التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

الدبلوماسية الروسية في الشرق الاوسط و قواعدها .. الجزء الاول 

فرضت العلاقات التاريخية بين روسيا والشرق الاوسط موسكو كلاعبة اساسية في هذه المنطقة خاصة عند التحدث عن حل مشاكلها وفي المقابل تضع دول الشرق الاوسط ثقة كبيرة بالروس فالموقف الروسي المعتدل الذي يطالب بحل جميع قضايا ومشاكل الشرق الاوسط حسب القوانين والمبادئ الدولية كان محط تقدير دول المنطقة لكن السياسات الروسية تجاه المنطقة شهدت ايضا بعض التغيير مع بدء الثورات في بعض الدول العربية.

اهمية الشرق الاوسط لدى الروس

زادت روسيا من تعاملها المفيد مع دول المنطقة خلال السنوات الاخيرة وحصلت لقاءات عديدة بين المسؤولين الروس ومسؤولي دول المنطقة كما زادت موسكو حضورها في المؤسسات التي تخص دول المنطقة مثل منظمة المؤتمر الاسلامي ولذلك يمكن القول ان اسباب اهمية الشرق الاوسط للروس تكمن في الامور التالية:

1- القرب الجغرافي
ان روسيا تعتبر جارة للشرق الاوسط عبر الاراضي الايرانية والتركية كما ان المسافة بين عاصمة جمهورية الشيشان وبين مدينة الموصل العراقية هي 900 كيلومتر ولذلك يمكن القول ان المجاورة هي احدى اهم اسباب اهتمام روسيا بالشرق الاوسط.

2- وجود المسلمين في روسيا
كسر انهيار الاتحاد السوفيني الجدار الحائل بين مسلمي روسيا وسائر المسلمين والان يشكل المسلمون واحدا من سبعة اجزاء الشعب الروسي وان عددهم يتزايد ايضا.

3- اليهود الروس
يشكل اليهود الذين كانوا يعيشون في الاتحاد السوفيتي حوالي 20 بالمئة من سكان الكيان الاسرائيلي ويستطيع معظهم التكلم الان باللغة الروسية.

4- الاضطرابات الطائفية والسياسية المستمرة في العالم الاسلامي
ينتاب الروس قلق مستمر بسبب دخول الافكار المتطرفة والعنف من الشرق الاوسط الى القوقاز الشمالية وخاصة جمهوريتي تتارستان و باشقيرستان.

5- المصادر الكبيرة للطاقة
تعتبر روسيا نفسها قوة كبيرة في مجال الطاقة وتبحث عن الفرص في حدودها الجنوبية.

6- التواجد العسكري الامريكي
ان الروس يراقبون بدقة وبشكل دائمي التحركات العسكرية الامريكية في الشرق الاوسط خاصة بعد الغزو الامريكي لافغانستان والعراق.

وبينما تنظر الدول الغربية الكبرى الى الشرق الاوسط كمصدر لتأمين نفطها لاينظر الروس بهذه النظرة لأنهم لديهم كميات هائلة من النفط والغاز، ان الروس لديهم مصالح متساوية مع الغرب في قضايا مثل مكافحة الارهاب وعملية السلام والجرائم المنظمة ومنع انتشار اسلحة الدمار الشامل ومكافحة المخدرات لكنهم يختلفون مع الغرب في قضايا اخرى مثل تغيير الانظمة السياسية لدول المنطقة وتغيير النظم العسكرية وانتشار الليبرالية الغربية.

الشرق الاوسط بعد ما يسمى بالربيع العربي
لقد تغيرت السياسة الروسية كثيرا بعد اندلاع الثورات العربية فالروس تفاجأوا بالثورة التونسية وفي مصر دعم الروس في البداية حسني مبارك ومن ثم دعوا الى حل للنزاع وفي ليبيا اختلف بوتين مع مدفيديف وصمت الروس ازاء البحرين واليمن، وقد ادى هذا التراجع السياسي وعدم الشفافية لدى الروس الى قيام بعض النخب الروسية باطلاق دعوات لاعادة النظر في السياسات الروسية في الشرق الاوسط وهذا ما تسبب باتخاذ روسيا موقفا مغايرا في الازمة السورية.

يعتبر الروس ان ما يحدث في الشرق الاوسط هو تنفيذ سياسة “الفوضى المسيطر عليها” بهدف تقسيم الدول الكبيرة في المنطقة الى اجزاء صغيرة وان من طور هذه النظرية هم مستشارو الرئيس الامريكي الحالي مثل “زبغينيو بريجينسكي”، وسيؤدي تنفيذ هذه النظرية الى تغيير الانظمة الحاكمة الان في الشرق الاوسط الى انظمة موالية للغرب ولذلك تقاوم روسيا بشدة تنفيذ هذه السياسة الغربية وتضع العراقيل امامه.

وهكذا يمكن القول ان روسيا تقيس التطورات في الشرق الاوسط بهذا المعيار وتعتقد ان الغرب الذي يشعل الاضطرابات في دول المنطقة يسعى الى تقسيم هذه الدول وتنفيذ استراتيجية “الفوضى المسيطر عليها”، ان الروس يعتقدون ان الاضطرابات في الشرق الاوسط احدثت تغييرا كبيرا ويبدو ان الامر سيستغرق عقدا كاملا لكي تعرف منطقة الشرق الاوسط شاكلتها النهائية وهذا يعني انه لايمكن التكهن بمن سيتولون القيادة في هذه الدول والى اين ستتجه دول الشرق الاوسط التي تشهد اضطرابات.

ان الاضطرابات في الشرق الاوسط تسببت بتغيير شكل وطبيعة علاقات دول المنطقة ببعضها البعض وبباقي اللاعبين الدوليين وخاصة القوى الكبرى، وهكذا يمكن تقسيم السياسة الخارجية الروسية ازاء ما يجري في العالم العربي الى قسمين، ففي القسم الاول هناك دول مثل ليبيا وسوريا واليمن والتي تعرضت الى عدوان اجنبي مباشر وغير مباشر وفي القسم الثاني هناك دول مثل مصر وتونس التي تعاني من قضايا داخلية وتشق طريقها المضطرب دون تدخلات خارجية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق