مواقف الغرب الخجولة من إعدام الشيخ نمر مشاركة في الجريمة السعودية
على الرغم من حجم الجريمة التي ارتكبتها الرياض عبر إعدامها عالم الدين المسلم الشيخ “نمر باقر النمر”، خرج الغرب بإداناتٍ لا ترق لمستوى الجريمة. وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات. فبعد أيامٍ من إعدامه، وعلى الرغم من خروج العديد من التصريحات المُستنكرة، لم يظهر موقفٌ رسميٌ يمكن أن يُنصف الضحية ويُدين المُجرم لا سيما من المؤسسات التي تدعي مسؤوليتها عن حقوق الإنسان في العالم، أو الدول التي تُقدم نفسها دائماً وكأنها معنية بنشر الديمقراطية بين الدول. فلماذا تُعتبر الإستنكارات الغربية مُقصِّرة؟ وما هي دلالات ذلك؟
الإستنكارات الغربية مُقصِّرة:
قد يظن البعض أن مواقف الإستنكار التي ساقها الغرب، تكفي أو يمكن أن تكون بمستوى الجريمة السعودية. لكن هذه الإستنكارات، لم ترتق حقيقةً لمستوى ما قام به آل سعود من جريمة. وهنا لا بد من إيضاح التالي:
إن إدانات الغرب كانت عبارة عن محاولة للتعبير عن شجب ما جرى ليس أكثر. فيما وجد الغرب نفسه مُحرجاً أمام الغباء السياسي لآل سعود، مما فرض عليه إيضاح موقفه من الجريمة، دون توجيه أي إدانة عملية للنظام، بل بالإكتفاء فقط بالحديث عن ما قد يترتب من نتائج.
وهنا فإن إدعاءات الدول الغربية القائلة بأنها مثال للديمقراطية، الى جانب السخط الشعبي الداخلي الذي يعتري معظم هذه الدول، فرض نفسه اليوم. إذ لا يمكن نسيان التنديد الرسمي من قبل بعض الأطراف الداخلية في كلٍ من فرنسا وبريطانيا، بضرورة إعادة النظر في العلاقة مع الرياض، خصوصاً بعد أحداث باريس الإرهابية.
وهنا فإن الأمر الذي كان يمكن أن يُعتبر منعطفاً في السلوك الغربي، هو القيام بالترويج للإدانات الرسيمة، عبر قيام المسؤوليين الذين يمكن القول أنهم أصحاب تأثير حقيقي على الصعيد السياسي الدولي، بشجب الجريمة علناً. في وقتٍ إكتفى بالإستنكار عددٌ من الأصوات التي لم يتعدى استنكارها الكلامي مرحلة الكلام. بينما كان القاسم المُشترك بين جميع المواقف الخجولة، الخوف من المستقبل، دون التطرق لما يتحتم على المجتمع الدولي فعله كمعاقبة الجاني أي آل سعود.
وهنا وفي نفس السياق نُشير لبعض المواقف:
لقد كان الموقف الألماني خجولاً إذ اكتفت وزارة الخارجية، بإعلان قلقها المتزايد من إعدام “الشيخ النمر” واعتبرت أن ذلك سيزيد التوترات والخلافات المتفاقمة على نطاق واسع في الشرق الأوسط.
بريطانيا والتي يُعرف تاريخها الحافل بالإرهاب، كانت ردودها متناقضة وتُعبِّر عن وجود العديد من التيارات المتصارعة داخلياً. ففي وقتٍ أعرب رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي “تيم فارون” عن إدانته التامة لإعدام “الشيخ النمر” الذي وصفه بالشخصية البارزة، قام بدعوة رئيس الوزراء “ديفيد كاميرون” الى مصارحة السعودية بأن ما قامت به خطأ. وهو ما يستحق التقدير لجهة ما قاله “فارون”، فيما لم تخرج الأصوات الرسمية في بريطانيا عن صمتها تجاه القضية.
منظمة هيومن رايتس ووتش اقتصر ردها على كلام مديرتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “سارة لي ويتسون” بأن الإعدام يزيد من العلامات السوداء في سجل السعودية بمجال حقوق الانسان. مضيفةً أن طريق السعودية نحو الإستقرار في المناطق الشرقية يكون بوضع نهاية لاضطهاد أهالي تلك المناطق وليس عبر الإعدامات. فيما لم ينتج عن هذا الموقف أي إجراءٍ عملي وهو الأمر المُعيب بحق المنظمات الدولية.
أما مدير منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط فيليب لوثر فقد وصف إعدام “الشيخ النمر” بتصفية حسابات سياسية، ومحاولة إسكات الإنتقادات ضد النظام السعودي. لكن أيضاً لم تتحرك منظمته على الصعيد العملي.
دلالاتٌ يجب الوقوف عندها:
بناءاً لما تقدم، يمكن القول أن العالم لم يُنصف “الشهيد النمر”. فيما يجب استثناء الأطراف التي أعلنت موقفها الصريح والعلني، بما فيها إيران، وبعض المنظمات التي تُعنى بأمر الوحدة الإسلامية، وكذلك الأحزاب في محور المقاومة.
لكن الأمر الذي يجب تأكيده، هو أن الغرب انتقل مباشرةً للتعاطي مع نتيجة الحدث، ولم يَقُم بإعطاء الحدث أي إعدام “الشيخ النمر” أي أهمية. وذلك لهدف الخروج من الإحراج الذي فرضته الرياض. لنقول أن الغرب وفي مقدمته واشنطن، لم يكن يوماً بعيداً عن الجرائم التي سُفكت في منطقتنا إن من قبل الكيان الإسرائيلي أو من قبل الأنظمة الخليجية أو العربية المتماشية مع السياسة الأمريكية. فيما ليس مُستغرباً أن تكون ردة الفعل الغربية خجولة. بل إن كل ما تقدمنا به لم يكن عتباً على الغرب الذين لا نؤمن بحرصهم، بل إيضاحاً للحقائق منعاً لإلتباس الرأي العام. لنقول بالنتيجة، أن أصحاب الموقف الحق أصبحوا معروفين. وأصحاب النفاق السياسي أصبحوا أيضاً واضحي الهوية. فإعدام “الشيخ النمر” ليس إلا ضمن مسيرة محاربة الحق وأصحابه. ولا فرق إن كان المجرم سعودياً أو أمريكياً أو داعشياً أو غربياً. بل يجب الإلتفات الى أن أمريكا كانت وستبقى سبب المشكلات في منطقتنا والعالم. وما الفعلة السعودية الى جزءٌ من سلوكٍ طبيعيٍ لأصحاب الفكر الوهابي الذي أداره الغرب، وتماشٍ مع سياسات الكيان الصهيوني. بينما أثبت الشهيد الشجاع “الشيخ نمر باقر النمر”، أن الدم فقط هو ما يُحي القضية.
المصدر / الوقت