سوريا و مكانتها الاستراتيجية عند امريكا و الغرب
كانت السياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط اثناء الحرب الباردة تقوم على مبدأ دعم وحماية الكيان السرائيلي والانظمة الدكتاتورية المعادية للشيوعية في المنطقة والحفاظ على ممرات النفط نحو المياه الدولية لكن انهيار الاتحاد السوفيتي ومن ثم وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر غير مفهوم الامن القومي لدى الساسة الامريكيين واصبح للأحادية ومكافحة الارهاب واضعاف الدول العربية المعادية للغرب والكيان الاسرائيلي مكانة خاصة في السياسة الخارجية الشرق الاوسطية لامريكا.
لكن المشروع الامريكي الجديد في الشرق الاوسط قد واجه معارضة قوية من قبل الدول العربية والاسلامية في المنطقة باستثناء تركيا و الكيان الاسرائيلي اللذين كانا يعتبران المشروع الامريكي لصالحهم تماما، لكن فشل السياسات الامريكية في العراق وافغانستان افقد مشروع الشرق الاوسط الكبير الامريكي شرعيته و امكانية تطبيقه.
اما سوريا التي كانت من أشد معارضي مشروع الشرق الاوسط الكبير قد اتهمت امريكا بالسعي لتمزيق وتقسيم الدول العربية في الشرق الاوسط وقال نائب الرئيس السوري في حينه ان امريكا قد غضت طرفها عن الجرائم الاسرائيلية الكثيرة جدا في فلسطين والدول العربية وتريد فرض مشروع الشرق الاوسط الكبير على الدول العربية لكن رغم هذا وصفت وزيرة الخارجية الامريكية “هيلاري كلينتون” مع بدء الازمة السورية الرئيس السوري “بشار الاسد” بأنه “اصلاحي و متعلم”، وقد تغيرت هذه السياسة الامريكية تجاه سوريا بعد اطالة الاضطرابات والصراع في هذا البلد.
ان امريكا سعت في البداية الى دعم معارضي الاسد بشكل محدود لايجاد توازن بين القدرات العسكرية للنظام السوري والقدرات العسكرية للمعارضين لكن مع دخول روسيا على خط الصراع الداخلي في سوريا واجهت سياسة التوازن الامريكية هذه فشلا ذريعا الى درجة اعترف فيها قادة البيت الابيض باخطائهم الاستراتيجية.
اما الان وبعد التطورات الاخيرة والاجتماعات الدولية التي شاركت فيها القوى الدولية المنافسة ومنها الاجتماع الاخير لمجلس الامن الدولي حول الازمة السورية يمكن القول ان التطورات الجارية في سوريا ومستقبل هذا البلد بات يحظى بأهمية فائقة لامريكا والدول الغربية وبعبارة اخرى يمكن الادعاء ان دور ومكانة سوريا الاستراتيجية في تغيير التوازنات بين الاقطاب الدولية قد رجحت كفة اهمية سوريا على اهمية العراق عند امريكا وحلفائها، ومن اهم اسباب هذا التغيير الاستراتيجي وكذلك ابرز عوامل زيادة الاهمية الاستراتيجية السورية للغرب يمكن الاشارة الى الامور التالية :
– دور سوريا في تغيير التوازن بين محور المقاومة والكيان الصهيوني.
– مكانة سوريا في معادلة تفوق اللاعبين الاقليميين (تركيا والسعودية) في التنافس مع ايران.
– اهمية سوريا في بلورة الترتيبات الامنية الجديدة في المنطقة على يد امريكا و حلف الناتو.
– دور سوريا في تغيير المعادلات الموجودة بين روسيا و امريكا (سوريا تعتبر آخر موطئ قدم للروس في جنوب غرب آسيا).
– السيطرة على مصادر الطاقة خاصة الغاز السوري ومنع سيطرة المنافسين الاستراتيجيين على مصادر الطاقة، وهنا يجب الاشارة ان العلاقات الامريكية السورية شهدت تعزيزا في السنوات الاولى من حكم بشار الاسد لكن هذه العلاقات قد توترت فيما بعد بسبب حدوث خلافات حول فلسطين ولبنان والعلاقات الوثيقة مع ايران كما توترت هذه العلاقات بشكل اكبر بعد الغزو الامريكي للعراق بسبب موقف الاسد من الغزو.
المصدر / الوقت