مرسوم جديد من العقوبات الروسية ضد ترکیا: التداعيات و النتائج
تداعيات اسقاط تركيا لطائرة سوخوي الروسية لا زالت مستمرة، فقد وقع “بوتين” على مرسوم قرار يقضي بتوسيع العقوبات الإقتصادية على تركيا والتي جاءت وفق القرار الذي أصدره الكرملين في ٢٨ من شهر تشرين الثاني، وستشمل العقوبات سلسلة اجراءات و قيود على أنشطة مؤسسات أو أشخاص أتراك يعملون في روسيا وفي مجالات محددة، ومن المقرر أن تشكل قائمة تشمل الإتقاقيات والشركات التي ستبقى خارج دائرة العقوبات، مرسوم القرار هذا جاء بعد سلسلة من العقوبات التي تم المصادقة عليها في الشهر الماضي وشملت منع المؤسسات والمنشآت التركية من ممارسة نشاطات في روسيا، ووقف استيراد بعض السلع ذات المنشأ التركي مؤقتاً أو منع استيرادها بالكامل، بالإضافة إلى منع كافة الشركات العاملة في روسيا من توظيف مواطنين أتراك، إضافة الى العقوبات المتعلقة بالجانب السياحي.
كما و شملت العقوبات تشديد الرقابة على شركات الشحن التركية الناشطة في روسيا، والناقلات البحرية التركية في البحر الأسود وبحر آزوف، العقوبات هذه تستثني الدبلوماسيين الاتراك على الأراضي الروسية. فيما يتعلق بالمواد الغذائية التي شملتها العقوبات فكانت الفراولة واليوسفي والبرتقال والعنب والتفاح والكمثرى، والطماطم والخيار والبصل والقرنبيط، ولحوم الدجاج والديك الرومي، والملح وغيرها من المواد الزراعية والغذائية تركية المنشأ.
وقررت الحكومة الروسية أيضا وقف عمل اللجنة الحكومية الروسية التركية للتعاون التجاري الاقتصادي، مكلفة وزارة التنمية الاقتصادية بوقف المفاوضات مع تركيا بشأن اتفاقية التجارة والإستثمار. وقررت الحكومة الروسية، أول أمس الإثنين، منع استيراد الفواكه والخضروات التركية، مؤكدة أن القرار سيدخل حيز التنفيذ بعد بضعة أسابيع، حتى تتمكن الشركات التجارية من ترتيب إمدادات بديلة. وتشير البيانات الصادرة عن هيئة الجمارك الفيدرالية الروسية إلى أن حصة تركيا، في مجموع واردات روسيا، من الخضروات تبلغ ٢٠%، بينما تعادل حصة الحمضيات ٢٥%. وبلغت حصة تركيا في مجموع واردات روسيا من المواد الغذائية ٤% في عام ٢٠١٤، وجاء في مقدمة المنتجات الزراعية التركية الموردة إلى روسيا الطماطم (٣٦٠ ألف طن) والحمضيات (٢٥٠ ألف طن)، بالإضافة إلى أكثر من ١٠٠ ألف طن من العنب. وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، قامت روسيا باستيراد منتجات غذائية تركية بقيمة مليار دولار.
ففيما يخص الزراعة، تبيع تركيا الى روسيا ما يقارب ٤٠% من صادراتها الخارجية من الفواكه والخضار، وقد بلغت قيمة هذه الصادرات ما يقارب ١,٧ مليار دولار اميركي في العام ٢٠١٤، وكان مُقدراً لها ان تزيد عن ذلك، بعد اعطاء المنتوجات التركية افضلية روسية. وتعتمد تركيا بنسبة ٧٠% من استهلاكها للقمح على الواردات الروسية، وتلك المادة استراتيجية بالنسبة لتركيا، ومن المشكوك فيه ان تستطيع انقرة تعويض هذا الكمية – فيما لو توقفت الواردات الروسية – بزيادة الانتاج المحلي، والاسواق البعيدة ستُكبدُها تكاليف اكثر .
اما في مجال مواد الحديد والصلب؛ فإن الاسواق التركية ستشهد ارباكاً كبيراً، نظراً لإعتماد هذه الاسواق على الصادرات الروسية من الحديد والالمنيوم والنحاس، بما لا يقلُ عن ٢٠% من حاجاتها، وتعويض هذه الكمية من مصدرٍ آخر يحتاج الى اتفاقاتٍ واجراءات، تأخذ وقتاً، وقد تختلف تكلفتها عن السلع الروسية .
وفي الاجراءات الروسية الأُخرى، عقوبات تشمُل قطاع النقل والترانزيت والتوظيفات الأُخرى. ففرض تأشيرة دخول على المواطنيين الاتراك، سيُربِك الاستثمارات واعمال المواطنيين الاتراك في روسيا، اما العقوبات في قطاع النقل والترانزيت فستكون الخسارة التركية كبيرة، ومن الصعوبة بمكان ايجاد بدائل او تعويضات عنها، فهناك ما لا يقلُّ عن ٨٠٠٠ شاحنة نقل تجارية تعبُرُ الأراضي الروسية، وتنقُلُ المنتجات التركية الى دول آسيا الوسطى، وهذه الدول يتحدث بعضها اللغة التركية، وتربطها مع انقرة علاقات مُميَّزة .
ما برز حتى الآن من جراء العقوبات الروسية، يبدو كبيراً في نتائجه لا سيما الإقتصادية فالمراسيم التي وقعها الرئيس الروسي ضد المصالح التركية واسعة ومُتشعِّبة، ولها انعكاسات قاسية على الإقتصاد التركي. اما القرارات التي اتخذها رئيس الوزراء “ديمتري مدفيديف” فتُدخِل المواطنيين الاتراك في جُزئيات مؤلِمة، خصوصاً في مجال النقل والإنتقال والترنزيت، وفي ارباك اشغالهم البسيطة على الأراضي الروسية، لاسيما اصحاب المطاعم . فيما شهد الروبل الروسي تواصلاً في التراجع إلى أكثر من اثنين في المئة، الاثنين، ليهوي إلى مستوى منخفض جديد في ٢٠١٥ وهو ٧٢.٣ أمام الدولار مع هبوط أسعار النفط . وانخفض الروبل ٢.٢ في المئة إلى ٧٢.٢ أمام الدولار، كما هبط ٢.٤ في المئة إلى ٧٩.٤ أمام اليورو.
المصدر / الوقت