أي الحلول تنهي الأزمة السورية؟
دخلت المنطقة مرحلة مظلمة عنوانها القتل وسفك الدماء بعد دخول عشرات المجموعات المسلحة لسوريا، مدعومة من قبل دول أجنبية واقليمية معروفة، بهدف اسقاط الحكومة السورية. واستمرت المؤامرة التي تصفها دمشق بـ “المؤامرة الكونية” علی سوريا منذ 2011 حتی الیوم. وجرت هذه الأحداث ضد سوريا من قبل تلك الدول قبل أن تعرف الی أين ستؤول سياسة دعم الإرهاب، وظل المحور الغربي ـ العربي المعادي لسوريا، يطالب بتنحية الرئيس “الاسد”، دون أن يمتلك مرشحا مقبولا من قبل السوريين ليحل مكانه، إذن اي الحلول يمكنها إنهاء الأزمة السورية، مواصلة الحرب وتزويد الجماعات المسلحة بالسلاح الفتاك، أم الاحتكام بالعقل والتركيز علی الإنتخابات؟.
تصوروا كيف كانت حال المنطقة والعالم، لو أن الدول الغربية وبعض حلفائها في المنطقة استطاعوا اسقاط الحكومة السورية الشرعية بقيادة “الاسد”، واستبدلو مكانها حكومة ساستها من “النصرة” و”القاعدة” و”جيش الفتح” ومثل هذه المجموعات. حيث أن سوريا لازالت تقاتل بجيشها وشعبها منذ خمسة أعوام، تقاتل التطرف والإرهاب، وبالرغم من كل ذلك فان حال المنطقة هذا هو الوضع المأساوي الذي نراه الیوم، فما بالك لو لم يكن هنالك جيش وحكومة وشعب سوري، يقاتل الإرهاب في البلاد، فماذ كان قد حل بالمنطقة؟. لا شك لو لم تكن كل هذه التضحيات من قبل سوريا وحلفائها المعروفون للجميع، لكنا الیوم نشهد الذبح وسفك الدماء في شوارع جميع دول المنطقة.
السوال الذي بات يطرح نفسه اكثر من اي زمن مضی، هو: هل أن الغرب حقا يريد للأزمة في سوريا أن تنتهي أم لا؟. جميع المؤشرات تدل علی أن الغرب وخاصة أمريكا لا تريد لسوريا أن تخرج من أزمتها الحالیة، وللاسف تسعی جميع هذه الاطراف الی أن تكون سوريا مرتعا خصبا للإرهاب، حتی يتم تدمير جميع ما تبقی من بنيتها التحتیة. وفي غضون ذلك يعتقد الكثير من المتابعين أن الانتقام الذي تعرضت له سوريا كان بسبب مواقفها الواضحة تجاه الكيان الإسرائيلي وتماشيها مع محور المقاومة. ويعتقد مثل هؤلاء المتابعين أنه في حال كان بوسع الدول الغربية أن تظل تدعم الإرهاب في سوريا، فانها ستظل تفعل ذلك، حتی تصبح سوريا لا تشكل خطرا علی تل أبيب. إذن فان الغرب وبناء علی هذا المنطلق ومن أجل الوصول الی مصالحه، فانه يؤمن بمواصلة الحرب في سوريا ولايعتقد بخيار الإنتخابات لإنهاء الأزمة في هذه الدولة.
نعرف جميعا أن مئات الآلاف من المهاجرين السوريين بعد أن تهدمت مساكنهم وفقدوا كل ما كانو يمتلكونه وقُتل الكثير من أحبائهم علی يد الإرهابيين، وتقطعت بهم جميع السبل، اضطروا الی الخروج من سوريا وسلكوا سفن الموت والهجرة لتنقلهم الی سواحل الدول الاوروبية، حتی مات منهم الآلاف عرض البحر بسبب غرق السفن التي كانت تقلهم الی هناك. وعلی مايبدو فان حتی هذه المأساة الإنسانية الالیمة ايضا لم تغيير في معادلة الحرب، ولم تؤثر شيئا علی سياسات الغرب الرامية لمواصلة الحرب في سوريا، وهذا شيء يؤسف له كثيرا.
وفي نفس السياق يجب أن نعلم جميعا أن استمرار الحرب في سوريا ليس لصالح اي جهة سوی الجماعات الإرهابية، وها هي السعودية وقطر والامارات والكويت باتت تعاني من انهيارات مالیة وعجز كبير في الميزانية العامة، وإذا ما استمر دعم هذه الدول الی الجماعات الإرهابية، فان ذلك سيكون كاهلا اضافيا ثقيلا علی مواطني تلك الدول. وبالنسبة الی المفاوضات السياسية التي تجري في جنيف وأماكن اخری لإنهاء الأزمة السورية، فانها لازالت تراوح مكانها رغم دخولنا في العام الميلادي الجديد. حيث أن معظم الدول الراعية لهذه المفاوضات، أصبح شغلها الشاغل هو التاكيد علی تنحية الرئیس “بشار الاسد” فقط، وليس مساعدة السوريين لتخطي الخلافات في مابينهم.
الیوم وبعد ما تبين للغرب والدول العربية المعادية لسوريا، أن تزويد الجماعات المسلحة بالسلاح ودعمها بالمال والمعلومات الإستخبارية، لا يمكن القضاء علی النظام السوري ولا يمكن أجبار الرئيس السوري علی التنحي. إذن لابد علی هذه الجهات أن تكون أكثر عقلانية وتعود الی رشدها والی الرؤية التي تؤمن بها سوريا وحلفائها لانهاء الأزمة في البلاد وهي “اجراء الانتخابات وتشكيل حكومة منتخبة تشارك فيها جميع أقطاب المعارضة السورية”، وعلی مايبدو فان هذا هو المخرج الوحيد، أمام جميع الفرقاء السوريين، إذا ما ارادوا تخليص الشعب السوري من محنته ومعاناته الحالیة.
المصدر / الوقت