التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

أزمات متعددة وتحديات كبيرة تضع السعودية في مهب الريح 

بعد تفاقم الأزمات في العديد من دول الشرق الأوسط، وجدت الدول المجاورة نفسها أمام تحديات حقيقية، خصوصاً بعد إنتشار الزمر التكفيرية والجماعات المتطرفة في المنطقة لاسيّما تنظيم “داعش” الإرهابي.

كما تسببت الأزمات والنزاعات الداخلية في بعض دول المنطقة ومن بينها العراق وسوريا في تهيئة الأرضية للدول الأجنبية والغربية على وجه الخصوص للتدخل في شؤون تلك الدول.

ونتيجة هذه التطورات تبلورت مجموعة من المعادلات المعقدة والشائكة في المنطقة أفرزت بدورها سلسلة من التحديات للّاعبين الأساسيين الإقليميين والدوليين على حد سواء.

ومن هؤلاء اللاعبين السعودية التي تستغل موقعها الجغرافي وإمكاناتها المادية الهائلة وعلاقاتها المتشعبة مع الدول الأخرى للتأثير على مجريات الأحداث في المنطقة لاسيّما في العراق وسوريا ولبنان.

فالسعودية التي تحتضن أرضها (أرض الحجاز) أقدس مقدسات المسلمين خصوصاً مكة المكرمة والمدينة المنورة تدّعي بأنها الراعية للدول العربية والإسلامية لكنها في الحقيقة لا تعير أي أهمية لمعاناة العرب والمسلمين بقدر ما تسعى لتحقيق مصالحها، وبالذات مصالح الأسرة الحاكمة، تحت غطاء الدين.

وفي الوقت الحاضر تواجه السعودية سلسلة من التحديات في ظل الأزمات المتعددة والشائكة التي تعصف بها على الصعيدين الداخلي والخارجي. ومن أبرز هذه التحديات خشيتها من خسارة موقعها أمام إيران البلد القوي والمنافس التقليدي لها في المنطقة.

فبعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وجدت السعودية نفسها أمام قوة جديدة ذات ايديولوجية دينية قادرة على التأثير والانتشار السريع في المنطقة والعالم، خصوصاً في العالم العربي ودول الجوار الإقليمي.

ورغم مساعي إيران وجهودها الحثيثة لإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية، إلّا أن عدداً من هذه الدول وفي مقدمتها السعودية سعت على الدوام الى تعكير صفو هذه العلاقات من خلال إفتعال الأزمات، ما تسبب بحصول توترات بين البلدين أدى آخرها الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المدن الإيرانية وإقتحام سفارة الرياض في طهران من قبل بعض المواطنين الغاضبين.

ومن الأمثلة الواضحة على ذلك يمكن الإشارة الى دعم السعودية لنظام صدام حسين في حربه ضد إيران في ثمانينات القرن الماضي، ومحاولاتها المتكررة للحيلولة دون إبرام الإتفاق النووي بين طهران ومجموعة 5+1 (الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، وهو ما أشارت اليه الكثير من وثائق موقع ويكيليكس، إضافة الى مساهمتها بشكل كبير بخفض أسعار النفط في الأسواق العالمية من خلال زيادة إنتاجها من هذه المادة الحيوية بقصد الإضرار بمصالح إيران التي تعتمد في إدارة شؤونها الإقتصادية على إيرادات النفط بنسبة كبيرة.

وخشية الرياض من تغيير ميزان القوى لصالح طهران، خصوصاً بعد نجاحها في إبرام الإتفاق النووي لعبت دوراً كبيراً في صياغة شكل السياسة السعودية على الصعيدين الإقليمي والدولي، لإعتقادها بأن الإتفاق سيزيد من تأثير إيران وقوة نفوذها في المنطقة لاسيّما في المجالين السياسي والإقتصادي من ناحية، وسيرفع من ناحية أخرى من مستوى دعمها لمحور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة والذي تمثل السعودية أحد أركانه.

الى جانب ذلك أسهم الدور الكبير الذي تلعبه إيران في محاربة الجماعات الإرهابية في المنطقة، في وقت تواجه فيه السعودية إتهامات متكررة من قبل الدول الغربية بدعم وتمويل تلك الجماعات بالمال والسلاح، بدفع الكثير من السياسيين والمفكرين الغربيين الى توجيه إنتقادات لاذعة لسلطات الرياض لقيامها بهذا الدور الخطير الذي يهدد الأمن والإستقرار في العالم بأسره ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص.

وتواجه السعودية كذلك إنتقادات كبيرة إزاء إنتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان والتي تجلت بوضوح في سياستها القمعية والطائفية تجاه المنطقة الشرقية من البلاد وحرمانها من أبسط حقوقها لاسيّما في مجال حرية التعبير عن الرأي. وآخر هذه الإنتهاكات وليس آخرها جريمة إعدام عالم الدين الشيخ نمر باقر النمر وعشرات من المعارضين لسياساتها الداخلية والخارجية.

وبسبب تمسكها بالفكر الوهابي المتطرف ودعمها للتيارات التكفيرية بالمال والسلاح لاستباحة دماء كل من يخالف هذا الفكر، تواجه السعودية أزمة حقيقية أخرى في مواجهة مثقفي وأحرار العالم الذين يؤكدون على ضرورة إستئصال هذا الفكر الضال والمنحرف الذي أُبتليت به المنطقة بشكل خاص والعالم الاسلامي بشكل عام.

ونتيجة هذه الأزمات أضحى مستقبل السعودية في مهب الريح، وبات أكثر المراقبين يعتقد بأنه من غير الممكن أن تنجو سلطات الرياض من تبعات هذه الأزمات، خصوصاً بعد أن مُنيت بهزائم عسكرية منكرة في اليمن وتكبدت خسائر إقتصادية جسيمة جراء عدوانها المتواصل على هذا البلد، في وقت تتسارع فيه وتيرة تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، نتيجة السياسات الخاطئة التي تنتهجها السعودية في هذا المجال والمتمثلة بتصديرها كميات هائلة من النفط وبأسعار زهيدة خدمة للكيان الاسرائيلي وحلفائه الغربيين وعلى رأسهم أمريكا.

ويعتقد المحللون ان السعودية تسعى الآن بكل جهدها لخلط الأوراق وحرف الرأي العام عن هزائمها في اليمن من خلال إفتعال الأزمات مع إيران ومواصلة دعم الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق لإلقاء الكرة في ملعب الآخرين وإلصاق تهم زائفة بهم لتمرير مخططاتها بالتنسيق مع واشنطن والعواصم الغربية والإقليمية الحليفة لها في إطار المشروع الأمريكي المسمى “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” الرامي الى تمزيق المنطقة والهيمنة على مقدراتها والعبث بمصيرها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق