التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

الباكستان – الهند وأفغانستان ثالثهما.. هل يُصلح الاقتصاد ما أفسده الأمن؟ 

أتت زيارة رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” الأخيرة إلى أفغانستان والزيارة المكوكية التاريخية لباكستان في وقت تشهد آسيا الوسطى والجنوبية حراكا واضحا يهدف إلى إعادة ترتيب أوراق العلاقات المتأزمة تاريخيا إن كان بين الهند وباكستان أو بين الباكستان وجارتها أفغانستان. وقد يكون السبب وراء هذا الحراك أن تلك الدول قدأدركت أن مصالحها المشتركة ونقاط التقارب فيما بينها كثيرة. واللافت في هذا الحراك وإعادة التموضع الجديدة أن الطابع الاقتصادي هو الغالب. فهل ستتمكن المصالح الاقتصادية التي تجمع هذه الدول من تخطي المشاكل الأمنية والنزاعات التاريخية فيما بينها؟

وحول زيارة “مودي” لأفغانستان والتي تخللها مراسم افتتاح مبنى البرلمان الذي شيد في كابول بمساعدة هندية. فقد كانت الباكستان الحاضرة الأبرز في هذه الزيارة ففي خطاب مودي أمام البرلمان الأفغاني كان هناك الكثير من الايحاءات التي تشير الى الباكستان ففي معرض حديثه أكد أن الهند أتت الى أفغانستان لمساعدة البلاد وليس للتنافس مع أحد، مؤكدا أن سلام أفغانستان حلم للجميع وتحقيقه يحتاج إلى منع تصدير الارهاب عبر الحدود، وذلك في إشارة واضحة الى الدور الباكستاني. مضيفا إن أفغانستان يمكن أن تكون جسرا بين دول آسيا الوسطى وجنوب آسيا ومنها الهند والباكستان. وعلى دول المنطقة عموما والباكستان خصوصا أن تصب جهودها في هذا الصدد لتتمكن أفغانستان من تأدية هذا الدور الاقتصادي بالشكل المطلوب. مؤكدا أن أفغانستان تحارب الارهاب بالنيابة عن دول المنطقة بأسرها.

ومن أفغانستان كانت الزيارة المفاجئة التي وصفت بالتاريخية لرئيس وزراء هندي إلى باكستان حيث زار مودي لساعات مدينة لاهور الباكستانية والتقى نظيره الباكستاني نواز شريف. وتأتي الزيارة بعد أسابيع من إعلان استئناف مفاوضات السلام بين الدولتين النوويتين. وقد لقي مودي حفاوة كبيرة من الجانب الباكستاني في مقابل موجة انتقادات واسعة له داخل الهند. وحول هاتين الزيارتين والتصريحات والإيحاءات لرئيس الوزراء الهندي، يمكن القول أن نيودلهي وإسلام أباد قد أدركتا أن إذابة الجليد بينهما يصب في مصلحة كلا البلدين والمنطقة بأسرها بما في ذلك أفغانستان التي تعاني من الحروب منذ عقود وتتحمل فاتورة الحرب على الارهاب نيابة عن كافة دول المنطقة. هذا من جهة ومن جهة أخرى فان المشاريع الأقتصادية الجديدة في المنطقة تفرض على دولها تعزيز التعاون فيما بينها كمشروع “تابي” الذي بموجبه سيتم نقل الغاز التركمنستاني (آسيا الوسطى) عبر أفغانستان إلى كل من الباكستان والهند (جنوب آسيا) ومشروع طريق “لاجورد” الذي من المفترض أن يربط دول جنوب آسيا بأوروبا عبر أفغانستان ودول آسيا الوسطى. هذا ناهيك عن مشروع خط “السلام” للغاز الذي يسعى لنقل الغاز الايراني إلى الهند وبنغلادش (جنوب آسيا) عبر الباكستان.

ومن المؤكد أن هذه المشاريع ستساعد في تذليل الكثير من العقبات أمام التقارب بين دول المنطقة وبالخصوص الهند وباكستان من جهة والباكستان وأفغانستان من جهة أخرى. وهذا ما يُستشف من تصريحات “مودي” في كابل بالاضافة الى مواقف المسؤولين الباكستانيين. إضافة إلى كل ذلك يبدو أن الخوف من الإرهاب أيضا أصبح من الأمور التي تساعد في التقارب بين دول المنطقة. فالهند مهتمة بمساعدة أفغانستان على مواجهة التطرف وباكستان تتخوف من تفلت الأوضاع لدرجة لا تستطيع بعدها التحكم بتصرفات المجموعات المتطرفة ومنها طالبان باكستان. لذلك تجد نفسها مضطرة للمساعدة في حفظ واستقرار أفغانستان التي من المقرر أن تستأنف المحادثات مع طالبان وبمساعدة باكستانية خلال الفترة المقبلة.

في خلاصة ما ورد يؤكد الكثير من المحللین والمراقبین أن حجم الخلافات فيما بين الأطراف المتنازعة لا يزال أكبر من أي تسوية شاملة تؤدي إلى سلام فيما بينهم. ولكن كافة الأفرقاء قد أدركوا ضرورة إيجاد ثغرات ولوبسيطة في العلاقات المتأزمة بينهم ومحاولة تقريب وجهات النظر في الملفات التي تحكمها المصالح المشتركة وترك الملفات المتعثرة إلى مراحل متقدمة من العلاقات الثنائية. وعدم الوقوف عند المشاكل التاريخية التي لم تنضج ثمار حلولها إلى الآن. وفي ذلك مصلحة أكيدة لكافة الأطراف على أمل ايجاد حلول جذرية مستقبلا لكافة الأمور العالقة بما في ذلك الملفات الشائكة التي لاتزال إلى اليوم أكبر من الجميع
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق