التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, يونيو 26, 2024

في الذكرى الـ 60 لتأسيسه / حزب الدعوة الإسلامية.. المنطلقات والأهداف 

يعتبر حزب الدعوة الإسلامية الذي يحتفل هذه الأيام بمرور 60 عاماً على تأسيسه، من أقدم الأحزاب التي تشكلت في العالم الإسلامي والتي لعبت دوراً مهماً في صنع الأحداث خلال العقود الماضية. في هذا المقال نسلط الضوء على أهم المحطات التي مرّ بها هذا الحزب من حيث التأسيس والمنطلقات والأهداف.

التأسيس

تأسس حزب الدعوة الإسلامية عام 1957 م على يد المرجع الديني الشهيد آية الله السيد “محمد باقر الصدر”. وشارك في التأسيس عدد من علماء الدين من لبنان والعراق وإيران وباكستان بينهم المرجع الديني السيد “كاظم الحائري” والعلّامة “محمد مهدي الآصفي” والعلّامة السيد “مرتضى العسكري” وغيرهم. وإنتشر فكر الحزب وثقافته في عدد كبير من الدول العربية والإسلامية وصولاً إلى أوروبا وأمريكا، وإن كان العراق ولبنان والبحرين وسوريا من أكثر الدول التي برز فيها الحزب طيلة السنوات الـ60 الماضية.

ظروف التأسيس

شهد العراق في خمسينات وستينات القرن الماضي تطورات سياسية وإجتماعية مهمة تمثلت ببروز الحركة الشيوعية ونمو التيار العلماني. وفي ظل هذه الظروف بادر الشهيد “محمد باقر الصدر” إلى تأسيس حزب الدعوة الإسلامية ليأخذ على عاتقه مسؤولية التصدي للأفكار العلمانية والشيوعية.

وتأسست النواة الأولى لحزب الدعوة الإسلامية على صيغة هيئة مؤلفة من 8 أعضاء، وكان للسيد “محمد باقر الصدر” دور رئيسي في لجنة قيادة الحزب، وقام بنفسه فيما بعد بتأليف الكثير من الكتب القيّمة لشرح النظرية الإسلامية في مختلف المجالات. ومن أبرز الكتب التي ألفها في هذا المجال كتابي “إقتصادنا وفلسفتنا”.

وبعد مجيء حزب البعث إلى السلطة في العراق عام 1968 تعرض حزب الدعوة للإضطهاد الشديد وتحمل أتباعه وأنصاره شتى صنوف التعذيب النفسي والجسدي، وأُعدم الكثير من قيادييه وأعضائه بينهم الشهيد “عارف البصري” والشهيد “حسين معن” والشهيد “مهدي السماوي”.

وبعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الامام الخميني (قدس سره) عام 1979 سارع حزب الدعوة الإسلامية إلى نصرة هذه الثورة وبيان أهميتها ودورها العظيم في التصدي للأفكار المنحرفة والمشاريع الإستكبارية التي تقودها الصهيونية وأمريكا في المنطقة.

ونتيجة هذا الموقف المناصر للثورة الإسلامية والنشاط الدؤوب لحزب الدعوة في تبني الفكر الإسلامي والسعي لتطبيقه في أوساط الأمة لاسيّما في العراق أصدر حزب البعث قراراً جائراً يقضي بإعدام كل من ينتمي إلى حزب الدعوة، وقد طال الحكم الآلاف من علماء الدين وطلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وباقي المدن المقدسة وطلبة الجامعات والكوادر والمهنيين بمختلف الإختصاصات في مختلف أنحاء العراق. وبلغت حملة التصفيات ذروتها بإعدام المرجع الديني السيد “محمد باقر الصدر” وأخته العلوية “بنت الهدى” في 9 نيسان/ أبريل 1980.

ونتيجة المضايقات الشديدة التي تعرض لها حزب الدعوة أضطر الكثير من قيادييه وأعضائه وأنصاره إلى مغادرة العراق والهجرة نحو الجمهورية الإسلامية في إيران وبلدان أخرى بينها سوريا لمواصلة الجهاد والنضال ضد حزب البعث ونظام صدام الذي شنّ الحرب العدوانية على الجمهورية الإسلامية في ذلك الوقت بإيعاز من القوى الاستكبارية والتي إستمرت ثمان سنوات بين عامي 1980 و1988.

وشكّل حزب الدعوة الإسلامية في ذلك الوقت قوات خاصة عرفت بإسم (قوات الشهيد الصدر) التي أخذت على عاتقها مقارعة نظام صدام ونفذّت الكثير من العمليات الجهادية ضد رموز ومؤسسات حزب البعث.

وخلال إنتفاضة الشعب العراقي عام 1990 لعب حزب الدعوة دوراً بارزاً في قيادة هذه الإنتفاضة إلى جانب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بقيادة العلّامة الشهيد “محمد باقر الحكيم” وقوات بدر الجناح العسكري للمجلس الأعلى.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن قيادات حزب الدعوة إختارت في أواسط ثمانينات القرن الماضي طريقين لمواصلة نضالها ومشروعها الإسلامي؛ الأول فضّل الإستمرار تحت قيادة ولاية الفقيه في الجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (قدس سرّه)، وتزعم هذا التيار المرجع الديني السيد “كاظم الحائري” والعلّامة الراحل الشيخ “محمد مهدي الآصفي” وشخصيات علمية وجهادية أخرى. أما الفريق الآخر الذي تزعمه عدد آخر من قيادت حزب الدعوة فقد واصل نشاطه بالتنسيق مع الجمهورية الإسلامية والحفاظ على إستقلالية الحزب في ذات الوقت. وخلال تلك الفترة حصلت إنقسامات بين بعض قيادات حزب الدعوة أسفرت عن بروز تشكيلات أخرى بينها (حركة الدعوة الإسلامية) بقيادة الشهيد “عزّ الدين سليم”.

وإستمر حزب الدعوة في جميع تشكيلاته بنضاله السياسي والجهادي والإعلامي حتى سقوط حكم حزب البعث ونظام صدام في العراق عام 2003.

دور حزب الدعوة الإسلامية في لبنان

ساهم قياديو حزب الدعوة الإسلامية بلعب دور متميز في تشكيل الحركة الإسلامية في لبنان خلال العقود الماضية. وتبلور هذا النشاط بشكل واضح على يد قيادات بارزة بينها العلّامة الراحل السيد “محمد حسين فضل الله”، ومهّدت هذه الجهود لتشكيل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عام 1967 بقيادة الإمام “موسى الصدر”، وحركة أمل عام 1974 بدعوة من السيد “موسى الصدر” أيضاً ورئاسة “نبيه بري”، وحزب الله عام 1982بقيادة أمينه العام في ذلك الوقت السيد “عباس الموسوي”.

وبرزت خلال تلك الفترة شخصيات دينية وعلمية لامعة في لبنان بينها العلّامة الراحل الشيخ “محمد مهدي شمس الدين” والشيخ “عبد الأمير قبلان” والشيخ “علي الكوراني” إلى جانب شخصيات علمية ودينية بارزة قدمت من إيران بينها السيد “محمد الغروي” والسید “عیسی الطباطبائي “والشیخ “محمد رضا الصادقي” والشيخ “حسن أختري” وغيرهم.

ولعب المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وحزب الله دوراً مهماً في ترسيخ دعائم النشاط الإسلامي في لبنان والتصدي للتيارات المنحرفة والمرتبطة بالدوائر الإستعمارية والصهيونية العالمية. وتبلور دور حزب الله بقيادة السيد “حسن نصر الله” بشكل واضح بدحر العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان وإخراجه من أراضيه في عامي 2000 و2006.

كما نشطت أيضاً (حركة الشباب المسلم) التي قادها في العراق الشيخ “عزّ الدين الجزائري” الذي ذهب إلى لبنان لاحقاً إثر تغيير قيادتها وكان من أركانها الشهيد “محمد صالح الحسيني” الذي عمل لفترة وجيزة تحت الإسم نفسه وتعاون لاحقاً مع عدد من الشباب اللبنانيين ثم عمل تحت إسم (التنظيم الشعبي اللبناني) والذي أصبح إسمه لاحقاً “لجان العمل الإسلامي”.

وتوزّع الشباب المسلم في لبنان بين أطر عدّة للعمل. بعضهم عمل داخل حركة (أمل) نظراً لدورها السياسي والشعبي والعسكري، إضافة لإهتمامها بالجانب الديني، ومجموعات أخرى كانت مرتبطة بـحزب الدعوة وتنشط بإسم (الإتحاد اللبناني للطلبة المسلمين) و (اللجان الإسلامية) والتجمّعات العلمائية، إضافة إلى بعض المجموعات التي كانت على علاقة مع شخصيات دينية علمائية إيرانية أو مع المنظمات الفلسطينية وكانت تنشط في بعض المناطق اللبنانية كـ (لجان العمل الإسلامي) ومكتبة الشهيد المطهري.

ويمكن القول إنّ حزب الدعوة كان المحرك الاساس للعمل الإسلامي في لبنان في مرحلة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وصولاً إلى بداية الثمانينات في مرحلة إنتصار الثورة الإسلامية في إيران ومن ثم تأسيس حزب الله والمقاومة الإسلامية.

كما يمكن القول أن معظم علماء لبنان الفاعلين أو الذين شاركوا في النشاط داخل (أمل) ومن ثم في تأسيس حزب الله أو الذين فضّلوا العمل بشكل مستقل، كانوا من أركان وقيادات حزب الدعوة.

دور حزب الدعوة في العراق بعد عام 2003

بعد سقوط نظام صدام في العراق عام 2003 شارك حزب الدعوة الإسلامية في تسلم مناصب قيادية رفيعة في الحكومات التي تعاقبت على إدارة شؤون هذا البلد، وبرزت شخصيات قيادية كثيرة في صفوف حزب الدعوة لشغل هذه المناصب بينها “إبراهيم الجعفري” الذي تسلم منصب رئاسة الوزراء (قبل تأسيسه لتيار الإصلاح الوطني عام 2006)، و”نوري المالكي” الذي رأس الحكومة لدورتين متتاليتين (بين عامي 2006 و 2014)، و”حيدر العبادي” رئيس الوزراء الحالي وغيرهم من القياديين.

ولعب حزب الدعوة دوراً متميزاً في التصدي للتنظيمات الارهابية في العراق وفي مقدمتها (القاعدة) و(داعش). كما ساهمت قياداته بإخراج قوات الإحتلال الأمريكي من العراق عام 2011 من خلال الإتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق