التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

على السعودية أن تقرأ بتعقل رسائل إيران 

في الوقت الذي لا نسمع من السعودية هذه الايام الا اصوات طبول الحرب، والتصريحات النارية لمسؤوليها، الذين اتخذوا من التحشيد الطائفي مقابل ايران، سياسة ثابتة لهم، عبر الهيمنة على الجامعة العربية، نسمع في المقابل من ايران اصوات تدعو الى التعقل وضبط النفس، حفاظا على مصالح المنطقة وشعوبها من ويلات الحروب والفوضى التي لا تصب الا في صالح “اسرائيل” ومن يقف ورائها.
في الوقت الذي يهدد فيه وزير الخارجية السعودي باتخاذ اجراءات اضافية ضد ايران، وتقوم بلاده بتشكيل احلاف طويلة عريضة، وتستضيف الاجتماع الطاريء لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليج الفارسي، وتدعو وزراء الخارجية العرب للاجتماع في القاهرة، لاستحصال مواقف داعمة لسياستها مقابل ايران، على خلفية حادث السفارة السعودية في طهران، ترد طهران على الرياض من خلال رسالتين من رمزين ايرانيين كبيرين، الاول يمثل الدبلوماسية الايرانية، والثاني يمثل القوة العسكرية الايرانية، وكلا الرسالتين، دعتا القادة السعوديين الى سلوك طريق العقل، والكف عن استفزاز ايران، فهو خير للسعودية وللمنطقة.
الرسالة الاولى كانت من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، بعثها الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون والأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي ومجموعة من نظرائه في دول العالم، اكد فيها ان ايران لا تريد تأجيج التوترات مع السعودية وسائر جيرانها في الخليج الفارسي، مطالبا في الوقت نفسه الرياض بالاستماع الى صوت العقل، مستعرضا نماذج لممارسات السعودية العدائية ضد ايران كالهجوم العسکري على البعثات الدبلوماسية الايرانية في اليمن ودعم الارهابيين في هجماتهم على هذه المقرات، والتعرض والاساءة للزوار الايرانيين في مکة المکرمة والمدينة المنورة، واثارة العداء ليس ضد ايران فحسب بل ضد عموم الشيعة في الخطابات الرسمية السعودية، وحز رقاب علماء الشيعة، والحرب الاقتصادية ضد ايران، ولكن في المقابل لم تقدم ايران على أي خطوة انتقامية ضد السعودية، فلم تقطع علاقاتها معها ولم تخفض مستوى هذه العلاقات، ورغم کل هذه البغضاء الطائفية، دعت الى الوحدة الاسلامية.
لم يفت ظريف ان يضع اصبعه في رسالته على السبب الرئيسي الذي يدعو السعودية الى اتخاذ مثل هذه المواقف والاجراءات اللاعقلانية، حيث اكد ان هناك مؤشرات على أن البعض في السعودية يسعى الى توريط کل دول المنطقة بالازمات ويخشى مع تبدد غيوم الأخطار المصطنعة کتهديد البرنامج النووي الايراني، أن تظهر التهديدات الحقيقية للعالم التي يقف وراءها المتطرفون والجهات التي تدعمهم.
الرسالة الثانية هي لأمين مجمع تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق لقوات حرس الثورة الاسلامية اللواء محسن رضائي، والتي بعثها الى وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، وكانت صريحة ومباشرة، ذّكر فيها وزير الدفاع السعودي الشاب بانه حذره قبل شهور من سلوك ذات الطريق الذي سلكه صدام، مؤكدا ان تصرفات بن سلمان تشبه تصرفات صدام قبل البدء في حربه ضد إيران، فصدام دعم ومول وسلح اعداء ايران، واعدم اية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر و أخته العلوية الفاضلة الشهيدة بنت الهدى، ومن ثم قام بقطع علاقاته مع إيران، وهي ذات الخطوات التي يقوم بها بن سلمان؛ دعم واضح للتكفيريين، واعدام اية الله الشهيد الشيخ نمر باقرالنمر، و قطع العلاقات مع إيران.
وكما هي رسالة ظريف، ختم رضائي رسالته بنصيحة بن سلمان، حيث دعاه الى التوقف عن مغامراته في الخليج الفارسي، والا يذهب الى حد الحرب.
تحاول السلطات السعودية منذ ارتكابها جريمة اعدام الشيخ الشهيد النمر، البشعة والاستفزازية وغير المبررة، التغطية على هذه الجريمة، من خلال تضخيم حادث الهجوم على سفارتها في طهران، بينما لم تتأخر الحكومة الايرانية في شجب الحادث وبشكل صريح، فقد أعرب کبار المسؤولين في ايران عن عزمهم بمعاقبة المهاجمين وفق القوانين وکذلك معاقبة الذين قصروا في حماية البعثات الدبلوماسية، وبدأت الحكومة الايرانية بتحقيقات واسعة لمعرفة أسباب وقوع هذا الحادث ومنع تکراره، كما تم عزل نائب وزير الداخلية للشؤون الامنية من منصبه عل خلفية الحادث، ولكن للاسف هناك جناح داخل الاسرة الحاكمة في السعودية، يرفض وبتحريض امريكي اسرائيلي واضح، قراءة الرسائل الايرانية المتكررة، بهدف دفع المنطقة الى حافة الهاوية.
الغريب ان السعودية تحاول من خلال الضجة السياسية والاعلامية التي تفتعلها حاليا ضد ايران، وانطلاقا من مقولة “رمتني بدائها وانسلت”، ان تلصق داء الطائفية، الذي ولد معها منذ تاسيسها وحتى اليوم، بإيران، ففي الوقت الذي تتهم ايران بالطائفية، تقوم بغزو البحرين، والعدوان على اليمن، وتجييش المجاميع التكفيرية في سوريا والعراق، والتدخل بالشؤون الداخلية للدول الاخرى، وتهديد امن واستقرارهذه الدول والمنطقة، تحت شعار “الدفاع عن السنة” ضد “ايران والشيعة”، بينما هي لا تملك من سلاح في تنفيذ سياستها هذه الا المجاميع التكفيرية، وبات واضحا للعالم طبيعة هذه المجاميع التي تحارب في سوريا والعراق واليمن وفي العديد من دول العالم، وكان رئيس الدبلوماسية الايرانية مصيبا عندما ختم رسالته بالقول :”ان على السعودية أن تختار بين دعم الارهابيين المتطرفين والترويج للطائفية البغيضة أو حسن الجوار ولعب دور بناء في استقرار المنطقة”، لذا نتمنى ان يقرأ المسؤولون السعوديون، الرسائل والمواقف الايرانية بحكمة وتعقل، قبل فوات الاوان.
منيب السائح

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق