مؤتمر الوحدة الإسلامية..آمال و تحدّيات
بدأ المؤتمر الدولي الـ٢٩ للوحدة الإسلامية أعماله في العاصمة الإيرانية طهران، وبمشاركة نحو ٤٠٠ مفكر إسلامي من ٧٠ بلداً، تحت شعار “التحديات التي تواجه العالم الإسلامي”. المؤتمر الجديد يتزامن أيضا مع ذكرى مولد نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله)، والسنة الخامسة لإستشراء فساد “الإهاب” في العالم الإسلامي والتي تمسك بزمامه العديد من الدول الإقليمية والعالمية.
أسئلة عدّة ينتظر العديد من أبناء العالم الإسلامي الحصول على أجوبتها الشافية إثر هذا المؤتمر الذي يسعى لتأطير التحديات و وضع سبل المواجهة من قبل المفكرين الإسلاميين بإعتبار أن ما يحصل اليوم، ليس سوى ما وضعه العديد من “المفكرين” الغربيين، لو صحّت تسميتهم بذلك، بغية تمرير مشاريع بلادهم في منطقة غرب آسيا و شمال أفريقيا.
لا شك في أن هذا التنظيم والتخطيط لمواجهة ظاهرة الإرهاب يعد الخطوة الأولى على طريق الخلاص من واقعنا المزري والمخزي، وبالتالي لا بد من الدخول بسرعة في مرحلة التنفيذ لأن ما نشهده منذ أكثر من أربع سنوات قطف زهرة شبابنا و يتّم أطفالنا و رمّل نسائنا و حصد مئات الآلاف من الشعوب المسلمة على أيادي تدّعي الإسلام، ولكن بأحدث الأسلحة الغربية، مع الأخذ بعين الإعتبار أن التمويل تارة كان غربياً و أخرى من دول تسمی”إسلامية”.
رغم أهمية المرحلة الأخيرة، أي تنفيذ ما ينتج عن المؤتمر، إلا أن هذا الأمر يحتكم بشكل رئيسي لسبل مواجهة التحديات التي نتجت عن “مؤتمر الوحدة” الذي يجري اليوم بالتزامن مع أعتى هجمة تستهدف عنوانه. ولذلك لو وضعت هذه التحديات في إطارها الصحيح، يعني أننا وجّهنا البوصلة نحو الهدف وبدأنا بالسير نحوه عبر أسرع السبل، وهنا يمكننا الإشار إلى جملة من التحديات، أبرزها:
أولاً: لا بد من ترسيخ خطاب الوحد لدى أبناء الشعوب الإسلامية، ووضع قوانين تجرّم خطابات الفتنة والكراهية، على مبدأ أن “درهم وقاية خير من قنطارعلاج”. هنا لا بد من البدء بطاولة حوار إسلامية شرق أوسطية تهدف لمعالجة المشاكل عبر الحوار ومواجهة التطرف والتكفير، لأن القوى الغربية تسعى اليوم لإعادة حقبة “سايكس بيكو” بحلّة جديدة. فربّما يكون إنشاء محكمة “عفو إسلامية” تعاقب على الجرائم التي تختص بالفتنة والتحريض في العالم الإسلامي، محطات وإذعات إسلامية تنشر الخطاب المعتدل أساليب مختلفة للوصول إلى الهدف “الوحدوي”، سبلاً مختلفة في إطار الهدف.
ثانياً: لا بد من تحديد البوصلة من جديد، لأنه التحديات ظهرت بسبب تعارض الأهداف الغائية لدول المنطقة، ولعل القضية الفلسطينية هي الرمز الأمثل لوجهة “بوصلات” العالم الإسلامي، فلو عادت فلسطين على رأس أولويات العالم الإسلامي لأنهينا جزء كبير من المشكلة، خاصةً أن ما يحصل اليوم في العالم الإسلامي هو نسيان “المعتدي الأول والأخير” أي الكيان الإسرائيلي. وهنا نقول، إن إعتبار المشروع التكفيري جزء لا يتجزأ من المشروع الاسرائيلي من ناحية، وقتل المجاميع التكفيرية للمسلمين هو حرب بالوكالة عن أمريكا من ناحية آخرى، يعني قطع شوط كبير في مواجهة التحديات.
ثالثاً: إن إظهار الإسلام الصحيح، إسلام نبي الرحمة (ص) الذي نعيش ذكرى ولادته اليوم، سواءً للشعوب الغربية أو العمل على تعزيزه بين كافة الشباب المسلم يعد طريقاً أساسياً للوصول إلى الهدف. لذلك توجّب في هذا الإطار، أولا عدم الإنجرار وراء الأهداف والأساليب التي وضعها لنا “مفكري” الإستخبارات الغربية، وثانياً وضع إدارة “إسلامية” مستقلة دون أدنى مشاركة غربية.
رابعاً: لا شك في أن ما يحصل لنا اليوم، تتحمّل بعض الدول “الإسلامية” جزءاً كبيراً منه، لذلك لا بد من تشكيل لجان عمل مشتركة من كافّة الدول في المنطقة، لاسيّما مصر، إيران، تركيا، السعودية والعراق. وقد تكون الإجابة على جملة من الأسئلة من قبل هذه اللجان خطوةً أولى لبدء عملها في إطار “الوحدة الإسلامية”، أبرز هذه الأسئلة: من المستفيد من تدمير سوريا؟، لصالح من يدمّر العراق؟، إلى متى يستمر إستهداف الشعب اليمن؟ اذا كانت كل من ليبيا وسوريا والعراق هي الدول السابقة، فمن هي الدول اللاحقة، السعودية أم مصر أم تركيا؟ أين باتت قضية فلسطين في سلّم أولوياتنا؟
في الخلاصة، لا بد من تحويل تهديد الجماعات التكفيرية إلى فرصة ثمينة في مسار الوحدة الاسلامیة، بإعتبار أن “بطائن الأمور” إنكشفت للجميع. علينا اليوم، الدخول وبشكل جدي في مرحلة “التنفيذ” للجرح الذي وضع الإمام الخميني (ره) يده عليه من عشرات السنين أي “الوحدة الإسلامية” قولاً و عملا.
المصدر / الوقت