رداً على تقرير “أحمد شهيد”: قدّموا “شهاداتکم…و هذه أدلتنا
في إطار الهجمة السعودية الشرسة على طهران، وبالتزامن مع صدور عقوبات أمريكية بالستية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، جاء كلام المقرر الخاص للأمم المتحدة “احمد شهيد” حول “حقوق الانسان” ليصب في الخانة نفسها، أي سياسة التخويف من إيران أو ما يسمى بـ”إيران فوبيا”.
لم تقتصر مهاجمة إيران هذه المرّة على “أحمد شهيد”، بل شاطره إثنان من المقررين الأممين الأمر نفسه حيث أدان “ديفيد كي” المقرر الخاص المعني بحرية المعتقد والتعبير ما أسماه ب”الاحتجاز غير القانوني خلال العام ونصف العام الماضي للأمريكيين الأربعة من أصول ايرانية” والذي أفرج عنهم مؤخراً في إطار صفقة إيرانية أمريكية، معتبراً الإحتجاز لهؤلاء الافراد، المتهم بعضهم بالتجسّس على إيران لصالح دولة غربية، يبين القمع الواسع لحرية التعبير في ايران، على حّد وصفه.
“هينر بيلفلت”، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني في شؤون الدين، كان الضلع الثالث لمثلث الهجوم “اللا إنساني” على إيران حيث إعتبر أن “النظام الايراني يواصل احتجاز عشرات المسيحيين الايرانيين بتهم واهية مثل الدعاية ضد النظام، موضحاً أن هذه الاعتقالات خرق لتعهدات النظام الايراني للقانون الدولي”.
تنتطلق التصاريح الأخيرة من سياسة “البغض الأمريكي” أو “الحقد السعودي” لطهران، وليس محاكاة الواقع أو نقل الصورة كما هي وبصورة كاملة. بعبارة آخرى، تصدر هذه التقارير من الأدرج الأمريكية في الأمم المتحدة لتسلم لهؤلاء عبر “الجهات المختصّة”، وهم بدورهم يظهرونها للرأي العام العالمي عبر منبر “حيادي”. فتقرير “ديفيد كي” جاء لحماية بعض المتهمين بالتجسّس على طهران بغطاء إعلامي أمريكي، رغم أن إيران عمدت إلى إجراء محاكمة علنية أمّنت فيها كافّة المتطلبات القانونية. فهل يحق لأمريكا أن تحتجز “بولارد” أكثر من 30 سنة بتهمة التجسس لصالح الكيان الإسرائيلي، ولا يحق لطهران إستجواب ومحاكمة بعض من مواطنيها للذين تورّطوا بـ”العمالة” لصالح الخارج؟
وأما “هينر بيلفلت” الذي قذف طهران بتهم لا تستند إلى أي دليل كـ”إحتجاز عشرات المسيحيين الايرانيين” بتهم أسماها بـ”الواهية”، فهل القصد أن طهران تحارب مواطنيها المسيحيين؟ بالتأكيد لا، يدرك “بيلفلت” جيّداً “عبثية”هكذا إدعاء، وتكفي زيارة الجامعات الإيرانية لمشاهد طلاب وأساتذه جامعيين من أصحاب الديانية المسيحية، فضلاً عن وجود العديد من الكنائس في البلاد، لاسيّما طهران، حيث توجد في منطقة “هفت تير” أحد أبرز الكنائيس المسيحية “سركيس مقدّس”الأرمنية. ألم يقم قائد الثورة الإسلامية “آية الله خامنئي” قبل فترة قصير بزيارة لإحد عوائل الشهداء المسيحيين خلال أيام رأس السنة وبارك لهم بولادة السید المسيح (ع)، كيف لا وهو شركاء في حفظ النظام، والحقوق الواجبات. ولكن في حال ثبت على بعض الإيرانيين، الشيعة قبل السنة والمسلمين قبل المسيحيين، تهمة التحريض ضد النظام، ألا يحق للسلطات المعنية إتخاذ الإجراءات اللازمة؟ من له الكلمة الفصل في الإجابة على هذا السؤال هو الدستور الإيراني حصراً، وليس أي منظمة أو جهة آخرى.
لا يحتاج كلام “أحمد شهيد” للتعليق كثيراً خاصةً أنه أحد أبرز رؤوس الحربة في هذا الهجوم “اللاانساني” و”اللاواقعي” على طهران، فقد كشفت برقية سرية مسربة من موقع “ويكيليكس”؛ “أن السفارة السعودية في الكويت رشت المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن قضايا حقوق الإنسان بمليون دولار من أجل تصعيد اللهجة ضد ايران”. ولكن لا بد هنا من الإشارة إلى النقاط التالية، أبرزها:
أولاً: لم تستند كافّة هذه الإدعاءات إلى أي دليل علمي أو واقعي، بل كانت مشابهة من حيث الشكل والمضمون للعديد من التقارير السابقة للمنظمة، عدا تاريخ صدورها.
ثانياً: الغريب أن هذه المنظمة تبدي قلقها من محاكمة المتهمين بالقتل والتهريب والإتجار بالمخدرات في إيران، إلا أنها لا تبرز الموقف نفسه من إعدام عالم الدين السعودي الشيخ “نمر باقر النمر”، وإعتقال زعيم الحركة الإسلامية في نيجيريا الشيخ “إبراهيم الزكزاكي”.
ثالثاَ: لماذا تركّز هذه المنظمة اليوم تحديداً على إيران رغم وجود العديد من الأزمات العالمية التي تستحق القلق والعمل على الحد منها كأوضاع اللاجئين في أوروبا، والإنتهاكات التي ترتكب بحق الشعبين السوري والعراقي عبر تسليح الجماعات التكفيرية من بعض دول المنطقة، إضافةً إلى العدوان السعودي على الشعب اليمني.
لا ندري في حال تلقي”احمد شهيد وزملائه” مليون دولار جديد من الرياض لتفعيل الحملة السعودية على طهران عبر الأمم المتحدة، أم أن هذه التقارير جاءت بناءً على أوامر أمريكية للحد من فرص طهران في تعزيز دورها الإقليمي والعالمي بعد الإتفاق النووي، ولكن بين هذا وذاك يبقى “التزیيف” عنوانا رئيسياً لهذه التقارير.
المصدر / الوقت