التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

حماس: لم يفت القطار بعد! 

حتى الأمس القريب كانت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أحد أبرز الفصائل المقاومة المنضوية تحت لواء “محور المقاومة”، إلا أن التطورات التي بدأت مع ما يسمى بـ”الربيع العربي” أفضت إلى واقع جديد وتغييرات إستراتيجية في موقف الحركة وعلاقتها مع كل من إيران وسوريا وحزب الله.
بدأت حماس بعد الربيع العربي بالإنسحاب تدريجيا من المحور “المقاوم” نحو المحور “المعتدل”، لاسيّما بعد إعلان الحركة موقفها الحقيقي من حضنها الدافئ “سوريا”، إلا أنه مع وصول الرئيس السابق محمّد مرسي إلى سدّة الحكم في مصر وإنسحاب الحركة نحو الحضن الجديد قطر بالإضافة إلى تبني مشروع أردوغان العثماني جعل علاقتها مع محور المقاومة ترتبط بشعرة معاوية، والتي رفض كل من طهران ودمشق وحزب الله أن يقطعوها، سواءً قبل عدوان غزة ٢٠١٤ أو بعده.
ولكن، بما أن دوام الحال من المحال، سقط الرئيس مرسي في مصر، وتبنى الرئيس السيسي رؤية مخالفة تماماً لسلفه مرسي الذي يقبع حالياً في السجن، كما أن الحركة لم يعد مرحباً بها في قطر مع بروز جملة من المتغيرات الجديدة على الصعيد الخليجي فقد أبلغت الدوحة حينها خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس الفلسطينية، بضرورة المغادرة بعد المصالحة القطرية الخليجية، والقطرية المصرية، في أعقاب التوتر الذي شهدته هذه العلاقات. محور المقاومة حاول الإستفادة من هذه التغيرات لإعادة حماس إلى موقعها الطبيعي كحركة مقاومة تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وشهدت تلك الفترة عدّة زيارات لقادة الحركة إلى طهران، لكن تركيا من ناحية، ورغبة الحركة، المكتب السياسي، بالبقاء في المحور الجديد دفع بمشعل وعدد من قياديي الحركة للتوجه نحو أنقرة، بعد لقاء دام أكثر من ٤ ساعات بين خالد مشعل ورئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو.
حماس التي إحتضنتها دمشق منذ الولادة وحتى قرّرت هي المغادرة، لم تصمد أكثر من سنة في الدوحة، كما أن رحلة الشتاء إلى أنقرة إنتهت قبل الصيف الذي رسم واقعاً حاراً للحركة على وقع التفاهمات الإقتصادية الإسرائيلية التركية والتي بدأت بلقاءات سرية منذ العام الماضي، كان آخرها اللقاءات التي عقدها رئيس الموساد الجديد، يوسي كوهين الأسبوع الماضي مع مسؤولين أتراك، وظهرت إلى العلن مع توتّر العلاقات الروسية التركية. ووفق الاتفاقات التي تم تحقيقها بين البلدين ستعود العلاقات بين الكيان الإسرائيلي وتركيا أفضل مما كانت عليها في السابق .
على وقع هذه المستجدات، لم يعد الضيف الجديد مرحباً به في تركيا “التي تعرضت لحملة ضغط كبيرة من قبل الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية بحجة أنها تمارس أعمال مقاومة من داخل الأراضي التركية” وفق عضو المكتب السياسي للحركة صالح العارور. كما أن “التحوّل الإستراتيجي” الجديد في العلاقات بين تركيا والكيان الإسرائيلي تضمّنت تفاهمات نهائية بين البلدين أبرزها الطرد، المبدئي لبعض قيادات حماس من تركيا، إضافةً إلى الحد من نشاط الحركة على أراضيها.
إن هذه المتغيرات تدفع بالحركة للبحث عن موطئ قدم جديد، أو حضن قادر على إحتضانها سنة على الأقل في ظل الهجمة الأمريكية الإسرائيلية على محور المقاومة، ومن هنا يبقى أمام الحركة خياران لا ثالث لهما. إما إعلان نفسها كحركة “غير مقاومة”، وتكرار سيناريو “فتح”، وربما تشهد الحركة حينها إنقساماً حاداً بين المكتب السياسي في الخارج والقيادات العسكرية والسياسية في غزّة، أو العودة إلى موقعها الطبيعي وحضنها الدافئ الذي سيفتح لها الأبواب على مصرعيها، نحو المقاومة.
الخيار الأول قد يفتح للحركة العديد من الأبواب المغلقة إلا أنه أمر مستبعد لأن العديد من القيادات الحمساوية أدركت مدى إستراتيجية خطأها تجاه سوريا أو أخطائها تجاه محور المقاومة، كما أن الخيار الثاني يحمل جملة من التبعات التي يتوجّب على الحركة تحمّلها، أبرزها قطع العلاقات مع العديد من الدول التي لا يمكنها اليوم سوى مغازلة الكيان الإسرائيلي ومهاجمة أعدائه.
اليوم، وكما في الأمس، يعيش قياديو حماس الواقع الحقيقي لمقولة “عند الشدائد تعرف الإخوان”، لذلك ندعو هذه الحركة التي سطّرت أروع الملاحم البطولية أمام الكيان الإسرائيلي، إلى العودة عن أخطائها الإستراتيجية بالوقوف بجانب دول لطالما كانت خنجراً في ظهر المقاومة والشعب الفلسطيني. إن موقع حماس الطبيعي هو في مواجهة الكيان الإسرائيلي ومع شباب الأقصى مع أشرقت قطناني لا أصدقاء قاتليها، وأيما دولة تساعدها في هذه المواجهة فهي ممرّها الإلزامي، لأن سعي حماس للمقاومة من موقعها الحالي، تماماً كمسعى الظمآن للبحث عن الماء في النار.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق