لوضع الاقتصادي في غزة بين الوعود والتطبيق
غزة، هي مدينة المقاومة والصمود في وجه الكيان الإسرائيلي، لم ينهكها الميدان العسكري كما أنهكها الميدان الاقتصادي، هي تعاني اليوم من وضع اقتصادي صعب جداً، والذي أنهكها أكثر هو وعود العرب برفع الحصار عنها وإعادة اعمار ما هدمته صواريخ الكيان الاسرائيلي، وعود قد مرّ عليها أكثر من 8 سنوات ولم تتحقق ولن تتحقق، فأين هي غزة اليوم من وعود العرب؟
في عام 2009 تعرض قطاع غزة للقصف والدمار من قبل الكيان الإسرائيلي، وذلك بعد قيام المقاومة بمحاولة فك الحصار الذي فرضه عليها الكيان الاسرائيلي. ثم بعدها بـ 4 سنوات تعرض قطاع غزة الى حرب أخرى كانت في عام 2012، لم تتوقف آلة الدمار هنا، حيث عادت الى غزة أيضاً عام 2014. هذه الحروب الكونية التي تعرض لها القطاع أدت الى دمار شامل في البنية التحتية والمصانع والمصارف والمستشفيات والمدارس…الخ ، اي بما معناه جعلت من غزة مدينة منهارة اجتماعياً واقتصادياً. قصف الاسرائيليين للمصانع والمراكز الاقتصادية لم يكن عبثياً، وكان الهدف هو استمرار الحرب، وان لم تكن عسكرية فلتكن اقتصادية. ومع كل هذا بقي القطاع صامدا بوجه الآلة العسكرية الاسرائيلية، ولم يستسلم ولم ولن يرضخ للذّل.
البطالة في قطاع غزة
الوضع الاقتصادي في غزة “كارثي”، هكذا وصف تقرير اقتصادي دولي الوضع في غزة، حيث قال التقرير إن نسبة الفقر قد تجاوزت ال 40 في المائة من سكان القطاع، البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة. أيضا يبلغ عدد العاطلين عن العمل 60 في المائة بنهاية العام الماضي. وقد فصل التقرير أنّ 272 ألف من اليد العاملة أصبحوا عاطلين عن العمل جرّاء الحرب والحصار، وأنّ 150 ألفاً من العمال و100 الفاً من طلاب الجامعات هم عاطلون عن العمل. وقال موفد البنك الدولي لقطاع غزة والضفة الغربية “ستين لاو يورغنسون” إن السوق الحالية في غزة غير قادرة في الوقت الراهن على توفير وظائف، تاركة عدداً كبيراً من السكان في حال يأس، وخاصة الشباب. وحذر التقرير من أن الوضع الراهن في غزة لا يمكن تحمله.
القطاع الصحي كان الأكثر تضرراً وتأثيراً على الوضع الاقتصادي والصحي في قطاع غزة. حيث اوضح التقرير ان 141 عملا مرتبطا بالقطاع الصحي من مستشفيات ومصانع ادوية قد أصبح خارج الخدمة جراء الدمار الذي لحق بها، وأن 205 نوع من الأدوية المهمة فقدت من السوق.
القطاع الكهربائي لا يختلف كثيراً عن الوضع الصحي، حيث تعتبر الكهرباء من المشاكل الأساسية للقطاع التي تلقت ضربات كثيرة جراء العدوان الأخير على القطاع. وبحسب أحد السكان القاطنين في القطاع فإن الكهرباء لا تأتي أكثر من 4 ساعات، وهذا يؤدي إلى فقدان الإنتاج الغذائي وإغلاق العديد من مصانع الإنتاج المرتبطة بالكهرباء.
وعود العرب بالاعمار
على ما يبدو ان العرب وحلفائهم الغربيين (أمريكا) بجامعتهم واجتماعهم فيها يحبون اعطاء الدروس والوعود، اما الدروس التطبيقية فليس لها مكان في جامعتهم، فبعد العدوان الأول عام 2008-2009 على قطاع غزة انعقد مؤتمر اعادة إعمار القطاع في مدينة شرم الشيخ المصرية، حيث اجتمعت نحو 70 دولة و16 منظمة اقليمية ودولية، وتعهد المجتمعون بتقديم 4,4 مليار دولار لإعادة بناء القطاع. وبعد الحرب الأخيرة 2014 انعقد مؤتمر إعادة اعمار غزة ايضا ولكن هذه المرة في العاصمة المصرية القاهرة في 12 اكتوبر/تشرين الاول عام 2014 بحضور نحو 50 دولة ومنظمة دولية، حيث تعهد المشاركون بتقديم 5,4 مليار دولار وتعهدت جامعة الدول العربية ببناء شبكة أمان مالية وقد وضعت هذه الخطة مع التركيز على العجز في ميزانية السلطة الفلسطينية والاعتماد على المساعدات الخارجية لتعويض العجز. كل هذه التعهدات لم تجد آذانا صاغية عند الفلسطينيين الذين يعتقدون ان هذه المؤتمرات تعقد ليس حباً في دعم فلسطين، وانما هي مؤتمرات مؤامرة على فلسطين، وكما توقع الفلسطينيون، فبعد مؤتمر شرم الشيخ لم تفِ الوفود المشاركة بوعودها، وأوضح إسماعيل هنية نائب المكتب السياسي لحرکة حماس أن الأموال التي رصدت في المؤتمرات السابقة لإعمار غزة اي بعد حرب 2008 و2012 و 2014 لم يصل منها أي شيء للقطاع.
اذاً، “على الوعد يا كمون”، مثل عربي يجسد وعود الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية، وبسبب هذه الوعود أصبح الوضع أسوأ في القطاع ولذلك ندعو أهلنا الشرفاء في غزة الى عدم الانتظار، واستذكار الشهيد الشيخ أحمد ياسين وياسر عرفات ويحيا عياش ورفاقهم المجاهدين الشهداء وفك الحصار بالانتفاضة من جديد.
المصدر / الوقت