جامعة الدول العِبرية !
عبدالرضا الساعدي
في موقف متوقع ومعروف سلفا ، وبإعداد وترتيب سعودي خليجي متفق عليه ، دان وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية مؤخرا ، في بيان ما أسموه بالاعتداءات التي وقعت على مقرات البعثة السعودية بإيران ، وقالوا إنهم يرفضون قطعا تدخل إيران في شؤون المملكة وشؤون أي دولة عربية أخرى.. واتهم البيان إيران بالتدخل في شؤون دول الشرق الأوسط وزعزعة الأمن الإقليمي..!!!
هذه الجامعة العربية ، التي تآمرت على العراق وسوريا وأخيرا اليمن ،وهي دول مؤسسة ، وتدخلت في شؤونها من خلال بعض الدول وعلى رأسها السعودية وقطر ودول الخليج بشكل عام ، ، تعمل جاهدة منذ نكبة فلسطين ومنذ هيمنة الدول (أصحاب المال والتبعية لأمريكا وإسرائيل عليها ) ، تعمل على اختراع عدو مفتعل لهم وللشعوب المنطقة ، بدلا من العدو التقليدي( الكيان الصهيوني) .. لتستبدله بدولة أخرى لها مكانة وقوة المواجهة والمبدأ والقيم الإسلامية الحقيقية في مواجهة إسرائيل ومواجهة الإرهاب المستشري في المنطقة والعالم ، وهذه الدولة هي إيران التي وقفت بكل قوة ووضوح وشرف ضد كل مخططات الدول الإستكبارية الاستعمارية وضد كل أشكال الإرهاب الداعشي ..
وهذه الصورة أصبحت واضحة ومفضوحة جدا لاسيما بعد تداعيات ما يسمى ب(الربيع العربي) وبعد التدخل العسكري الإرهابي القطري والسعودي والتركي في سوريا والعراق واليمن ، وما حلّ بشعوب هذه البلدان من تهجير وقتل وتدمير للبنية العمرانية والاقتصادية لها ، في الوقت الذي كانت جامعة الدول (العربية) هي المكان تشريع والتأييد والتآمر لهذه الممارسات التي تنفذها أجندات صهيونية بأيدِ عربية جُنّدت لهذه الأهداف والأغراض المشؤومة المشبوهة بحق حاضر ومستقبل شعوب المنطقة.
ومنذ فكرة تأسيسها في 22 مارس 1945 م ، وهي فكرة تحققت بالأساس بدعم بريطاني ! ففي 29 مايو 1941 ألقى أنتونى إيدن وزير خارجية بريطانيا ، حينها ، خطاباً ذكر فيه “إن العالم العربي منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الماضية قد خطا خطوات مهمة ، ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الآن. وإن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا في مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغي أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب أصدقائنا ويبدو أنه من الطبيعي ومن الحق وجود تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية وكذلك الروابط السياسية أيضاً… وحكومة جلالته سوف تبذل تأييدها التام لأيّ خطة تلقى موافقة عامة” ،وفي 24 فبراير 1943 صرح (إيدن ) في مجلس العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية تنظر بعين “العطف” إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية..فإن هذه الجامعة تراها الشعوب العربية ويراها المحللون والمتابعون وأصحاب الفكر والضمير الحقيقي والصادق
‘‘لا تتطرق في بنودها العشرين ،ولو في بند واحد، إلى الشعوب العربية ,حقوقها ومكتسباتها وحرياتها ؛لأنها جامعة ضد الشعوب العربية ولأنها فُصّلت بعناية فائقة لحماية دكتاتوريات قائمة في بلدان تتلذذ بتّقتيل وتشريد وإبادة الشعوب , فماذا فعلت في كل أزمات البلدان العربية علي مر العصور من لدن القضية الفلسطينية إلى اليوم‘‘ ؟؟
تساؤل مشروع ، ووجهة نظر منطقية حول جامعة تحمل في طياتها أهداف لم تحقق منها شيئا للآن ، بل عملت العكس تماما ، أو عملت على تحريفها بما يتناسب والمؤامرات الإسرائيلية ومصالحها القذرة في المنطقة .. وبما يؤهلها لأن تحمل وبجدارة عنوان
(جامعة الدول العِبرية ) .