“مصر وتونس .. تحديات جمّة ولحظات مصيرية وحاسمة !؟”
في الوقت الذي عادت فيه الدولة التونسية لتعيش مجددآ في اجواء الفوضى ،مازالت الدولة المصرية هي الاخرى تعيش بواقعٍ فوضوي، تمثل بعمليات ممنهجة عدّة ضدّ الجيش المصري بسيناء ،وضدّ بعض القضاة والساسة وأجهزة الأمن المصرية بمدنٍ مصرية مختلفة.
ففي الوقت الذي تعيش فيه تونس إطاراً فوضوياً تمثّل بظهور مظاهر ثورة جديدة “ثورة جياع “، بمناطق مختلفة من تونس، انطلقت من بلدة القصرين التونسية وعمت بعض المناطق التونسية، وهنا بهذه المرحلة يمكن القول إن مصر وتونس، قد دخلتا بمرحلة أكثر صعوبة من كل المراحل السابقة ،فالتحديات الاقتصادية و الأمنية و الاجتماعية والثقافية تلقي بظلالها اليوم على تونس تحديداً ومصر إلى حدٍ ما.
وعلى غرار ما يجري ويستهدف سورية وليبيا والعراق ، انطلقت من جديد حرب استنزاف جديدة، تستهدف مصر الدولة، وبكل اركانها، وهذا الموضوع ينطبق إلى حدٍ ما على الدولة التونسية، ومع ظهور علامات ومؤشرات واضحة على مشروعٍ واضح، يسعى لاسقاط مصر وتونس في جحيم الفوضى ، وذلك من خلال اسقاط مفاهيم الفوضى بكل تجلياتها المأساوية على الحالة التونسية والمصرية، كاستنساخٍ عن التجربة العراقية -السورية – الليبية، لتكون هي النواة الأولى لاسقاط تونس ومصر تحديداً في جحيم هذه الفوضى لتمتد مستقبلآ للمغرب والجزائر.
وهنا لنعترف جميعاً، بأن أستراتيجية الحرب التي تنتهجها بعض القوى الدولية والاقليمية على الدولتان التونسية المصرية، ومن خلف الكواليس بدأت تفرضُ واقعاً جديداً، وايقاعاً جديداً لطريقة عملها ومخطط سيرها، فلا مجال هنا للحديث عن الحلول السياسية أو الامنية أو الاقتصادية ،وو..ألخ ، للأزمة التونسية والمصرية، فما يجري الآن على الأرض المصرية تحديدآ ما هو إلّا حرب استنزاف لمصر ودورمصر بالمنطقة وقوة مصر ومكانتها العسكرية والأقليمية،وتضارب مصالحها القومية التاريخية، مع قوى تحالف التآمر على مصر.
فاليوم هناك حقائق موثقة بهذه المرحلة تحديداً، تقول إن الدولة المصرية بكل اركانها تعصف بها بهذه المرحلة، عاصفةٌ إرهابية هوجاء، وهذه الحقائق نفسها تقول إن هنالك اليوم مابين 17-19 ألف مسلّحٍ راديكالي مصري وغربي وشرق آسيوي وشمال أفريقي، ومن نجد والحجاز وغيرها من البلدان والمنظمات المتطرفة ، يقاتلون بشكل كيانات مستقلة “داعش وفرعها أنصار بيت المقدس “، داخل مصر في سيناء وما حولها، وفي بعض الدول العربية وشمال افريقية في ليبيا وتشاد وغيرها من الدول، وهؤلاء بمجموعهم هدفهم الأول والأخير هو مصر ، وماحوادث سيناء الأخيرة ، وقبلها الكثير من الحوادث إلّا رسالة أولى من هذه المجاميع المتطرفة المدعومة صهيونياً وغربياً ومن بعض المتأسلمين إلى مصر، بأنهم قادرين على ايذاء مصر بكل اركانها، وإن حرب مصر مع هؤلاء، هي حرب طويلة ولن تقف عند حدود سيناء، ولن تنتهي عند حدود ليبيا وتشاد.
ونفس هذه الحقائق تقول إن هنالك اليوم مابين 7-9 ألف “مسلّح مصري “، يقاتلون الجيش المصري داخل مصر ، فأدوات الحرب المذ كورة أعلاه، كادت بفترةٍ ما أن تنجح بأن تسقط الدولة المصرية بالفوضى العارمة .
وهذا يحتاج اليوم ليقظة من كل اركان الدولة المصرية وهذا الامر ينسحب كذلك على تونس والجزائر والمغرب إلى حد ما، لإيقاف مسار هذه الحرب “الخفية ” التي تستهدف مصر اليوم ومعظم مناطق المغرب العربي “، مع إن هنالك بعض القوى السياسية والفكرية والمجتمعية ببلدان المغرب العربي، قد أدركت مبكراً، حجم الخطورة المتولدة عن هذه الحرب مبكراً ، وتنبهت مبكراً لخطورة ما هو قادم وبدأت العمل مبكراً على نهج سياسي سليم للتصدي لهذه الحرب المتعددة الاشكال والفصول، ولكن للأسف بتلك الفترة وإلى الآن، برزت إلى الواجهة، فئات من المسيسيين، استغلت هذا الظرف الصعب من عمر الدولة المصرية والتونسية ، والتقت أهدافهم وحقدهم وكراهيتهم مع أهداف وحقد وكراهية اعداء مصر وتونس، سعياً لتدميرهما وتخريبهما ،ونشر فكر الإرهاب والقتل والتدمير بالداخل المصري والتونسي .
كل ما تحدثنا عنه من تحديات أمنية تستهدف مصر- ينسحب كذلك على تونس، اليوم لايمكن وضع حلول ملموسة لها وخصوصآ لما يجري بالداخل التونسي ،دون بناء مسار تكاملي بالبنية السياسية لكلا الدولتين ،وخصوصاً تونس،وهذا مايعني البدء بتطبيق مسار فعلي لديمقراطية يكون أساسها الشراكة الوطنية ،لبناء مشروع متكامل نهضوي ،يخدم طبيعة المرحلة ويغلق كل الأبواب أمام كل المشاريع التأمرية والمعادية التي تستهدف الدولتان التونسية والمصرية ،وهذا للأسف مازال كلاماً عابراً ومجرّد شعارات لانرى تطبيقاً لها على أرض الواقع .
ختاماً ،إنّ مجموع هذه الحقائق بمجموعها للأسف، ومع صعوبة الوضع الأقتصادي لكلا الدولتين المصرية والتونسية ، يطرح بمجموعة تكهنات عدّة لمستقبل كلا الدولتين،وخصوصاً أذا علمنا إن مصر تحديداً، موضوعة على سلم أولويات تقسيم المنطقة العربية ،وهذا مايؤكد إن كلا الدولتين، وتحديداً مصر ينتظرهما بالقادم من الأيام ،صعوبات وتحديات جمّة ولحظات مصيرية وحاسمة.
هشام الهبيشان
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق