوا بركب الشهداء بينهم القائد محمد عيسى، الملقب بأبو عيسى، وجهاد مغنية ابن الشهيد عماد مغنية. لم تكتف القوات الإسرائيلية بمحاولتها الفاشلة الأولى، بل اكد مصدر عسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الحساب الإسرائيلي مع القنطار طويل . وفي برنامج “خط النار” أماط الإعلامي غسان بن جدو اللثام عن معلومات عن محاولات لإغتيال وخطف الأسير المحرر سمير القنطار الذي كان يتواجد في القنيطرة . بعدها بستة أشهر، وتحديداً في يوليو تموز الماضي تعرّض عميد الأسرى لمحاولة إغتيال أخرى فاشلة، ولكن الكيان الإسرائيلي بدا مصراً على إغتياله.
بالأمس، وبعد حوالي الـ٤٠ عاماً على المقاومة، وعند الساعة العاشرة والربع مساءً أغارت طائرات إسرائيلية على مبنى سكني في مدينة جرمانا في ريف دمشق مما أدى إلى إستشهاد عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية الأسير المحرر سمير القنطار.
لقد قضى سمير القنطار فجر اليوم الأحد شهيداً على طريق فلسطين، ليرتقي درجة في سلّم المقاومة ويغدو “عميداً” للشهداء بعد أن كان عميداً للأسرى.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق