مسلحو ضواحي دمشق: إلى الفرار دُر؛ والحضن التركي هو الأدفأ
يبدو أن هشاشة صفوف الإرهابيين في ضواحي دمشق بدأت تظهر أكثر فأكثر مع احتدام المعارك على غير جبهة، وبعد الخسائر الكبيرة التي تتكبدها هذه الجماعات وآخرها عدد من القياديين في عدة فصائل وعلى رأسهم المدعو زهران علوش قائد جيش الإسلام.
حملة واسعة ومباغتة في ريف دمشق
على حين غرّة ودون مقدمات فاجأت قوات الجيش السوري وحلفاؤه المسلحين على عدة محاور في ريف دمشق فقد افادت بعض وسائل الإعلام ان وحدات من الجيش السوري بدأت عملية عسكرية واسعة ضد معاقل الجماعات المسلحة في ريف دمشق. وتركزت عمليات الجيش في مناطق عدة أهمها الغوطة الشرقية معقل جيش الإسلام الذي لم يستوعب صدمته الأولى بعد مقتل عدد من قادته البارزين في الغارة التي شنها الجيش السوري منذ عدة أيام. هذا إلى جانب الغارات الجوية السورية والروسية على مختلف جبهات ريف دمشق، والظاهر أن الإرباك بين الجماعات المسلحة هو سيد الموقف.
الفصائل الارهابية المسلحة حاولت تلافي الانهيار فسعى جيش الاسلام في الغوطة باعلانه السريع عن تعيين “ابو همام البويضاني” خليفة لـ”علوش” واعادة ترتيب الصفوف، إلا أن الحصار المفروض على هذه الجماعات والحملة العسكرية المباغتة التي تلقتها من الجيش السوري شتت صفوفهم في حين لم يُظهر الراعي الاقليمي “السعودية وقطر وتركيا” لهذه الجماعات أي دعم لوجستي أو معنوي حتى لانتشالها من هذا المأزق، حتى أن البيئة التي كانت تحتمي بها هذه الجماعات لم تعد تحتمل تعسفهم ففي معظم المناطق التي تسيطر عليها نزح الأهالي إلى مناطق أخرى شاكين من سوء إدارة الجماعات الإرهابية وبطشهم واحتكارهم للمواد الغذائية كما حصل في الغوطة بنزوح مئات الأسر إلى دمشق وتسوية أوضاعهم لدى الدولة السورية وتتزايد أعداد النازحين عن الغوطة كل شهر، فقد غابت مقومات الحياة في تلك المناطق إلى درجة كبيرة والعمليات العسكرية تقترب كل يوم من عمق الغوطة، أوضاع تنذر بتطورات كبيرة خلال الأشهر المقبلة علاوة على ذلك فإن تنكيل الارهابيين بالناس وارتكابهم العديد من المجازر على الطريقة الداعشية مثلما حصل في عدرا العمالية وغيرها من المناطق لم يعد يؤمن لهم بيئة حاضنة تستوعبهم وجردتهم من صفة الإعتدال التي حاولت السعودية مراراً تصنيفهم بها.
وعلى جبهة أخرى فقد وافق تنظيم داعش الإرهابي على نقل ٥٠٠٠ من مسلحيها من الغوطة الغربية إلى الرقة فضلاً عن ٥٠٠٠ آخرين من جبهة النصرة لنقلهم الى مناطق نفوذها في ادلب وذلك اثر المفاوضات المستمرة منذ شهر تقريباً.
وبطبيعة الحال الأمور متجهة إلى فرار المسلحين كما هو الحال في كل الجبهات التي هزموا فيها وإعلانهم “انسحابهم التكتيكي” محاولين حفظ ماء وجههم، فبعد انتقال بعض المسلحين في عملية مفاوضات الزبداني – كفريا الفوعة إلى تركيا عبر مطار بيروت مقابل انتقال جرحى واهالي كفريا الى تركيا ومنها الى بيروت تزيد ارجحية فرار مسلحين ريف دمشق الى الشمال باتجاه الحدود التركية التي لا زالت تمدهم بالدعم المالي واللوجيستي في الشمال السوري هذا فضلاً عن استحالة مرورهم الى لبنان بعد اغلاق الحدود ومحاصرة بعض المجموعات التابعة لداعش في جرود القلمون وانتشار قوات الجيش السوري والمقاومة اللبنانية على طول الحدود مع سوريا وفي القلمون وانتهاء معركة الزبداني لصالح الجيش السوري وحلفائه، تبدو الوجهة المرجحة في الغالب هي تركيا الأم الحنون لهذه المجموعات التي سبق أن احتضنت عدداً من قادتهم في مدنها.
فهل تستقبل تركيا فلول الارهابيين وتحتضنهم؟ أم أن الوضع الاقليمي واستفحال الارهاب في العالم عموماً والغرب خصوصاً سيجبر تركيا أيضاً على التنصل منهم بعد السعودية وقطر ويُتركوا لقدرهم يسقطون قتلى على مختلف الجبهات؟ أسئلة ستتضح أجوبتها قريباً في المرحلة المقبلة مع التقدم السريع لقوات الجيش السوري؟
المصدر / الوقت