السعودية و سياساتها البالية تجاه ايران
احدث اعدام “آية الله نمر باقر النمر” موجة من السخط والغضب لدى الشيعة في داخل السعودية وايران والبحرين وباكستان والعراق وتركيا ولبنان كما تسبب بموجة ادانات دولية للسعودية وحينها حدث الهجوم على السفارة السعودية في طهران وعلى الاثر قطعت السعودية وبعض الدول العربية الاخرى علاقاتها مع ايران واقدم المسؤولون السعوديون على اتخاذ بعض الخطوات السياسية تجاه دول المقاومة والممانعة في المنطقة، وقد أكد خبراء ومحللون ان هذه الخطوات السعودية تدل على القلق العميق الموجود لدى السعوديين تجاه التطورات الجارية في المنطقة حيث ارادت الرياض بهذه الخطوات دعم مواقف الدول المتحالفة مع امريكا في المنطقة وممارسة الضغط على طهران.
لكن السعودية لم تنجح في وضع عراقيل هامة امام ايران فالدول العربية التي قطعت علاقاتها مع ايران هي دول غير ذات اهمية باستثناء دولة السودان التي كانت ايران تدعمها وتدعم رئيسها “عمر البشير”.
تبعات السياسات السعودية
ربما يفتخر السعوديون بقطع العلاقات بين السودان وايران لكن القطاع الذي تضرر بشكل رئيسي وهام هو القطاع التجاري والسياحي بين السعودية وايران حيث يقول الخبراء ان السعودية هي الطرف الخاسر بشكل اكبر لان ايران امامها مصادر متنوعة للاستيراد والتصدير ويمكنها ان تحصل على اسواق بديلة عن السوق السعودي لمنتجاتها.
وفيما يخص الحج فإن ايران كانت قد اوقفت في وقت سابق رحلات العمرة الى السعودية بسبب اهانة السعوديين للمعتمرين الايرانيين لكن السعودية قالت انها ستستقبل الحجاج الايرانيين في موسم الحج وهذا يعتبر امرا هاما لدى المسؤولين الايرانيين الذين يجب ان يقرروا بشأن ذلك.
وكانت ايران لديها تجربة سابقة في مجال سحب السفراء او خفض التمثيل الدبلوماسي معها ففي عام 1997 اتهمت المانيا ايران باغتيال معارضين اكراد على اراضيها وحينها سحبت دول الاتحاد الاوروبي بالاضافة الى تركيا سفرائها من طهران كما سحبت ايران سفرائها من اوروبا وتركيا لكن بعد مضي 10 اشهر عاد السفراء الاوروبيون واحدا تلو الآخر الى ايران كما اعادت تركيا مستوى علاقاتها مع ايران الى ما كانت عليه قبل الاوروبيين.
السعودية واللعبة الدبلوماسية البالية
عندما سحب الاوروبيون والاتراك سفرائهم من ايران كان يمكن القول ان ذلك كانت بمثابة أزمة دولية لطهران لأن اوروبا وتركيا هم من أهم زبائن النفط الايراني وخلافا للسعودية التي تعتبر منافسة لايران كان الاوروبيون والاتراك شركاء اقتصاديين لايران والمعلوم ان هناك كانت ديون لالمانيا على ايران التي كانت في مرحلة اعادة اعمار ما دمرته الحرب العراقية لكن صمود ايران على مواقفها وادائها المتزن تسبب بعودة السفراء الاوروبيين في اقل من سنة الى طهران.
ان الاتحاد الاوروبي كان يريد فرض عزلة على ايران في حينه لاجبارها على التراجع عن مواقفها وخاصة مواقفها من الكيان الاسرائيلي في وقت كانت ايران تعاني فيه من ازمة اقتصادية، لكن ما تقوم به السعودية وحلفائها الضعفاء مثل جيبوتي وجزر القمر والصومال يأتي في وقت انجزت فيه ايران الاتفاق النووي مع الغرب وهناك الان اقبال دولي على تعزيز العلاقات مع طهران ولذلك يمكن القول ان سعي السعودية لفرض العزلة على ايران محكوم عليه بالفشل، ورغم ذلك نجد ان الرياض ماضية في اجراءاتها وربما تحلم بالحد من النفوذ الايراني في الدول العربية والاسلامية على الاقل.
التأثير السلبي على المنطقة والعالم الاسلامي
لقد حاولت السعودية بعد موت “الملك عبدالله” ومجيء طاقم الحكم الجديد ان تحد من النفوذ الايراني في المنطقة وتقلل مدخول ايران من النفط وتزيد من التوتر بين طهران والغرب ولذلك فإن قطع العلاقات الدبلوماسية الآن لايمكن ان يشكل مقدمة لتوترات جديدة مع ايران لكن الأثر السلبي الطويل الامد لهذه الخطوة يمكن ان يلحق ضررا بالمنطقة والعالم الاسلامي.
ان التوتر بين طهران والرياض يزيد من القلق الدولي حول حفظ توازن القوى في منطقة الخليج الفارسي الاستراتيجية ويوفر الارضية لتدخلات القوى الاجنبية، ورغم ان خلافات السعودية مع ايران هي جذرية وتاريخية لكن هناك حاجة للحوار بين البلدين فيما يتعلق بالقضايا الثنائية وكذلك القضايا الاقليمية مثل الازمة السورية التي بدأت الامم المتحدة تدعم انطلاق عملية السلام فيها.
المصدر / الوقت