كيف ستكون مستقبل العلاقات الروسية التركية ؟
بعد اسقاط قاذفة السوخوي الروسية وعدم اعتذار المسؤولين الاتراك واشتداد الحرب الكلامية بين البلدين لم يتصور احد ان مستقبل العلاقات بين الجانبين سيكون جيدا بل اضافة الى ذلك يعتقد الخبراء ان هذه العلاقات ليس فقط لن تتحسن في المستقبل بل ان ازمة البلدين حول سوريا ربما ستنتقل الى باقي الملفات الاقليمية ايضا.
ورغم ان “اردوغان” قال في تصريحات لاحقة له “ليتنا لم نسقط السوخوي” لكن الرئيس الروسي استخدم عبارات مثل “الطعن في الظهر” و”شراء النفط من داعش” و”التواطؤ مع الارهابيين” وقد فتحت تصريحات “بوتين” المجال امام باقي المسؤولين الروس ليهددوا تركيا برد قاس وطالب رئيس الحزب الليبرالي الروسي الحكومة الروسية بمعاقبة تركيا بهجوم نووي.
ويعتقد الخبراء ان هناك عدة سيناريوهات فيما يتعلق بمستقبل العلاقات بين موسكو وأنقرة أهمها :
1- اكتفاء الروس بفرض العقوبات على تركيا
ان الروس باشروا بتشديد الهجمات الجوية على معاقل الارهابيين في سوريا ونشروا صواريخ اس 400 للدفاع الجوي في اللاذقية وارسلوا مدمرة “موسكو” الى المياه السورية وقطعوا كافة العلاقات العسكرية مع تركيا واستهدفوا الصهاريج التركية التي تنقل النفط على الحدود السورية وهناك انباء عن دعم الروس للأكراد المعادين لتركيا مثل حزب العمال الكردستاني كما قال الروس انهم سيوقفون تزويد تركيا بالبنزين والغاز وسيمنعون ذهاب سياحهم الى تركيا وسيوقفون مساهماتهم في المشاريع الاقتصادية والاستثمارات في تركيا ويفرضون قيود صارمة على استيراد البضائع التركية ويضيقون على الشركات التركية العاملة في روسيا واجراءات اضافية اخرى.
ويقول بعض الخبراء ان الروس يعلمون بأن الذهاب الى ما هو ابعد من هذه العقوبات والدخول في مواجهة عسكرية مع تركيا سيتسبب بخروج الاوضاع عن السيطرة ودخول حلف الناتو على الخط وقد قال “بوتين” الاتراك سيندمون لكن روسيا لاتريد المواجهة العسكرية.
2-الهجوم المتقابل والحفاظ على هيبة روسيا
ان الحقيقة هي ان روسيا التي تعتبر من القوى العالمية الكبرى لايمكن ان تكتفي بفرض العقوبات على دولة اقليمية اسقطت طائرة لها لأن عدم الرد سيضر بمكانة روسيا العالمية كما ان الرئيس الروسي “فلاديميربوتين” الذي يريد اظهار نفسه كشخص حازم وقوي امام الرأي العام الروسي والعالمي سيتضرر اذا لم يرد بشكل مناسب على هذا التهور التركي، لكن السؤال هو ماذا ستفعل روسيا؟ وهنا يعتقد البعض ان روسيا وبدلا عن الاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية ستقدم على شن عملية عسكرية شبيهة بما قامت به تركيا وعندما تنتهك الطائرات التركية المجال الجوي السوري او تدخل السفن التركية المياه السورية يقوم الروس باسقاطها او اغراقها ومن المستبعد ان يتدخل حلف الناتو من اجل طائرة واحدة او سفينة واحدة خاصة اذا علمنا ان الكثيرين من اعضاء الناتو يلومون تركيا في هذه الازمة.
3- المواجهة العسكرية بين البلدين وتدخل الناتو
لقد وضعت تركيا استراتيجية لنفسها خلال السنوات الـ 4 الماضية وهي اسقاط النظام السوري لكن تشكيل الحلف الرباعي بين روسيا وسوريا العراق وايران وبدء الغارات الروسية في سوريا بالتنسيق مع المستشارين العسكريين الايرانيين وقوات حزب الله والجيش السوري على الارض قد قضى على الاستراتيجية التركية وهناك من يقول ان تركيا بذلت بعد ذلك محاولات عديدة لادخال الناتو الى المعركة لكن الغرب لم يرغب في زيادة تدخله العسكري المحصور بالغارات الجوية ولذلك عمدت تركيا الى اسقاط القاذفة الروسية سعيا منها لجر الناتو الى الحرب بشكل مباشر وان هذه المحاولات التركية ستؤدي في النهاية الى مواجهة شاملة بين روسيا والناتو وهذا ما تريده تركيا اي قلب موازين القوى التي هي الان لصالح روسيا وايران والوصول الى اسقاط بشار الاسد واغلاق الملف السوري.
لكن هذا الاحتمال يبقى ضعيفا لأن روسيا لاترغب في مواجهة عسكرية لا مع تركيا ولا مع ناتو كما ان اعضاء الناتو لايريدون الدخول في مواجهة مع روسيا ودفع ثمن المغامرة التركية مع العلم بان هناك اعضاء في الناتو مثل فرنسا يريدون التركيز على قتال داعش في سوريا قبل اي شيء.
4- تمدد الأزمة الى باقي الملفات الاقليمية
ان مضي الاتراك قدما في المواجهة مع روسيا وعدم تقديم اعتذار لموسكو ربما يؤدي الى توسيع دائرة الازمة ووصولها الى باقي الملفات فعلى سبيل المثال تقف تركيا ضد روسيا في القوقاز الجنوبية بسب ازمة ناغورني كاراباخ بين ارمينيا التي تدعمها روسيا، وأذربيجان التي تدعمها تركيا والغرب ومن المحتمل ان يزيد الغرب وتركيا من جهة وروسيا من جهة اخرى الدعم المقدم لأذربيجان وارمينيا.
ومن جهة أخرى تشير التقارير ان روسيا وبعد اسقاط مقاتلتها زادت من حضورها العسكري في اطراف تركيا وجلبت اسطولا من السفن المتطورة الى البحر الابيض المتوسط وارسلت مروحيات الى ارمينيا كما زادت تدخلاتها في الشأن العراقي بالتنسيق مع الحكومة العراقية.
ان الأزمة القبرصية هي ايضا من الملفات التي يمكن ان يزداد التوتر فيها بين روسيا المتحالفة مع قبرص ضد تركيا وقد قال الرئيس القبرصي اثناء زيارة له الى روسيا ان بإمكان الطائرات الروسية والسفن الحربية الروسية ان تستخدم القواعد الجوية والموانئ القبرصية في الحرب ضد داعش.
ان جميع المعطيات السياسية والعسكرية تشير ان الروس قد اتوا الى سوريا لوضع حد للازمة السورية كما يريدون وليس كما يريد الغرب وان قول اردوغان “ليتنا لم نسقط السوخوي” يدل ان الاتراك قد ارتكبوا خطأ في حساباتهم والسؤال المطروح هو هل سيعيد الاتراك كل حساباتهم واحلامهم وينهون المواجهة مع روسيا بالشكل المطلوب أم انهم سيمضون قدما حتى يروا القوة الحقيقية لروسيا؟
المصدر – الوقت