استراتيجية الامن القومي الروسي الجديدة
من المعروف أن استراتيجية الأمن القومي الروسية التي أقرّت في ٢٠٠٩ على أن تعتمد لسنة ٢٠٢٠ والتي وُقّعت أيام ديمتري ميدفيديف رئيس الوزراء الحالي عندما كان رئيساً للدولة والاستراتيجية انذاك نصّت على ضرورة التحول إلى سيناريو التنمية القائم على الابتكارات وتحديث الجيش والاستخبارات ورفع مستوى التعليم وإطالة متوسط عمر المواطنين، ولكن بعد أن دعا بوتين في يوليو/تموز٢٠١٥ إلى تعديل استراتيجية الأمن القومي الروسي لتتناسب مع التحديات والأخطار التي تواجه البلاد، أقرت الخميس الماضي وهو آخر يوم في العام ٢٠١٥ الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الروسي.
ازدياد الدور الروسي وتهديدات مترابطة جديدة على الأمن القومي
قال الرئيس الروسي بوتين خلال اجتماع مع مجلس الأمن الروسي: “من الضروري تحليل جميع التحديات والأخطار المحتملة، لتشمل السياسية والاقتصادية والإعلامية وغيرها، خلال فترة قصيرة، وتعديل استراتيجية الأمن القومي الروسي، بناءً على نتائج هذا التحليل”.
وجاء في نص الاستراتيجية أن روسيا أظهرت قدرتها على صون سيادتها واستقلالها ووحدة دولتها وأراضيها وحماية حقوق مواطنيها خارج البلاد، إضافة إلى تنامي دور روسيا في حل أهم القضايا العالمية وضمان الاستقرار الاستراتيجي وسيادة القانون الدولي في العلاقات بين الدول.
كما تضمنت أن تعزيز قدرات روسيا يتم وسط “تهديدات مترابطة جديدة على أمنها القومي” وأن ممارسة روسيا سياستها المستقلة داخليا وخارجيا تلقى مقاومة من قبل أمريکا والدول الحليفة لها الساعية إلى تكريس هيمنتها على شؤون العالم.
وأشارت الوثيقة في هذا الصدد إلى أن السياسة المتبعة للتضييق وفي محاولة لردع روسيا تشمل ممارسة الضغط عليها اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا.
التهديدات القريبة: الناتو وأوكرانيا
وحسب ما جاء في نص الاستراتيجية فإن “تعزيز قدرات حلف الناتو وتكليفه بوظائف كونية تنفذ بما يخالف القوانين الدولية، كما تكثف نشاطات الحلف العسكرية ويوسع وتقترب بنيته التحتية العسكرية من الحدود الروسية”، وهذا ما يشكل تهديدا للأمن القومي الروسي.
كما اضافت الوثيقة أن بقاء منطق الكتل العسكرية في حل قضايا دولية يؤثر سلبا على التعامل مع التحديات والتهديدات الجديدة، أما تنامي تدفق المهاجرين من إفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا فقد أثبت عجز نظام الأمن الأوروأطلسي المبني على هياكل الناتو والاتحاد الأوروبي.
وذكر نص الوثيقة أن الدعم الأمريكي والأوروبي للإنقلاب على الدستور في أوكرانيا أحدث انشقاقا عميقا داخل المجتمع الأوكراني وأدى إلى نشوب نزاع مسلح في البلاد، وأضاف أن “تغذية الأيديولوجيا القومية المتطرفة في أوكرانيا وإظهار صورة روسيا على أنها العدو في عقول المواطنين الأوكرانيين، والتوجه الصارخ إلى حل المشكلات التي تعاني منها البلاد بالقوة، بالإضافة إلى الأزمة الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي تشهدها أوكرانيا، كل ذلك يجعلها “بؤرة طويلة الأمد لزعزعة الاستقرار في أوروبا وبالقرب من حدود روسيا مباشرة”.
تساقط الأنظمة الشرعية والفوضى، داعش وانتشار الإرهاب
كما تطرقت الوثيقة الى مسألة الفراغ الذي حدث جراء انهيار الأنظمة السياسية في دول عدة أحدث فجوة وتفلت ملأها الإرهاب والتناقضات الطائفية والقومية وكافة مظاهر التطرف، كما اشارت الى ظهور تنظيم داعش الارهابي، وتنامي حجمه وقدراته جاء جرّاء السياسات المزدوجة المعايير لبعض الدول.
وجاء في نص الاستراتيجية أن روسيا في تعاملها مع التهديدات على أمنها القومي تركز على تعزيز وحدتها الوطنية وضمان استقرارها الاجتماعي والوفاق بين قومياتها والتسامح الديني، وإزالة الخلل في اقتصادها وتحديثه، ورفع القدرات الدفاعية للبلاد.
سياسة الدفاع: برغماتية مفتوحة
أضافت الوثيقة أن روسيا تعتمد سياسة مفتوحة عقلانية وبرغماتية في مواجهة التحديات بما فيها سباق التسلح، وفي مجال الأمن الدولي، فإن الاستراتيجية اشارت إلى أن روسيا متمسكة باستخدام وسائل سياسية وقانونية وآليات دبلوماسية هادفة إلى حفظ السلام قبل غيرها، أما استخدام القوة فليس ممكنا إلا في حال اتضح أن جميع الوسائل السلمية لم تأت بنتائج.
ويجدر بالذكر أن الوثيقة اشارت إلى أن روسيا تريد فتح اطر تجارية متبادلة النفع مع دول اجنبية.
المصدر / الوقت