كردستان العراق … تفاقم الأزمة في غياب الحلول
عندما منح برلمان اقليم كردستان العراق الثقة للحكومة الجديدة في هذا الاقليم في تاريخ ١٨ يناير ٢٠١٤ (بعد ٨ ايام على سيطرة تنظيم داعش على الموصل) اعتبر الكثير من الخبراء والمحللين ان هذا اليوم كان يوما تاريخيا بالنسبة للاقليم الذي من الممكن ان يتجه نحو الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي وسيادة القانون وانتهاء النزاعات والوئام الاجتماعي لأن تلك الحكومة كانت ائتلافية وشارك فيها جميع الاطراف لكن مرور الايام لم تتحقق هذه الامنية ودخل اقليم كردستان الان في ازمة مستفحلة.
ان حكومة اقليم كردستان التي يمضي على تشكيلها اقل من عامين يواجه مشاكل متفاقمة فهناك ازمة رئاسة الاقليم وتعطيل البرلمان بشكل غير رسمي واصطفاف الاحزاب في مواجهة بعضها البعض وعجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين وعجز ميزانية الوزارات وعدم الشفافية فيما يتعلق بمداخيل النفط وازمة ديون الحكومة لشركات النفط والغاز والمواجهة مع تنظيم داعش والعجز عن بيع نفط الاقليم بشكل مستقل واندلاع اول نزاع مع قوات الحشد الشعبي في طوزخورماتو وسيل اللاجئين العرب في الاقليم وحدوث تغيير ديمغرافي في كردستان وعدم التوصل الى اتفاق لحل المشاكل بين الاحزاب واشتداد الازمة الموجودة بين اربيل وبغداد وغيرها من الأزمات، والسؤال المطروح الان هو من المسؤول عن الازمة وما هو طريق الخلاص منها؟
يعتقد بعض الخبراء انه يمكن حل الحكومة الائتلافية واجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة والاستمرار في الوضع الموجود على أمل ارتفاع اسعار النفط واستئناف المحادثات مع الحكومة المركزية في بغداد للتشاور من اجل الحصول على نسبة ١٧ بالمئة من الميزانية العامة للبلاد والعودة الى نظام الادارة السابقة للاقليم أي نظام أربيل-السليمانية، وفي اسوأ الحالات حدوث ثورة شعبية لانهاء الزعامات التقليدية في الاقليم من اجل انهاء الوضع المتدهور السائد في اقليم كردستان الان، لكن الواقع الموجود على الارض يظهر امرا آخر وهو ان المجتمع المدني ليس قويا الى درجة يمكنه ان يوجد حركة شعبية عبر تنظيم مظاهرات تؤدي الى ثورة او اصلاحات جدية في الحكم.
ان المجتمع المدني في اقليم كردستان تحول الى جهة تابعة للاحزاب السياسية ولذلك لايمتلك القدرة على القيام بدور فعال، ومن جهة اخرى لا تقبل كافة الاحزاب السياسية التي شكلت الحكومة الائتلافية التنازل عن مواقفها من اجل التوصل الى اجماع واتفاق وتقديم حل جديد للمجتمع الكردستاني للخروج من الازمة، وهكذا يمكن القول ان اقليم كردستان العراق يواجه اليوم تراجعا سياسا وتعطيلا للعملية السياسية حيث لاتستطيع القوى الاجتماعية والمجتمع المدني ايجاد تغيير كما باتت الحكومة ايضا عاجزة عن التعاطي مع القضايا وحل مشاكل المواطنين.
المصدر / الوقت