نظرة على هيكل السلطة في جمهورية أذربيجان
إن الهيكل الفعلي للسلطة في جمهورية أذربيجان، بعیدٌ من النواحي الهيكلية والمحلية والقبلية عن الهيكل المرسوم له في دستور هذا البلد. وعلى الرغم من أن الفصل بين السلطات الثلاث قد نُصّ علیه في دساتير هذا البلد وفي جميع المصادر المتاحة، لكنّ الطبيعة الحقيقية للنظام السياسي وعلاقة السلطات في بعض الحالات، تختلف عن الوضع المعلن.
فمنذ ١٩٩٣-٢٠٠٣، تولّی حيدر علييف زعيم هذا الحزب، منصب الرئاسة خلال فترتین کل منهما خمس سنوات، وبعد عام ٢٠٠٣ ومع وفاته، تولى ابنه الذي أصبح قائد الحزب، منصب الرئيس ولایزال رئيس البلاد أيضاً. وبالإضافة إلى أن حزب أذربيجان الجديدة قد فاز بمقعد الرئاسة، فله تأثير كبير وحضور جاد في السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية). وهذا الحزب هو الحزب السياسي الأقوى في جمهورية أذربيجان اليوم.
والسلطة التنفيذية التي يرأسها الرئيس الأذربيجاني، تتدخل فعلاً في مهام السلطات الأخرى، وتنتهك حقوق المعارضین في بعض الأحيان ولأسباب سياسية، وهو ما يشكل تدخلاً سافراً في عمل القضاء.
کما أن حزب أذربيجان الجديدة الذي ينتمي إلیه رئيس الجمهوریة، بسبب امتلاکه لأغلبية الأصوات في الجمعية الوطنية، یعتبر قاعدةً قويةً وصلبةً لرئيس السلطة التنفيذية، وهو الأمر الذي أدى إلی سلب البرلمان الاستقلاليةَ المطلوبة أمام السلطة التنفيذية.
وبناءً على ذلك، فإن أحد مكونات توطيد سلطة عائلة علييف في أذربيجان، هو غیاب الأحزاب السياسية القوية والمتماسكة في هذا البلد. فمن منظور حكومة أذربيجان، ينبغي علی جمیع الأحزاب السياسية باستثناء حزب أذربيجان الجديدة، إعادةُ النظر في أهدافها وغاياتها. کما يجب علیها أیضاً إجراء الإصلاحات وأن تعمل كأحزاب سياسية.
وتجدر الإشارة إلى أنه في بعض الدول الأوروبية، فإن أي حزب لا ینشط بشکل جاد ولا یشاركفي الانتخابات، سيتم إلغاءه تلقائياً. وفي أذربيجان أيضاً ينبغي علی الأحزاب أن تنشط كأحزاب سياسية تمشياً مع أهداف ومقاصد السلطة، وذلك للبقاء على قيد الحياة.
والحقيقة هي أن الأحزاب في أذربيجان لا تملك الكثير من القوة، وغالباً ما تكون أنشطتها موسميةً وفي أثناء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وعلى الرغم من أن النظام المتعدد الأحزاب هو الحاكم في أذربيجان، مع ذلك ومن الناحية العملية، كانت السلطة المطلقة منذ استقلال هذه الجمهورية إلی الآن تقريباً، بید الحزب الحاكم أي حزب أذربيجان الجديدة.
والأحزاب في أذربيجان لیس لدیها القدرة على تقديم بديل ملائم، یملك القدرة على المنافسة مع حكومة عليیف، وهي في كثير من الأحيان تفتقر إلی الأيديولوجية والبرامج القادرة علی جذب الناس. کما أن معظم هذه الأحزاب تعتمد على الحكومة للحصول على التمويل، وينبغي أن تعمل ببعض الالتزامات. وعلاوةً على ذلك، فإن بعض هذه الأحزاب لا تنشط سوی في إصدار التصريحات والبيانات الصحفية.
في المجموع، جمهورية أذربيجان في الوضع الحالي، ومع الاستفادة من الإيرادات المتحققة من تصدير النفط الخام (وخاصةً بعد ارتفاع أسعار النفط الخام)، تمر بظروف جديدة. وهذه الجمهورية فیما یخصّ السياسة الداخلية، تستخدم هذه الإيرادات بشکل وافر لإنشاء نظام سلطوي وقمعي.
کما یتم تعزيز أجهزة الشرطة والأمن، وخلق فضاء سياسي صارم، وذلك لمنع نموّ القوى الوطنية والمعارضة، وکذلك تربية المثقفين والعلماء والسياسيين الموالين للحكومة، من أجل حماية حكومة علييف.
أسباب الفشل في جبهة كاراباخ، وعدم قدرة الحكومة على استعادة الأراضي المفقودة، هي من الجوانب المثيرة لهذه السياسة. وفي هذه الأجواء الأمنية – البولیسیة الحازمة، أصبح من المستحيل إمكانية أي نوع من الإصلاحات من قبل القوى الوطنية خارج دائرة السلطة، مما أدى في نهاية المطاف إلى انغلاق المناخ السياسي في أذربيجان أکثر فأکثر.
المصدر / الوقت