التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

هل تطيح العواصف الداخلية بحركة نداء تونس ؟ 

حركة نداء تونس هي الحركة الواسعة التأييد بين التونسيين و التي تضم الأغلبية البرلمانية الحاكمة و نخب أخرى وبطبيعة الحال مؤسسها و رئيس البلاد الحالي “الباجي قائد السبسي” و هي الحركة التي يصفها أصحابها بأنها تمثل الجيل الخامس من الحركة الوطنية التونسية، هذا الوصف الذي لم يعد يجده كثيرون من داخل الحركة بأنه مطابق لسياسات الحركة على أرض الواقع، فعاصفة الخلافات بين قادتها بدأ يهدد بانقسام جدّي يخرق صفوف الحركة.

بداية الخلافات
بعد عامَين على تأسيس حركة نداء تونس، خاضت الانتخابات التشريعية والرئاسية وفازت بكلتا الانتخابات و على الرغم من الجذور العقائدية المتنوعة، لا بل المتباينة في بعض الأحيان لأعضائها المؤسّسين و استمرار تحالف “نداء تونس ” الذي يضم مزيجاً من النقابيين اليساريين و الأوليغارشيين المحافظين بفضل الخلاف المشترك لأعضائه مع حركة النهضة وحلفائها في الحكم بعد الثورة.
ظهرت الخلافات لأول مرة بين أعضاء الحزب على أثر تعيين “حافظ قائد السبسي” و “محمد الغرياني” و الذي يعتبر من رموز الحكم السابق في عهد “بن علي” في مناصب حساسة في الحركة و هذا ما أثار موجة اعتراض كبيرة داخلها و حدث عدد كبير من الاستقالات على اثرها، هذا وشهد الحزب جولة جديدة من الخلافات قبل الانتخابات التشريعية و الرئاسية في العام ٢٠١٤ على خلفية مزاعم بأن حافظ الذي اختير لرئاسة قائمة تونس، كان يضغط باتجاه ضم مزيد من أنصار التجمع الدستوري الديمقراطي ” الحزب الحاكم أيام بن علي” إلى التحالف.
اضافة إلى الاختلاف في موضوع إشراك خصمهم حركة النهضة في الحكومة و نشوء صراعات على رئاسة الحزب مع اقتراب الانتخابات الحزبية و جراء السياسات المتجددة للحزب على حد وصف المعترضيين و خاصة فيما يتعلق بـ ” حافظ قائد السبسي ” الذي اعتبره البعض يشكل لوبي و تيارات مستقلة داخل الحزب واتهامه باقصاء مناضليين و شخصيات مهمة من الحزب.
تفاقم الأزمة و تلويح باستقالة كتلة نيابية تضم ٣١ نائباً
على أثر الخلافات المتفاقمة داخل الحركة نشر النائب “كريم بقلوطي” على صفحته الرسمية تأكيداًعلى استقالة ٣١ نائباً من الكتلة البرلمانية لـنداء تونس . ويصرّ النواب، الذين دخلوا في تحدٍّ ومواجهة مباشرة مع التيار الذي يمثله حافظ “قائد السبسي” على أن ينعقد اجتماع المكتب التنفيذي للحزب، لأنه الهيئة الحزبية الشرعية الوحيدة التي تملك أحقية النظر في المؤتمر المقبل للحزب، فيما يتمسك نجل الرئيس التونسي “حافظ” ومناصروه بالرأي القائل إن الهيئة التأسيسية هي التي تمتلك هذه الأحقية .
و هذا ما طرح فرضية دستورية وسياسية لم تكن في الحسبان، إذ إن انشقاق ٣١ نائباً من أصل ٨٦ عن “النداء” وإعلان إمكانية تشكيلهم لكتلة مستقلة، يعني فقدان الحزب للغالبية البرلمانية، وتقدّم حركة “النهضة” من المرتبة الثانية، إلى صاحبة الغالبية الجديدة في مجلس نواب الشعب، مع ٦٩ نائباً من أصل ٢١٧، هذا ما دفع القيادات من حركة النهضة للتأكيد بأنهم لا يريدون الحكم منفردين و أن النظام الحالي بمكوناته و الحلف الرباعي القائم يؤمن الاستقرار للبلاد رغم هشاشته و ذلك بقناعة من الحركة بأنها غير قادرة على الحكم بمفردها في الوقت الحالي و الأرضية الاقليمية و التونسية غير مهيئة لحكم اسلامي بعد.

محاولات تلافي الأزمة و التخفيف من الاحتقان
و في محاولة لتدارك تداعيات الأزمة داخل الصف الواحد انتُخب مكتب سياسي يشمل الأطياف المختلفة مع اعادة هيكلة آلية صنع القرار بين أعضاء الحزب بعد أن كانت تحت أيدي المجلس الدستوري.
و لجنة التوافق التي تضم ١٣ قيادياً وكان قد اقترحها الرئيس ” الباجي قائد السبسي ” بعد أن أصابها الانقسام هي الأخرى كانت قد تقدمت بمقترحات تضمنت عقد مؤتمر توافقي في ١٠ يناير ٢٠١٦، وآخر انتخابي يومي ٣٠ و٣١ يوليو ٢٠١٦ المقبل.
لكن مقترحات لجنة التوافق لم تنل رضا مجموعة الــ ٣١ المستقيلة ، اذ اعتبرت المجموعة في بيان لها أن “اقتراحات لجنة الـ ١٣ لا ترتقي إلى مستوى أزمة نداء تونس”، وأضافوا “بعد رفضهم لمقترح لجنة التوافق، أنّ أزمة نداء تونس تتمحور حول محورين وهما موضوع الشرعية والتسيير الديمقراطي”، لكن كما قال القيادي السابق في حركة نداء تونس، “عبد العزيز المزوغي”: “لم تعد الأطر الداخلية في حركة نداء تونس تعزّز الحوار الفعال بين القادة. ليس هناك تركيز على المسائل الأساسية… في الاجتماعات التي نعقدها، يتعذر نقاش الأمور بعمق ودقّة أو اتخاذ أية قرارات. ولذلك تخرج القرارات ركيكة، من دون معرفة مصدرها”.
فيبدو أنه لا مهرب من الانقسام في الحركة و تشكيل حزب جديد و هذا ما اكدته بعض المصادر الصحفية و أن الإعلان عن حزب جديد قريب جداً و يجري التحضير له.
فإلى أين ستؤول أمور الحكم بعد هذا الانقسام الكبير في حركة نداء تونس الحاكمة ؟ و ماذا سيحصل بعد فقدان تكتل نواب حركة نداء تونس للأغلبية في مجلس النواب؟ هل ستتصدر حركة النهضة الإسلامية الواجهة من جديد؟ أم أن تحالفات و خلط أوراق جديد سيطفو على المشهد التونسي؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق