لماذا تطرح كلٌ من واشنطن والرياض التساؤلات حول استهداف زهران علوش؟
على الرغم من ادعائها محاربة الإرهاب في سوريا، أطلقت كلٌ من واشنطن والرياض مواقف أثارت التساؤلات، لا سيما بعد أن أظهر الطرفين استهجانهم من عملية استهداف زعيم ما يُسمى بجيش الإسلام “زهران علوش”. وهو ما يطرح العديد من الأسئلة حول حقيقة الدور الأمريكي والسعودي، فيما يُسمى مسار الحل السلمي في سوريا. فإذا كانت واشنطن ومعها الرياض مُقتنعة في محاربة الإرهاب، فلماذا محاولة استثناء علوش واعتباره طرفاً لا يمثل الإرهاب في سوريا؟ ولماذا تسعى واشنطن القول بأنه يوجد معارضة مسلحة معتدلة؟ في حين لا داعي لتبيين أفعال تنظيم جيش الإسلام الإرهابية. فماذا في الموقفين الأمريكي والسعودي؟ وما هي دلالات ذلك؟
أمريكا والسعودية تستهجن استهداف علوش:
أشارت التصريحات الأمريكية لا سيما الصادرة عن وزارة الخارجية استهجاناً واسعاً. فقد أشار “مارك تونر”، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن أمريكا لم تدعم “زهران علوش” وهي قلقة من سلوك جماعته، لكنها في المقابل تُقدر محاربة الجماعة لتنظيم داعش. كما اعتبر الناطق أن استهداف علوش بالطريقة التي حصلت تبعث برسالة خاطئة إلى جماعات تشارك في حوار سياسي يهدف لإنهاء الصراع وتؤدي إلى تعقيد الجهود المبذولة لبدء المفاوضات.
من جهةٍ أخرى فقد أشار وزير الخارجية السعودي “عادل الجبير” اليوم، الى أن قتل “زهران علوش” في ضربة جوية روسية الأسبوع الماضي لا يخدم عملية السلام في سوريا. مضيفاً خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي الى أن محاربة زعامات أيدت حلاً سلمياً لا يخدم العملية السلمية في سوريا، متسائلاً عما يدور في أذهان الطرف الروسي لكي يقوم بذلك، واصفاً الجماعة بأنها لم تتلطخ أيديها بالإرهاب على حد تعبيره.
دلالات و تحليل:
لا شك أن تحليل الموقف الأمريكي يوضح أيضاً الرأي السعودي. فالرياض تُبحر في المركب الأمريكي. لذلك ليس من المُستغرب التوافق الحاصل بين الطرفين حول موضوع استهجان استهداف “زهران علوش”. لكن لا بد من الوقوف عند دلالات الموقف المُوحَّد للطرفين:
– في الحديث عن دلالات التوقيت وبالنظر الى الناحية الإقليمية، يتحدث البعض عن أن استهداف “علوش” وكبار مساعديه يأتي بعد ما يقارب الأسبوعين من مشاركة وفد يمثله في لقاء المعارضة في الرياض. مما يعني أن ذلك يمثل رسالة صريحة لا سيما من الطرف الروسي الى من يهمه الأمر، بأنه لا يوجد ما يُسمى معارضة مسلحة معتدلة، بل إن أي طرفٍ شارك في قتال النظام السوري، يُعتبر في صف الإرهابيين. وبالتالي، فإن الحديث الأمريكي والذي يجري اليوم عن أن جيش الإسلام يُمثل تميزاً في الأطراف التي تقاتل النظام لا سيما تميزه عن داعش، هو من الأمور التي أراد الطرف الروسي القول أنها لا تمت للحقيقة بصلة.
– لذلك فإن ما تقوم به واشنطن أو الرياض اليوم من إثارة التساؤلات حول الخطوة الروسية، يهدف أولاً لمحاولة إثارة الشكوك تجاه الدور الروسي، وثانياً لإظهار أن الطرف الروسي لا يمثل مرجعيةً في محاولة الإرهاب. فواشنطن تريد الترويج لفكرة أن روسيا لا يمكن أن تقود الحل في سوريا، وبالتالي فإن العقل الأمريكي يظن أنه ومن خلال ذلك يمكنه إقناع بعض المعارضين برفض الحلول أو الجهود الروسية.
– من جهةٍ أخرى لا بد من الإشارة الى أن مقتل “علوش” وعدد من القيادات العسكرية للتنظيمات المتمركزة في الغوطة الشرقية، يُعتبر ضربة قوية عسكرية موجعة للتنظيمات الساعية إلى إسقاط الرئيس “الأسد” عسكرياً، مما يعني أن السعي الأمريكي للحل السلمي، لا يتطابق مع الدور العملي لواشنطن. فدفاعها عن الرجل، يعني دفاعها عن الخيار العسكري. وهو ما يُفسر عدم قيام واشنطن الى جانب كلٍ من الرياض وأنقرة، بإدراج جيش الإسلام بقيادة “علوش” والجبهة الإسلامية التي ينتمي إليها ضمن قوائم الإرهاب.
لا شك أن التوجه العملي لكلٍ من أمريكا والسعودية، لا يتطابق مع التصريحات البراقة لا سيما للمسؤولين الأمريكيين. وهو الأمر الذي يدل على أن واشنطن تحديداً، تحاول الإستفادة من واقع الإرهاب في سوريا بالطريقة التي تراها مناسبة لمصالحها، عبر الترويج لخطٍ عسكريٍ معتدل، وهو ما يُخالف الواقع. فيما من الواضح أن إزاحة “علوش” من المعادلة السورية، أراح العديد من الأطراف الداخلية السورية لا سيما الشعب السوري. مما يعني أن استهدافه يصب في مصلحة الشعب السوري. من جهةٍ أخرى، فإن الحملة الأمريكية السعودية المُستهجِنة لإستهداف “علوش”، تؤكد أن الرجل كان يتمتع بدورٍ مركزيٍ الى جانب التعويل عليه للمستقبل، كأداةٍ يمكن أن تؤثر على الواقع الميداني القادم. فيما يُثبت الأمريكيون والسعوديون، كذب ادعائهم محاربة الإرهاب.
المصدر / الوقت