التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

المقدادية في العراق… سلعة إعلامٍ أضلَّ سبيله 

فاجأتنا في الأيام القليلة الماضية الأحداث المؤسفة التي تعرضت لها المقدادية في محافظة ديالى في العراق، وكان مثيرًا للدهشة أن تتخذ هذه الأحداث منحًا طائفيًا وأن تعنون في القنوات الإخبارية ومواقع الإنترنت بعناوين فتنوية مثل “المليشيات الشيعية تقتل العشرات في المقدادية” أو “مليشيات تخيّر سنة المقدادية بين المغادرة والموت”، وهناك من اختار “إبادة أهل السنة في المقدادية”، وكل هذه العناوين لا تُظهر إلا حقيقة وسائل الإعلام الباحثة عن هموم الناس ومعاناتهم لتعطيها بعدًا طائفيًا يخدم سياسات استعمارية في المنطقة. كل من يغني على وقع هذه الألحان، فإنه يعمل لإشعال فتنةٍ مذهبية، فليس كل من قتل سنيًا هو شيعي، وليس كل من قتل شيعيًا هو سني!، واتهام الشيعة بقتل واستهداف أهالي المقدادية هو أمر بعيد عن الواقع، فالمرجعية الشيعية في العراق والمتمثلة بالسيد آیة الله “السيستاني” حذرت من استهداف السنة، وشددت مرارًا وتكرارًا على حرمة هذا الأمر وخطورته، وكذلك فإن قيادات عديدة في الحكومة العراقية حذرت من هذا الأمر، ومع هذا لازلنا نجد أن هناك من يتهم الشيعة بقتل أهالي المقدادية!. المخطط القائم والذي تعمل عليه دول ووسائل إعلام كثيرة هو زرع بذور فتنة طائفية في المنطقة وخاصة في العراق، فهناك من يحاول أن يبرز تنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات الإرهابية في سورية على أنها تمثل أهل السنة وهي التي تقتل الشيعة والعلويين، كما يسعى الكثيرون إلى إبراز الحشد الشعبي على أنه طائفي وشيعي يهدف لاستئصال أهل السنة، وهذا الكلام سمعناه منذ الأيام الأولى لنشأة الحشد الشعبي في العراق. إذًا من يمارس الإجرام بحق أهالي المقدادية؟ إن من يقتل أهالي السنة في المقدادية هم نفسهم من يقتلون الشيعة وهم نفسهم من يقتلون المسيحيين، وهم أفراد استأجرتهم دول لتنفيذ مشاريع خطيرة في المنطقة، فهناك عواصم عربية وأجنبية تحاول زرع الفتنة بين الشيعة والسنة لتبدأ بمشروع تقسيم العراق من خلال تسليح أهل السنة، بحجة الدفاع عن أنفسهم، وما القوات التركية المتواجدة في العراق إلا ركيزةً لتطبيق هذه الخطة عندما يحين وقتها. وعندما نقول أن هؤلاء الأفراد أدوات دول ومشاريع تخدم الكيان الإسرائيلي وبعض الدول العربية والأجنبية لن يعد مهمًا دين القتلة ومذهبهم، فسواءٌ كان القاتل شيعيًا أو سنيًا، وسواء كان مسلمًا أو مسيحيًا، وسواءٌ كان عربيًا أم غير عربي، كل هذا لا يُخرج مشروع الفتنة الطائفية عن كونه مشروعًا صهيونيًا يستهدف الشيعة والسنة، و المسلمين والمسيحيين، في العراق وكل المنطقة على حدٍ سواء. ولمن يقول غير هذا يكفيه كلام “هادي العامري”، أحد أبرز قيادات قوات الحشد الشعبي، دليلا على أن الشيعة كمذهب، والحشد الشعبي كمؤسسة، لا يستهدفون السنة، وأن كل “ما یحصل في المقدادیة من استهداف لمساجد أهل السنة مؤامرة وجريمة لا تختلف عن الإرهاب”، واعتبر “العامري” أن “هناك مخططًا خبیثا لحزب البعث لسحبنا إلى معرکة طائفیة” ، وأشار “العامري” إلى أن البعث حرك بعض الشباب الطائشین لاستهداف المساجد السنیة وتوعد “العامري” بالوقوف “بوجه کل من یسعى لإشعال الفتنة الطائفیة”. صحيحٌ أن نمط إثارة الفتنة الذي يُتبع باتهام الشيعة بقتل السنة والسنة بقتل الشيعة يعتبر نمطًا قديمًا ومعروفًا لإثارة الفتن، إلا أنه وللأسف يشكل تهديدًا جديًا يحتاج إلى الكثير من الحذر والوعي، وخاصةً أن هناك وسائل إعلامية متمترسة خلف الكاميرات وتدعي العراقة والأصالة والحيادية تعمل ليل نهار على زرع هذه الفتن وتأجيجها، الأمر الذي يؤكد أهمية نشر الوعي والإسلام الصحيح بين الشعوب العربية والإسلامية. في النهاية علينا أن نثق أن لا أحد يهتم بالشعب العراقي بقدر حكومته، ولا أحد من قنوات الفتن الإعلامية يهمه أمر المقدادية أو غيرها، فهؤلاء لا ينقلون حوادث القتل التي جرت فيها دفاعًا عنها وعن أهلها، وكل مافي الأمر أنهم وجدوا في المقدادية حطبًا جيدًا لنيرانهم التي يحاولون تأجيجها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق