ما لا يعلمه أردوغان عن الطائفية وإيران
اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالطائفية، وقال أردوغان خلال كلمة ألقاها في مدينة إسطنبول بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس وقف الوحدة التركي “لو لم تقف إيران خلف الأسد لأسباب طائفية، لما كنا نناقش اليوم ربما قضية مثل سورية”، موجهًا اتهامات لإيران وموسكو بقتل “الأبرياء من دون رحمة”، كما سبق أن وجه مسؤولون أتراك اتهامات عديدة لطهران بانتهاجها سياسة طائفية في سورية والمنطقة.
لم يفلح أردوغان في تصريحاته، كما لم يفلح في سياسته في المنطقة، فاتهام إيران بالطائفية أشبه مايكون بطرفة سياسة، فهل لا يدرك أردوغان أن إقليم كردستان ليس شيعيًا وأن طهران تدعمه في مواجهة التنظيمات التكفيرية!؟، وهل لا يعلم أردوغان أن الموصل والرمادي ليست محافظات شيعية ومع هذا فإن إيران تقدم الدعم للجيش العراقي لتحريرها من تنظيم داعش الإرهابي!؟، وهل أقنع أردوغان نفسه أن إيران طائفية رغم أنها قدمت المساعدات لجميع الفصائل الفلسطينية!؟.
وأما عن سورية فالجميع يعلم أن الرئيس السوري والحكومة السورية لا ينتمون للطائفة الشيعية، ولكن على مايبدو أن أردوغان يتصفح المواقع الوهابية بشكل يومي ويشاهد برامجها التلفزيونية، ولهذا لم يستطع التمييز بين السياسة الطائفية المنتفية عن كل سياسات وتصريحات الدولة الإيرانية وبين الإسلامية التي تعتز وتفتخر بها طهران الداعمة لكل الشعوب الإسلامية ومن بينها الشعب السوري، والسياسة الإيرانية في سورية لا تخرج عن هذا الإطار، فطهران تقدم المساعدة لكل السوريين، ولا تفرق بين أديانهم ومذاهبهم، وهي تساهم في القضاء على الإرهاب الذي يهدد السنة والشيعة على حدٍ سواء، ولو كانت إيران تنتهج سياسة طائفية لأقدمت على تغيير الديموغرافيا السورية، وهذا ما لم نشهد أي أثرٍ له طيلة الأعوام الماضية.
عفوًا أردوغان، لايمكن أن تكون إيران التي تحتضن مؤتمر الوحدة الإسلامية طائفية، كل ما في الأمر أن السياسة التي تعتمدها أنت ومن حولك من مسؤولين أتراك سياسة “إرهابية”، ولا مبالغة في هذا التوصيف، فأنت دعمت الإرهاب كله، وشراء النفط من داعش الذي كشفه الكرملین واعترفت به واشنطن أثبت ذلك، كما أن استلام تركيا جثة الطيار الروسي الذي تم إسقاط طائرته فوق الأراضي السورية من الجماعات التكفيرية التي قامت بقتله جسّد العلاقة والصلة بين النظام التركي والجماعات التكفيرية والتي كانت أشبه بعلاقة الأم مع أبنائها.
عفوًا أردوغان أتريد من طهران أن تقف مكتوفة الأيدي وأنت تتحالف مع الجماعات التكفيرية التي تذبح الأطفال والنساء والرجال تحت رايات الله أكبر!؟، هل هكذا تكون طهران معتدلة وغير طائفية برأيك!؟،وإذا كان الدفاع عن الشعب السوري “طائفيةً” فماذا يمكن أن نسمي يا سيادة الرئيس التحالف مع الإرهاب لاقتلاع الأكراد، كما حصل عندما هاجم تنظيم داعش الإرهابي عين العرب (كوباني)!؟، وماذا يمكن أن نعتبر السعي لإنشاء منطقة عازلة لحماية التكفيريين!؟ هل هذا هو الإسلام!؟ وكيف يا امن ادعيت الإسلام تمنيت وجود دولة مدنية تقوم على احترام جميع الأديان والشرائح في مصر وأنت تدعم الإرهاب الذي يكفر الجميع!؟ أهذا إسلامٌ أم نفاق!؟.
وعن أسباب لجوء أردوغان إلى هذه اللهجة في هذه الفترة بالذات، يمكن الإشارة إلى أن أردوغان بات يشعر بالهزيمة، ولهذا لجأ إلى اتهام إيران بالطائفية وقتل المدنيين، كما أنه بات غاضبًا من ظهور حسن نية الدولة السورية وحلفائها أمام الجميع بعد المصالحات التي تم تنفيذها في مناطق عديدة من سورية كمصالحة حي الوعر في حمص ومصالحة الزبداني- الفوعة بالإضافة إلى العديد من المصالحات الأخرى، ولا عجب من اتهام تركيالمحور المقاومة بالطائفية، فتركيا ترغب بالتفاوض مع الكيان الإسرائيلي وتنمية علاقاتها معه كما حصل مؤخرًا، وبالتالي فهي تسعى إلى إرضائه.
في النهاية يمكن الإشارة إلى أن أردوغان ليس في موضعٍ يحق له إطلاق الأحكام وتقسيم الدول والشعوب إلى”طائفي” و”غير طائفي”، وكل ما يحق له أن يندب بقايا الجماعات التكفيرية التي دأب على إمدادها بالسلاح والمال والتي أفنى ملكه في تقديم الدعم المادي والسياسي لها، فصوت أردوغان سيصمت مع آخر رصاصة يطلقها التكفيريون قبل أن يصبحوا خاطرة من خاطرات الشعب السوري وصفحة من صفحات تاريخ المنطقة.
المصدر / الوقت