التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

قراءة في عام 2015 عام خيبات الأمل 

مرّ عام 2015 … ولم تنته أيامه حتى دقّ اسفينه الأخير في نعش آمال الملايين من شعوب العالم، فكان عاماً مليئاً بالحروب والتقاتل والدمار والإرهاب، وفي مرور سريع على حصاد هذا العام يتجلى واضحاً أنه لم يكن على قدر الأماني التي عقدتها دول وشعوب العالم اذا ما استثنينا القليل من شرارات النور التي لم ترتق لتضيء ما حولها، ما جعل الأنظار شاخصة إلى العام الجديد بما يحمله من أمل قد يمحو سواد سلفه.

فسوريا هاجرت

أمل السوريون أن يحمل هذا العام تسوية تلمّ الشّمل بين أبناء الوطن الواحد وأن تنتهي الحرب الدامية في بلادهم وتحفظ ما تبقى منه بعد أن تدمرت بُناه التحتية ومرافقه الحيوية وأن تعيد ملايين المهاجرين والنازحين الى بيوتهم، لكن أبت 2015 إلا أن ترينا صورة الطفل السوري ايلان وقد قذفته أمواج بحارٍ غريبة عنه ليسجد وقد فارقته الأنفاس على شواطىء الهجرة القاسية، وأصرت أن ترينا دول العالم تتقاذف مسؤوليات ايواء اللاجئين السوريين وتتهرب من شعب طالما كان حضناً ومأوى للضعفاء .. أما التسوية التي لاحت الآمال حولها أواخر 2014 لم تعرف طريقها الى النور أيضاً، وشهدت الأراضي السورية وأجواؤها دخول الكثير من الغرباء عنها مثل التحالف بطائراته وكان الارهاب بمقاتليه من مختلف دول العالم، الكل كان إلا السلام لأبناء سوريا لم يكن، وانتهى العام ببصيص أمل لاح عندما قام الجيش السوري بتصفية أحد قادة الارهابيين المدعو زهران علوش قائد جيش الاسلام بغارة جوية متقنة.

والعراق جريح

أما العراق الجريح أمل هو الآخر أن ينزع براثن الإرهاب منه ويتخلص من الألم المستدام فيه ولكن الوحش المتغطرس والمدعوم بعملات عربية وأجنبية استقوى واستفحل على ابناء العراق، ولاح في الأفق أمل بعد دعوة المرجعية ونشوء الحشد الشعبي الذي قدم تضحيات جسام هذا العام في مواجهة الارهاب وفداءاً لموطنه، ومضى العام وأتى آخر ولا زال العراقيون يحاربون لتحرير اراضيهم التي احتلها الارهابيون فطهروا عدة مناطق كانت الرمادي آخرها ولم تخل 2015 من التفجيرات الارهابية التي اوقعت الاف الضحايا بين المدنيين في مختلف المناطق العراقية، واختتمت بغزو قوات تركية شمال العراق بحجة تدريب قوات سنية على حد وصف تركيا ! وجاء ذلك دون اذن أو تنسيق ما دفع العراقيين والأمم المتحدة والجامعة العربية بتنديد هذا الفعل ودعوة تركيا الى سحب قواتها من شمال العراق.

واليمن ما عاد سعيداً..

أما اليمن فلم يعد ذاك اليمن السعيد، بل إن جُل حزنه أتى بغدر إخوة له، فكان العدوان السعودي على ابناء اليمن ولا يزال يُسقط منهم الآلاف من الشهداء ويمحي سنين حضارتهم ويدمرها ويستفحل الظلم بحق اليمنيين على أيدي المرتزقة والارهابيين من القاعدة وداعش وغيرهما من الجلبة والمندسين ويزيد مظلوميتهم الصمت العالمي والاعلامي على الجرائم التي تجري بحقهم كل يوم، فلولا قوات الجيش وأنصارالله وقوات الدفاع الوطني من ابناء البلد لصار اليمن في خبر كان والله أعلم من كنا سنرى يحكم اليمن الصامد حتى اليوم، ومضت سنة 2015 ولا زالت ازمتهم مستمرة رغم عدد من المؤتمرات والاجتماعات برعاية دولية في الخارج التي لم تأت بنتيجة لإنهاء الحرب في اليمن.

لبنان بلا رئيس

أتم اللبنانيون عامهم ورأس الدولة غائب فلم تستطع الأطراف اللبنانية من السياسيين الوصول الى حل وسط في ملف الرئاسة وبالتالي لم ينتخبوا رئيساً، واضاف معاناة اللبنانيين مشاكل التقصير الحكومي تجاه الشعب اللبناني من فشل في حل أزمة النفايات المستجدة والتي ملأت شوارع العاصمة بيروت وأزمة الكهرباء وانقطاعها، هذا اضافة الى الارهاب الذي طال اللبنانيين أيضاً فتعرضوا لعدد من التفجيرات الارهابية كان آخرها الجريمة بحق المدنيين بتفجير برج البراجنة الذي راح ضحيته المئات بين شهداء وجرحى، أما الحدود الجنوبية فكانت هادئة ولكن لم تمنع الکيان الاسرائيلي من القيام بجرائمه بحق اللبنانيين فقام باغتيال عميد الأسرى الشهيد القائد “سمير القنطار” بنهاية العام في جرمانا السورية فتوترت الأجواء على الحدود الجنوبية مذ ذاك.

حصاد ليبيا

ليبيا أيضاً امضت العام تعاني من الارهاب وازداد نشاط المنظمات الارهابية فيها اضافة الى عدم قدرة قواها المحلية على الوصول إلى حل يجمعها وينهي ازمة الحكم فيها، فكل تكتل ترعاه دولة خارجية وباختلاف المصالح الخارجية عاش الليبيون 2015 فراغاً سياسياً، وانقساماً بين غرب وشرق ليبيا جسّده ظهور حكومة في طبرق وأخرى في طرابلس وبرلمان في طبرق وآخر في طرابلس مما دفع بتنظيم «داعش» الإرهابي إلى استغلال ذلك الانقسام حيث سيطر على مناطق عديدة كان آخر فصولها اعلان “سرت” المنطقة ذات الرمزية السياسية امارة اسلامية تابعة للتنظيم الارهابي، اضافة للاعتداءات الارهابية المتكررة على المدنيين من تفجيرات واعدامات نفذها داعش بحق مصريين وغيرها، ورغم محاولات الأمم المتحدة المتكررة لجمع الليبيين وآخرها اجبار الأطراف الليبية على التوقيع على اتفاقية الصخيرات لكن المرحلة المقبلة لا زالت تبدو صعبة فالكيمياء بين المعنيين لم توجد بعد اذ أن ظلال الحرب لا تزال تخيّم على البلاد والاستحقاقات كبيرة من ملف النازحين ومحاربة الارهاب وغيرها.

ايران بين الاتفاق النووي وفاجعة منى

كان عام 2015 عاماً متقلباً بالنسبة للايرانيين فمن جهة عاش الايرانيون حالة من الأسى والحزن بسبب الفاجعة التي حصلت في موقعة منى في موسم الحج وأودت بحياة المئات من الحجاج وعدد من الدبلوماسيين والمسؤولين الايرانيين بسبب تقصير من المعنيين في السعودية في تنظيم أمور الحج هذا الموسم، ولكن في المقابل احتفى الايرانيون بعد عقدين من الزمن تعرض فيها الشعب الايراني للاسفاف السياسي والحصار الاقتصادي تمكنت الخارجية الايرانية بحنكة وزيرها “محمد جواد ظريف” من انهاء حياكة سجادة الاتفاق النووي بين ايران ودول 5+1 رغم التخريب المقصود الذي مارسته دول عدة لعدم اتمام هذا الاتفاق منها السعودية وفرنسا والكيان الإسرائیلي، وعلى أثر هذا الاتفاق يعدُ الشعب الايراني نفسه بسنوات من الازدهار الاقتصادي على مختلف الأصعدة بمجرد انطلاق تنفيذ هذا الاتفاق.

الصحوة الفلسطينية

شهد عام 2015 اعتداءات كثيرة من قبل الكيان الإسرائیلي على الفلسطينيين من زيادة الاستيطان واحتلال الاراضي وتدنيس للمسجد الاقصى ما اثار غضب الشعب الفلسطيني على هذا العدوان المستمر واللامبالاة الدولية ومذ ذاك بدأ الشعب الفلسطيني صحوته بعمليات الطعن بالسكين والدهس والمواجهة المفتوحة فأخذ الفرد الفلسطيني الأمر على عاتقه وقدموا انفسهم فدائيين استشهاديين بهذه العمليات البطولية ما أرعب الإسرائیليين وفشلوا في غير مرّة باحتواء هذه الصحوة المعمدة بالدماء، اضافة الى أن عام 2015 شهد اعتراف عدد لا بأس فيه من دول العالم بدولة فلسطين المستقلة منها دول أوروبية ومن أمريكا الشمالية والجنوبية اضافة للفاتيكان مؤخراً.

الارهاب يغزو العالم والتوترات دولية

لم تنحصر المشاكل والمعاناة من الارهاب في الدول العربية والشرق اوسطية منها فقط اذ أن هذا العام شهد عدداً من الهجمات الارهابية في دول عدة حول العالم فافتتحت فرنسا عامها بهجمات شارلي ابدو المعروفة وختمته بما عرف بهجمات باريس التي كانت من افظع ما شهده الغرب من ارهاب ما دفع فرنسا للاعلان صراحة عن بدء حربها على الارهاب وباشرت حملاتها الجوية ضد داعش في سوريا، اضافة الى ذلك انضمت تونس وامريكا والسعودية والكويت ولبنان ومصر وتركيا ونيجيريا الى قائمة الدول التي كانت ضحية هجمات واعتداءات ارهابية، هذا مع مساعي بعض الدول لمساعدة سوريا في محاربة الارهاب لم تفهم تصرفات بعض الدول كتركيا باسقاطها طائرة السوخوي الروسية فكان الدافع وراء توتر على صعيد العلاقات التركية الروسية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق