السعودية بإعدام الشيخ النمر حوّلت الملف السعودي إلى ملف إقليمي ودولي
وكالات – سياسة – الرأي –
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الاردني، ناهض حتر، أن المملكة السعودية تغرق في حربٍ طويلة مكلفة ضد اليمن، وفي قلب هذه الحرب التي تسير نحو الفشل، هناك هجمة طائفية ضد الزيدية المنتمين إلى عائلة المذاهب الشيعية والمنخرطين بزعامة أنصار الله في مشروع سياسي وطني له امتداد بالمحور الممتد من إيران إلى العراق إلى سوريا إلى حزب الله في لبنان.
وقال حتر أن الشيخ النمر كان يدعو إلى حراك سلمي محلّي لتحصيل الحقوق المهدورة ويرفض معالجة الملف على المستويين الإقليمي والدولي وبإعدام الشيخ النمر أعدمت السلطات السعودية أيضاً نهجه المحلّي فقد تحوّل الملف الشيعي في السعودية بدماء الزعيم الوطني إلى ملف إقليمي ودولي.
واضاف في حوار خاص لوكالة انباء فارس الإيرانية أن مآل هذه الحرب هزيمة ساحقة أو ما هو أسوأ بالنسبة للمملكة السعودية أي انفصال المحافظات اليمنية الزيدية الإسماعيلية الثلاث التي استولى عليها السعوديون عام 1934 بالقوة وهي نجران وجيزان وعسير، والحرب على اليمن باهظة التكاليف، أكثر بكثير من تكاليف الحرب على سوريا والعراق بواسطة الإرهابيين وسياسات المجابهة مع إيران، إذ تستنزف الخزينة السعودية من خلال تمويل صفقات السلاح بالمليارات وبالإضافة إلى ما تستنزفه مؤسسة الفساد الملكية والحكومية.
وأكمل الكاتب حتر أن الرياض اتبعت نهجاً في تخفيض أسعار النفط بصورة مصطنعة الهدف من ذلك إيذاء الدول النفطية المعارضة للولايات المتحدة الأمريكية، روسيا وإيران وفنزويلا، وهو نهج ارتد على السعودية التي ترفض التعاون مع المنتجين الآخرين، رافعة شعار “عليّ وعلى أعدائي”.
وأضاف المحلل السياسي الاردني أن الإنفاق العسكري غير المسبوق وتمويل التدخل الإرهابي والسياسي في المنطقة، والرشى والفساد وانخفاض أسعار النفط في بلد وحيد النشاط الاقتصادي يعتمد بنسبة 95% على الريع النفطي، يخلخل مجمل البنية الاجتماعية السياسية في المملكة القائمة على الرعاية الاجتماعية مقابل الصمت والولاء، فالسعودية الآن أصبحت تحت ضغط أزمتها المالية المتفاقمة مضطرة إلى اتباع سياسات تقشّف في الإنفاق الحكومي ودعم السلع والمحروقات إلخ.
وأردف أن من المقدّر لهذه السياسات أن تفجّر احتجاجات شعبية عامة، قررت السلطات السعودية الحيلولة دونها من خلال إشاعة أجواء الرعب بالإعدامات التي طالت الشيخ “نمر النمر” وعشرات من المواطنين من كل المحافظات السعودية ومن كل الطوائف والتيارات.
ورأى الكاتب الصحفي حتر أنه من هذا السياق فان إعدام الشيخ النمر مقصود بذاته لإخافة هذه الفئات الأكثر تضرراً من السياسات الاقتصادية كجماهير الإحساء والقطيف الشيعية وهي الجماهير الأكثر حيوية في المعارضة الشعبية، والآن سوف يتخذ الاحتجاج في مناطق الشيعة طابعاً طائفياً يمكّن السلطات السعودية من حشد المواطنين السنّة ضده، وهكذا فإن سياسات التحريض الطائفي تبدو ككرة النار.
وأكمل أن المنطقة الشرقية في المملكة السعودية تعوم على بحر من النفط، لا يفيد أي من أبناء المنطقة الشيعة المهمّشون والمفقّرون تقليدياً والمحرومون من أبسط الحقوق السياسية والحرية الدينية، المنطقة تاريخياً مستقلة عن نجد الوهابية التي واصلت منذ القرن الثامن عشر سياسات الغزو والنهب والقتل والسبي والتدمير ضد منطقة متحضرة كانت جزءً من البحرين الكبرى جرى إلحاقها بالحديد والنار.
ورأى الكاتب أن هذه الخلفية التاريخية والاجتماعية والثقافية والسياسية تجعل من ملف المنطقة الشرقية بالغ الخطورة على وحدة المملكة، إلا أن الحراك الشيعي بقيادة الشيخ نمر النمر اتبعّت خطّاً يضمن أن يظل الملف جزءً من السياسة الداخلية، فقد كان الشيخ النمر يدعو إلى حراك سلمي محلّي لتحصيل الحقوق المهدورة ويرفض معالجة الملف على المستويين الإقليمي والدولي وبإعدام الشيخ النمر أعدمت السلطات السعودية أيضاً نهجه المحلّي فقد تحوّل الملف الشيعي في السعودية بدماء الزعيم الوطني إلى ملف إقليمي ودولي.
وأردف المحلل السياسي أنه وعقب الاغتيال انهمرت التصريحات الغاضبة من المستويات المختلفة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعراق ولبنان واليمن والبحرين وأصبح شيعة السعودية الآن موضوعيا جزءً من القضايا الإقليمية للمحور للفضاء الشيعي الإيراني العربي وهذه خسارة استراتيجية للمملكة التي تنهكها الانشقاقات الطائفية والاجتماعية والانشقاقات في العائلة المالكة المعترضة على انفراد ولي ولي العهد محمد بن سلمان بالسلطة المطلقة.
واعتبر أن إخراج ملف المنطقة الشرقية من الإطار السعودي إلى الإطار الإقليمي يضعه بصورة تلقائية بين يدي طهران جائزة أخرى للإيرانيين يقدمها السعوديون هذه المرة ليس في العراق وسوريا واليمن بل في قلب الديار السعودية، فالمملكة أفلست أخلاقيا وسياسيا وماليا وبينما تعتقد أنه بإمكانها الاستمرار بتجاهل النقد المتصاعد في المجتمع الدولي إزاء سياساتها في دعم الإرهاب في الخارج وممارسته في الداخل، دفع إعدام الشيخ النمر حلفاء الرياض في الولايات المتحدة وأوروبا لإدانة الفعل “الطائفية” التي ستكون لها عواقب وخيمة.
وختم السياسي حتر أن هذا الملف لم يعد داخليا بل إنه محاط الآن التوتر الإقليمي إلى أقصى حد خصوصا وأن المسوّغ الأخلاقي والإنساني للتدخل في السعودية بات مكتملا.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق