الجماعات المسلحة في سوريا .. تشتت و ضياع و انصياع للخارج
مع اندلاع الازمة السورية بدأت الجماعات السياسية الموجودة سابقا أو المتشكلة حديثا نشاطاتها باشكال و انماط مختلفة لكنها اتفقت على تغيير النظام السوري، و قد تحالفت هذه الجماعات مع بعضها البعض وشكلت تحالفات ومجالس لكي تظهر نفسها ممثلا لقسم من الشعب السوري و تهيئ الظروف السياسية للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد.
ان الازمة السورية قد طالت ٥ اعوام وتخطت الحدود السورية وتحولت الى ازمة اقليمية ودولية ورغم وجود اسباب داخلية للازمة يجب ان لاننسى وجود اسباب خارجية ايضا وهي من نتائج الصراع الحاصل بين محور المقاومة والمحور الامريكي السعودي في غرب آسيا، ان احد اسباب الانتصارات الدبلوماسية السورية المتلاحقة في السنوات الاخيرة هو الخلافات الداخلية بين صفوف الجماعات المعارضة مثل نزاع الاخوانيين مع العلمانيين وهذا ما تسبب بخسائر كبيرة في صفوف المعارضين.
ويمكن القول ان كل جماعة مسلحة في المدن والقرى لها قائدها الخاص بها ولاتعتبر نفسها ملزمة بطاعة جماعة اعلى منها مثل ائتلاف المعارضين او ما شابه ذلك، ويمكن تقسيم هذه الجماعات المعارضة الى ٣ فئات اولهم المقاتلين “الاسلاميين” ويضمون الاخوان المسلمين وامثالهم، وثانيهم المعارضين “المثقفين” من اليمينيين واليساريين الذين يريدون تشكيل حكومة عصرية على النمط الاشتراكي الديمقراطي أو الليبرالي الديمقراطي، وثالثهم القوميات المعارضة للنظام مثل الاكراد والتركمان وجركسيين الذين يريدون الحكم الذاتي بعد سقوط النظام، والاكراد هم الفئة الأبرز بين هؤلاء.
ونظرا الى وصول المفاوضات بين ممثلي الجماعات المعارضة وممثلي النظام السوري الى مراحل جدية فمن الضروري ان نلقي نظرة الى هذه الجماعة المعارضة.
“الجيش السوري الحر”
ويتألف من عناصر سابقة في الجيش السوري فرت من اماكن خدمتها ولجأت الى تركيا والاردن وشكلت مجموعة مسلحة بقيادة “رياض الاسعد” في تركيا وسميت هذه الجماعة بالجيش الحر وهي جماعة علمانية وتقول انها تريد قيام حكم ديمقراطي لكن هذه الجماعة متشتتة وتنتشر في مناطق عدة بعيدة عن بعضها البعض ولكل مجموعة فيها نمطها واسلوبها الخاص في اماكن انتشارها.
وبعد الهزائم المتعددة للجيش الحر عمدت الاردن وقطر وتركيا والسعودية والاطراف الغربية الى تذليل الخلافات بين الجماعات السورية المسلحة وايجاد غرفة عمليات مشتركة لها في عام ٢٠١٤ وتشكل ائتلاف ضم ٣٤ جماعة مسلحة تكفيرية مثل جبهة النصرة والاخوان المسلمين واحرار الشام و٤٩ وحدة عسكرية تابعة للجيش الحر وسمي هذا الائتلاف بالجبهة الجنوبية وقد شنت عمليات واسعة في مختلف المناطق الجنوبية في سوريا لكنها لم تحقق نجاحا.
المجلس الوطني السوري
تشكل هذا المجلس في الثاني من اكتوبر عام ٢٠١١ وضم ٣١٠ جماعة مسلحة بالاضافة الى وجوه وشخصيات معارضة معظمها من المنفيين وبدأ نشاط هذا المجلس في تركيا و قيل انه القيادة السياسية للجيش الحر ودعمته معظم الدول الغربية وتركيا وقطر وسعى هذا المجلس لتنفيذ المخططات التركية في سوريا.
واتخذ هذا المجلس موقفا عدائيا من ايران و رفض المحاولات الايرانية العديدة لحل الازمة السورية لكن بعض الجهات اليسارية والاكراد الموجودين في هذا المجلس ارسلوا اشارات ايجابية تجاه ايران.
هيئة التنسيق الوطنية السورية
بعد تشكيل المجلس الوطني السوري واتباعه نهجا عسكريا لتغيير النظام قامت بعض الجماعات الصغيرة وكذلك بعض الشخصيات القومية واليسارية وبعض الاكراد المقيمين في سوريا وخارجها والذين كانوا يعارضون العمل العسكري بتشكيل هيئة التنسيق الوطنية السورية في حلبون في ريف دمشق في عام ٢٠١١ برئاسة حسن عبدالعظيم واعلنوا انهم يريدون تغيير النظام السوري وكافة المنتمين له لكن بطرق سلمية واضاف هؤلاء انهم يقبلون بحكومة انتقالية بحضور بشار الاسد.
الائتلاف الوطني السوري
بعد حدوث خلافات بين تركيا وقطر في قيادة المعارضين السوريين وكذلك وقوع خلافات بين اعضاء المجلس الوطني السوري وبعض الجماعات السياسية والجيش الحر تم تشكيل هذا الائتلاف بدعم من قطر وتم انتخاب معاذ الخطيب رئيسا له وقد حظى هذا الائتلاف بدعم دول مجلس التعاون وتركيا ومعظم الدول الغربية لكن هذا الائتلاف مال نحو السعودية بعد مرور فترة من الزمن واستمر في ذلك.
حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني
سعى الاكراد منذ بداية نشوب الازمة السورية الى تجنب الدخول في هذا الصراع لكن تشديد الصراع ودخول التكفيريين على الخط تسبب بتحرك الاكراد نحو تسليح انفسهم وجعل مناطقهم مناطق فيدرالية، ويعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده صالح مسلم احد اهم الجماعات الكردية المسلحة في سوريا، ويعاني الاكراد في سوريا والذين لديهم علاقات ودية مع حزب العمال الكردستاني من العداء التركي تجاههم.
وفي مجمل الاحوال يجب القول ان معارضي النظام السوري لم يستطيعوا تشكيل منظمة موحدة بسبب خلافاتهم الجدية حول الاهداف والايديولوجيا واساليب المواجهة، ويضاف الى هذا كله دخول الجماعات التكفيرية على الخط والاشتباكات والمواجهات بين الجماعات المسلحة انفسهم والتي وضعت سوريا في دوامة الحرب الاهلية المدمرة وهددت الاستقرار في كل المنطقة ما يحتم وجود اتصالات ومفاوضات بين القوى الاقليمية والتصدي للتدخلات الخارجية من اجل احتواء التوترات الاقليمية ووقف العبث بالشؤون الداخلية السورية ومساعدة النظام السوري وكذلك الجماعات المعارضة المستقلة من اجل مواجهة الجمعات التكفيرية وارساء الاستقرار.
المصدر / الوقت