التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 29, 2024

باحث اقتصادي سوري: سيكون لإيران دورا مهما في إعادة إعمار سوريا 

سوريا ـ سياسة ـ الرأي ـ

أكد الباحث الاقتصادي السوري علي نزار الآغا، أنه سيكون لإيران دورا مهما في إعادة إعمار سوريا.

وأوضح علي نزار الآغا، أنه مما لا شك فيه أن للعوامل الاقتصادية دوراً أساسياً في الحرب على سورية، إلا أن المقاربة الواقعية لهذه العوامل تتطلب أسلوباً علمياً في البحث، وليس أيديولوجياً، لأن العوامل الاقتصادية على مدار العقود الماضية كانت المسؤول الأساسي عن تحديد الأنماط الاجتماعية في البلد، وتفسير هذه الأنماط خاضع لقوانين العلم الإنساني والأنثربولوجيا الاقتصادية والفيزياء الاجتماعية، وليس من خلال الربط بين حدث وآخر بالقصص المروية الذي يهدف إلى التشويق، ضمن سياق الايدولوجيا النظرية.

الآغا أكد أن العوامل الاقتصادية تبرز في التاريخ السوري الحديث بشكل واضح مع تعاظم الزحف نحو المدينة، وبروز نزعة التمدن، في ستينات القرن العشرين، ما شكل قطيعة مع طبيعة العلاقات الريفية التي كانت سائدة، فظهرت لأول مرة ظاهرة تسليع العلاقات الاجتماعية كمشكلة اجتماعية في سورية، وهذا ما خلق حالة من تشويش المعايير لدى لقادمين الجدد إلى المدن الرئيسية وخاصة العاصمة دمشق.
ولفت الآغار أدى التغير الديموغرافي والاجتماعي إلى تركز النشاط الاقتصادي في المدينة، وإهمال الريف، ما أدى إلى تعميق الهوة التنموية في البلد، فازدادت نزعة التمدن في الأرياف، ولكن الازدياد السكاني في المدن كان فوق القدرة الاستيعابية قياساً إلى الموارد والإمكانات الاقتصادية، فازداد الفقر، وأوغلت خطوط الانقسام في المجتمع على أساس الدخل، وبدأت الطبقة الوسطى تتلاشى، لتغذي طبقة جديدة من المهمشون اقتصادياً، أخذت تتسع، مقابل تركز أكثر للثروة في أيدي قلة من أفراد المجتمع، الذي بدأ يأخذ شكل الإجاصة على الرسم البياني، بمحورين، عمودي يمثل الدخل، وأفقي يمثل التعداد السكاني، إذ يضم القسم السفلي أغلبية أفراد المجتمع وهم الفقراء، وفي القمة القلة صاحبة الثروة، وفي الوسط، بقايا الطبقة الوسطى التي يتحرك أفرادها، هبوطاً وصعوداً، باتجاه الفقر أو الثراء، والبعض يحافظ على موقعه بصعوبة.

ولفت الباحث السوري إلى أن ذلك مكّن من التقاط صورة ذهنية لشكل المجتمع، وتوزع الأنماط فيه، وخطوط الانقسام الطبقي، منذ ستينات القرن العشرين وحتى مطلع الألفية الجديدة. ولا ننسى مساهمة الكثير من العوامل الأخرى في هذا الحال، من سياسة وإدارة وخاصة التوزيع غير المتكافئ للثروة، مشددا على إن والنتيجة باختصار، خلال الأشهر الأولى من الحرب على البلد، استغل أصحاب المصلحة في تقويض أركان الدولة، البعد الاقتصادي- الاجتماعي للخارطة السورية، وذلك بالتحريض ضد الدولة، من باب المطالب المعيشية الخدماتية الواقعية، وخاصة في الريف الأقل تنمية والأشد فقراً.
وتابع الآغا، من ثم كان الانتقال بشكل متسارع إلى صراع مسلح ضد الدولة، بعد تحريض عوامل أسهمت في تشويش المعايير الاجتماعية والسياسية والدينية، عبر شعارات ما يسمى «الربيع العربي»، وبالتالي أصبح من السهل برمجة عقلية القسم المشوش من المجتمع، وتحريكه نحو خطوط انقسام جديدة، تجاوزت البعد الاقتصادي، باستخدام الإعلام.
مشيرا إلى أن البعد الاقتصادي الآخر للحرب على سورية، أخذ شكل الحرب الاقتصادية المفتوحة، لزيادة حدة الانقسام الطبقي في البلد على أساس مؤشرات الفقر، وزيادة حدة التشويش في المعايير، ما يسهّل عملية انقياد أكبر شريحة ممكنة من أفراد المجتمع وتحريضها ضد الدولة، وذلك من خلال الإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب «العقوبات الاقتصادية» والتأثير على القدرة الشرائية للمواطن من خلال الضغط على قيمة العملة الوطنية، وتجفيف موارد الدولة المالية، ودفعها باتجاه الاقتراض الخارجي… على أساس تحويل الصراع على سورية في النهاية إلى شكل من أشكال «ثورة جياع»، لكن هذا ما لم ولن يحصل أبداً، لأن اللعبة أصبحت مكشوفة، والواقع يقول أن الدولة صامدة اقتصادياً، وشروطها الاقتصادية تتحسن يوماً بعد آخر، لذا نلاحظ مؤخراً ازدياد الضغط على قيمة العملة الوطنية بالتزامن مع ازدياد نفوذ الدولة على الأرض وإعادة التوازن لصالحها، وهذا ما يجب على الحكومة الانتباه له، وخلق جدار حماية لليرة السورية مضاد لهجمات المضاربين الشرسة على الهدف الاقتصادي الأخير للقوى المعادية للدولة.
وأضاف الآغا “من هنا أرى بضرورة اهتمام الحكومة بتشكيل فرق بحث من خبراء في الاقتصاد وعلم الاجتماع والسياسة والسكان لإعادة قراءة التاريخ الاقتصادي السوري بدقة، والاستفادة من النتائج في عملة التجدد المجتمعي المرافق لمرحلة الإعمار. ولا ننسى أنه في الاقتصاد غالباً ما تكون المرآة الخلفية أهم من الزجاج الأمامي”.

وبيّن الباحث السوري أنه ومما لاشك فيه أن التعاون الاقتصادي مع الدول الصديقة لسورية وخاصة إيران ساهم في استمرار دوران العجلة الاقتصادي، ولو بالحدّ الأدنى، قياساً إلى تداعيات الحرب، مضيفا “ولا ننسى أن ندرة المواد هي أخطر أنواع المشكلات الاقتصادية، وهذا ما لم يبرز بشكل خطير في الاقتصاد، إذ سعت الدولة إلى تأمين أغلب السلع المطلوبة، وانحصرت أزمة العرض في بعض المواد الأساسية كالمشتقات النفطية، وبدرجات اختلفت من وقت لآخر. وقد ساهمت العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة وخاصة مع إيران، في تحقيق هذه المعادل”.
وختم الآغا حديثه بالتأكيد على أن عدم التطرق لمرحلة إعادة الإعمار كشرط أساسي في أي من الملتقيات السياسية حول الملف السوري، يعود لكون التركيز ينصب في المرحلة الحالية على إنهاء الأزمة، لافتا إلى أن الدولة السورية تعمل على مشروع إعادة الإعمار بجدية، وفق برنامج يتضح يوماً بعد آخر، وهذا هو المهم برأيي، مؤكدا في الوقت نفسه على إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيكون لها بالتأكيد دورا مهمّا في مرحلة الإعمار، عبر حضور الشركات ورجال الأعمال وحتى الحكومة. انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق