التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

محادثات سويسرا حول اليمن؛ حلقةٌ من مسلسل التقاعس الدولي للأمم المتحدة 

رُحَّلت المحادثات التي جرت في سويسرا بين الأطراف اليمنية الى الرابع عشر من الشهر المقبل. وهو الأمر الذي كان نتيجة عدد من الأسباب سنناقشها في هذا المقال. فالمفاوضات التي انطلقت لستة أيامٍ في سويسرا و بإشرافٍ أممي، انتهت بالحديث عن عددٍ من التفاهمات والتي لا ترتق لمستوى الأزمة اليمنية. فكيف يمكن تحليل المفاوضات؟ و لماذا تُعتبر الأمم المتحدة مُقصرةً في هذا السياق؟
يمكن القول وبموضوعية أن ما أكده المبعوث الأممي الى اليمن “اسماعيل ولد الشيخ”، بأنّ الحلّ الوحيد للنزاع في اليمن هو حلّ سياسي يضمن حقوق الشعب اليمني، يُعتبر كلاماً لم يصل لمستوى التطبيق. ولعل الإضاءة على النتائج التي تمخضت عن المفاوضات، والتي تحدَّث عنها المبعوث الأممي، تدل على أن الأمور لا تزال في إطار الوعود. فقد صرح “ولد الشيخ” خلال مؤتمر صحفي في سويسرا بعد انتهاء مفاوضات السلام اليمنية أنه تمّ إحراز تقدّم ملحوظ لكنه ليس كاف بحسب تعبيره. وحدد ١٤ من الشهر المقبل موعداً للجولة التالية من المفاوضات .
وهنا وفي عرضٍ سريعٍ لما اعتبره المبعوث الأممي تقدماً، دعت النتائج الى الإفراج عن السجناء والمعتقلين والمحتجزين قصراً والأسرى جميعاً. كما تمت الدعوة الى تشكيل لجنة اتصال وتهدئة تتألف من مستشارين عسكريين من كلا الجانبين تشرف عليها الأمم المتحدة . بالإضافة الى تعزيز المساعي لإيصال المساعدات الإنسانية الى كل المناطق المتضررة .
وبالتالي فإنه من الواضح أن النتائج شكلية أكثر منها عملية. وهنا نُشير للتالي:
– لم تنجح الأمم المتحدة في البقاء على الحياد أو في القيام بالإلتزام بما يُعرف بالمناقبية الدولية. فالنتائج التي انتهت المفاوضات للدعوة لها، ليست إلا نتائج طبيعية لا تحتاج للمفاوضات. فعادة ما تجري المفاوضات حول قضايا تعتبر مركزية في الصراع بين الطرفين. وليست القضايا الإنسانية مادةً للتفاوض.
– وبالتالي فإن الحديث عن إنجازات، ليس سوى للترويج لنجاحٍ للأممية الدولية. في حين تبدو كل الدعوات، حقاً مشروعاً للشعب اليمني. وهو الأمر الذي دفع بالمراقبين، خصوصاً على الصعيد الداخلي في اليمن للحديث عن أن أبناء الشعب اليمني، ليسوا براضين عن النتائج، ويعتبرون الأمم المتحدة ومن خلال أدائها، طرفاً منحاز للعدوان السعودي الأميركي وتتعاطى بضعف شديد تجاهه .
– وهنا تُطرح العديد من التساؤلات حول الدور المشبوه للأمم المتحدة، والتي تسعى دائماً لتجميل أفعال العدوان السعودي على اليمن. خصوصاً بعد الحصار الذي يضر بالشعب اليمني.
لذلك فإن تحليل النتائج الى جانب سلوك الأمم المتحدة، يدل على التالي:
– إن الأمم المتحدة ليست طرفاً يمكنه حسم الصراعات، وهو ما تُبيِّنه نتائج المفاوضات اليمنية. بل إنها تُعبر عن صورةٍ أخرى للسياسة الأمريكة، برداء الشرعية والقانون الدولي.
– وهو الأمر الذي يُعطي الشعب اليمني، الحق الكامل في المضي قُدماً في مشروع المقاومة. لذلك فإن رهان اليمنيين على الميدان، هو الرهان الصائب، لتحقيق عزة و مطالب اليمن.
– ومن الأمور التي يجب الإلتفات لها أن الأمم المتحدة تجاهلت مسألة تثبيت وقف إطلاق النار، ما أدى الى احتجاج حركة أنصار الله على ذلك، لا سيما بسبب اعتبارها هذا المطلب أساسياً في التحضير لطاولة المفاوضات. كما أن الأمم المتحدة لم تقم بواجباتها تجاه مسألة خرق العدوان السعودي للهدنة، مما يجعل بالنتيجة، الشرعية الدولية أمام العديد من التساؤلات.
إذن، كعادتها تسير الأمم المتحدة منحازةً لأمريكا وحلفائها. في وقتٍ يدفع فيه الشعب اليمني الكثير من التضحيات، دون أن يُعطى أي حقٍ على الصعيد الإنساني بالتحديد. ويبدو أن خيار الميدان العسكري، هو الخيار الأفضل لتحقيق مطالب الشعب اليمني. فتجربة الشعوب بالإعتماد على الشرعية الدولية، لم تكن ناجحة. وما القضية الفلسطينية، إلا النموذج الأمثل لذلك.
بالنتيجة، لم ولن يُحقق اليمنيون أياً من أهدافهم، إلا بالإعتماد على المقاومة الشعبية. فالمؤامرات التي تُحاك على الشعوب، ليست إلا مخططاً تسير فيه واشنطن عبر الرياض، لجعل مصير الشعوب ورقة للتفاوض. في حين أثبتت قواعد الميدان أنها التي تحسم الخيارات. وبين الوعود الدولية والعدوان السعودي، يبقى الشعب اليمني رهينة الأيام. فيما تزداد جرائم آل سعود، بحق المدنيين بالتحديد. لنقول أن الرهان ليس إلا على الشعب اليمني. وما محادثات سويسرا الأخيرة، إلا حلقةٌ من مسلسل التقاعس الدولي لمنظمة الأمم المتحدة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق