التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

أردوغان وتصعيد الموقف من إيران.. الأهداف والدلالات! 

يعتقد البعض أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قد أضاع البوصلة بشكل تام. طبعا ليس الوحيد في هذا المضمار بل سبقته السعودية أيضا والدول الخليجية من خلال السياسات المتهورة التي ينتهجونها. أما أردوغان فمؤشران أساسيان يؤكدان أنه أضاع البوصلة ونسي حقائق التاريخ والجغرافيا، متخطيا كل الحدود بما في ذلك حدود السلطنة العثمانية فنسي أن إيران وروسيا لم تكونا أصلا تحت ظل السلطان العثماني يوما حتى يسعى لإعادة إخضاعهم مجددا كما يحاول مع بعض الدول المجاورة لتركيا والتي كانت تقع ضمن ذلك السلطان.

وهذان المؤشران يتمثلان باستهداف الطائرة الحربية الروسية فوق الأجواء السورية وتصعيد الموقف في محاولة لضرب المعادلة التي أرستها روسيا في الميدان السوري. والمؤشر الآخر هو الانتقادات الشديدة اللهجة التي وجهها إلى إيران والتي لا تنم إلا عن تقدير دبلوماسي متعجل. وكل ذلك في سبيل التماهي مع الموقف السعودي الخليجي دون احتساب العواقب الوخيمة لكلا الخطأين.

أما حول هدف أردوغان من توجيه السهام نحو إيران واتخاذ مواقف متشددة اتجاهها فانه يسعى من خلال ذلك إلى التقرب من سياسات السعودية والدول الخليجية التي أعلنت مؤخرا مقاطعة طهران، ويظهر هذا التوجه جليا من خلال اعتبار مسألة الاعدامات في السعودية مسألة داخلية مديناً التدخل الايراني وما حصل للسفارة السعودية في طهران معتبرا ايران دولة طائفية تسعى إلى نشر الخلافات من خلال طرح مواضيع خلافية في المنطقة. ويريد أردوغان من خلال ذلك أن يظهر لهذه الدول بمظهر المتضامن معهم ليحصل على الدعم السعودي الكامل اقتصاديا والذي يحتاجه حاليا ليتمكن من مواجهة الحصار الروسي الذي بدأت مفاعيله بالتأثير على الاقتصاد التركي الذي يعاني أصلا من أزمات كثيرة، حيث تشير التقارير إلى إحتمال تدهور أكبر اذا ما استمر الحصار الروسي وسط توقف عجلة الاقتصاد العالمي أيضا. مع الاشارة إلى التأثير السلبي لاغلاق الحدود مع العراق وسوريا على الاقتصاد التركي.

وفيما يخص الملفين العراقي والسوري، والدعم التركي للمجموعات الارهابية هناك بما في ذلك تنظيم “داعش” فان هذه التصريحات تقع في خانة الصراخ الاعلامي الهادف إلى إزاحة الأضواء عن واقع التنسيق التركي الداعشي اللامحدود. وقد كان أردوغان في وقت سابق قد اتهم إيران بانها تسعى لأخذ موقع داعش في المنطقة مدعيا أن طهران تشكل تهديدا لكل من تركيا والسعودية وعليها سحب قواتها من العراق وسوريا واليمن. وهذه التصريحات إنما تؤكد مقدار الغيظ الأردوغاني من الدور الايراني البناء في هذه الجبهات على حساب الدور التركي السعودي المخرب.

ومن جهة أخرى فان أردوغان وبعد ارتكابه الخطأ الأول المتمثل بالتصعيد مع موسكو، أدرك متأخرا أن ما قام به صب بمصلحة طهران ومصلحة التقارب فيما بينها وبين روسيا بشکل أكثر. ويعتبر أردوغان هذا التقارب الروسي الايراني مضراً بمصلحة تركيا وعلى كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، حيث يمكن أن تتحول إيران بفضل الأزمة التركية الروسية إلى الشريك الأفضل لروسيا بعد استبعاد تركيا من المعادلة. خصوصا أن الأجواء الدولية أصبحت متاحة أكثر من أي وقت مضى لانفتاح إيران إقتصاديا على العالم كافة فكيف على روسيا الحليفة أصلا؟

كل هذا في وقت لطالما أكد المسؤولون الايرانيون أن طهران لا تسعى للتدخل في أي من الدول الأخرى. وفي حال التدخل فان تدخلها يأتي لمساعدة الأطراف كما في سوريا والعراق على التصدي للارهاب وحفظ وحدة أراضي الدولة المقابلة. في مقابل تدخل تركي مضر في الدول المجاورة لها، إن كان في العراق أو سوريا. وأما بالنسبة إلى تهمة الطائفية فان لتركيا الباع الطويل في هذا المجال، ويكفي هنا الاشارة إلى السياسة التركية حيال الأكراد الذين لا يسمح لهم أردوغان بالمشاركة الفعالة في الحياة السياسية التركية ويعتمد تجاههم سياسة القمع والتهديد التي لطالما اعتمدتها تركيا منذ السلطنة العثمانية التي يحلم أردوغان بإعادة أمجادها.

نعم لقد فقد الكثير من ساسة المنطقة صوابهم وليس فقط بوصلة أهدافهم، وليس أردوغان بمنأى عن هذا الأمر. والتاريخ يقول إن الحكومات التي تبتعد عن الواقعية السياسية والعسكرية والاقتصادية لا تلبث أن تبدأ بالأفول على حساب حكومات تدرك الواقع بدقة أكبر. فهل سيعاود أردوغان ارتكاب الأخطاء مجددا أم أنه سيعتبر من أخطائه قبل فوات الأوان وتغير وجه المنطقة؟ هذا ما نتركه للأشهر والسنوات المقبلة للاجابة عنه.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق