بعد محادثات جنيف: تطورات الميدان لصالح اليمن أم قوى العدوان؟
فشلت محادثات جنيف كما كان متوقع، فالفريق اليمني المفاوض كأنصار الله فاوض من لا تمثيل له، ولهذا اعتُبرت المحادثات كورقة لإستئناف العدوان بعد فشله، في عملية لإطفاء طابع الشرعية عليه من جديد، فواقع تسعة أشهر على العدوان أثبت أن الخلاف ليس يمنياً داخلياً وانما مشروعاً فتنوياً يدعمه آل سعود ومن خلفهم الغرب الإستعماري، فاستقدام السعودية لمرتزقة من دول مختلفة ومتعددة و الإستفادة منهم في تشكيل جماعات صاحبة فكر تدميري خير دليل على واقع العدوان. وعلى الرغم من كل التنازلات التي قدمها الجيش اليمني والتشكيلات الشعبية الداعمة له بما فيها اطلاق سراح الخمسة التي طالب بهم نظام آل سعود إلا أن السعودية أصرت على أن يكون ايقاف العدوان مقروناً بإعادة هادي وفرقته إلى الحكم، فما هي تطورات الميدان بعد جنيف؟ و هل أن السعودية لا تريد لعدوانها أن يتوقف؟
تطورات الميدان بعد جنيف
مع سلسلة الخروقات التي سجلها العدوان السعودي على اليمنيين خلال الأيام الستة من المحادثات، ومع انتهاء المفاوضات واستمرار العدوان بقصف المناطق السكنية والتي كان اخرها استهداف سلاح الجو السعودي لمنطقة الكيل في الحجة والكتاف في صعدة ومنطقة الشرية في صنعاء والمعافر في تعز وبيحان في شبوة والتي راح ضحية هذه الأعمال العدوانية عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين، بالإضافة إلى الإستمرار بالإعتداء على الجيش اليمني والقوى الشعبية المساندة، وفي معرض الرد والدفاع عن النفس، تمكنت القوى الشعبية وبمساندة الجيش من ضرب سلسلة مواقع عسكرية سعودية في منطقة المعطن وملحمة والخشل والجبوح وجحفان والرميح وغرب مطار الممعود العسكري هذا الى قنص ٣ جنود سعوديين على الحدود مع القسم الشمالي من اليمن.
كما واستهدف الجيش اليمني والقوى الشعبية المساندة تجمعات لقوى العدوان السعودي في منطقة الربوعة بعشرات الصواريخ، و في ظهران ب ٢٠ صاروخ و ٨٠ صاروخ كاتيوشا على منطقة ظهران العسير. وفي نجران استهدف بالصواريخ تجمعات عسكرية في منطقة الصيان والشرفة والمخروق. واستهداف تجمع لجماعات التكفير في مأرب والتي قتل فيها عشرات العناصر، وفي حجة تم استهداف ٤ مركبات سعودية. وفي تعز استعاد الجيش اليمني مرتفع الشوكة، وتقدموا باتجاه منطقة الحرث السعودية في محافظة جيزان يمنية الأصل وتمكنوا من السيطرة على أكثر من موقع والإستيلاء على الذخيرة فيها، كما و فجروا مستودع للأسلحة و احرقوا بعض الآليات في منطقة مجزر.
هل تريد السعودية ايقاف الحرب؟
أولاً: التطورات الحاصلة و تصعيد الرد اليمني بوجه قوى العدوان السعودي ولا سيما في المدن اليمنية الأصل والتقدم الملحوظ فيها مؤشر خطر تستشعره السعودية من أن تفرض الأيام القادمة و وقائع الميدان مطالبة اليمنيين باستعادة الحق، خاصة و أن سكان المدن الثلاث برزت مطالبهم في أكثر من موقف برفضهم البقاء تحت السيطرة السعودية. هذا و يضاف إلى اشتداد قوة جماعات الجنوب التي شكلتها السعودية والتي ظهر منها في أكثر من مكان جنوحها نحو الإنقلاب على السعودية كالحراك الشعبي في الجنوب. فالنظام الحاكم في السعودية يرى أنه قد حوّل اليمن إلى ساحة مشتعلة بوجهه.
ثانياً: بناء على ما سبق فإن السعودية ترى في استمرار العدوان ضربة مؤلمة لها، لكن وقائع السنوات الأخيرة تشير إلى أن أمريكا قد رسمت مخططاً لإشغال السعودية في حروب بعضها مباشر كاليمن وأخرى غير مباشر كسوريا و العراق وهو ما خفّض سعر النفط من جهة والذي تستفيد منه أمريكا من خلال عقد صفقات طويلة الأمد وفق السعر المنخفض، من جهة أخرى فإن المنفعة الأمريكية بفتح أسواق لتصدير نتاجها العسكري والذي تنظر فيه الى اليمن على أنه واحد من اسواقها، كما وأن استنزاف امريكا للإحتياط المالي السعودي في بنوكها الأمريكية يصب في دائرة المنافع الأمريكية، وعليه فإن الضوء الأخضر الأمريكي بشن العدوان على اليمن لا زال مستمراً.
ثالثاً: النظام السعودي الحاكم و أمام هذا الواقع عالق بين فكّي كماشة، فإيقافه العدوان قد يكون ممكن من خلال تحويله إلى الغير مباشر كما العراق وسوريا وهو يحافظ على المصلحة الأمريكية، ولكن الحسابات السعودية تأخذ بالحسبان تسع أشهر استخدمت فيه جماعاتها الإرهابية من جهة وسلاحها الجوي والبري من جهة أخرى، ومع ذلك فالنتجة كانت صمود يمني وتحقيق مزيد من الإنتصارات، فكيف اذا فقد العدوان احدی عنصريه. عليه فإن التعويل السعودي برفع مستوى الدعم لجماعاتها الإرهابية حتى يصل الأمر إلى المكان الذي يمكن الإعتماد عليهم. اما الحديث عن شرعية هادي فهو فاقد للمنطق والصواب، فهل أن رئيس بلد مزعوم تحتاج تثبيت شرعيته عدوان تسع أشهر على اليمن وقتل المدنيين فيه وضرب جيشه؟
المصدر / الوقت