الإرهاب بلا “الشيخ مسكين”؛ ماذا خسر؟
يواصل الجيش السوري عملياته ضد الجماعات التكفيرية التي بدأت تتراجع في الآونة الأخيرة في محاور عديدة، وبات زمام المبادرة بيد الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني، واستطاع الجيش السوري وحلفاؤه منذ أيام السيطرة على بلدة ربيعة في جبل التركمان آخر معاقل التنظيمات التكفيرية في ريف اللاذقية، وامتدادًا لعمليات التطهير التي يقوم بها الجيش السوري عادت بلدة الشيخ مسكين في ريف درعا إلى حضن الوطن.
حيث تمكن الجيش العربي السوري ولجان الدفاع الوطني السيطرة على كامل بلدة الشيخ مسكين (22 كم شمال مدينة درعا)، وذلك بعد أن كانت وحدات الجيش والقوات المسلحة قد سيطرت أمس على طريق الشيخ مسكين ابطع وعلى الطريق المؤدي إلى نوى، وأكد مصدر عسكري سوري أن تحرير الشيخ مسكين جاء بعد العملية العسكرية التي بدأتها وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع القوى المؤازرة أواخر الشهر الماضي في منطقة الشيخ مسكين، وكشف المصدر أن العملية “أسفرت عن تكبيد التنظيمات الإرهابية خسائر بالأفراد والعتاد وفرار من تبقى منهم تاركين أسلحتهم وذخيرتهم”.
ويعتبر تحرير بلدة الشيخ مسكين نصرًا استراتيجيًا كبيرًا للجيش السوري في الجنوب، وذلك بسبب الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها هذه البلدة والتي تشمل جوانب عدة، من أهمها:
الأهمية الجغرافية:
تقع بلدة الشيخ مسكين على بعد 22 كم إلى الشمال من مدينة درعا، و80 كم إلى الجنوب من مدينة دمشق، وهي إحدى أهم مدن حوران ورابع أكبر مدنها، كما تعتبر عقدة مواصلات تربط بين دمشق والسويداء والقنيطرة، وتتوسط سهل حوران ومحافظة درعا، وهي نقطة الوصل بين نوى، وازرع، وابطع، وداعل، والصنمين، كما تعتبر هذه البلدة ذات موقع استراتيجي بالنسبة لمدينة درعا، وتربط شرقها مع غربها متربعةً وسط محافظة درعا بالقرب من الطريق السريع الدولي، الأمر الذي يضفي على هذه البلدة الكثير من الأهمية.
ويمكن اعتبار بلدة الشيخ مسكين قلب المحافظة، وهذا سيمكّن المسيطر عليها من التحكم في المحافظة كلها، ويشكل عاملا مساعدًا للجيش للانطلاق بالاتجاهات الأربعة والاستمرار حتى استعادة محافظة درعا كاملة، بالإضافة إلى تأمين طريق دمشق-درعا.
الأهمية السياسية:
يأتي تحرير الشيخ مسكين قبل انعقاد مؤتمر جنيف بفترة وجيزة، وهذا ما يشكل ورقة قوة تمكن الوفد السوري المفاوض من التأكيد على أن الجيش العربي السوري هو القوة الوحيدة القادرة على استئصال الإرهاب والقضاء عليه، وأن أي استقصاء لهذه القوة يعني عدم الجدية في محاربة الإرهاب الذي بات يهدد الجميع.
الأهمية العسكرية:
لا تختلف أهمية بلدة الشيخ مسكين عسكريًا عن أهميتها جغرافيًا، إذ تعتبر نقطة الوصل بين الجماعات التكفيرية المتواجدة في حوران، حيث يتواجد في هذه البلدة خليط من الفصائل قلما اجتمع في نفس الخندق، وتنتشر في هذه البلدة تنظيمات إرهابية كثيرة، وشارك في المعركة التي دارت أخيرًا مع الجيش السوري ما لا يقل عن 13 فصيلا مسلحًا أشهرهم جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية وحركة المثنى الإسلامية التي أعلنت مبايعتها لتنظيم داعش الإرهابي في آذار المنصرم، واللافت أن حركة المثنى التابعة لداعش تقاتل إلى جانب جبهة النصرة في هذه البلدة، وكما هو معروف فإن تنظيم داعش وجبهة النصرة في حالة عداء قديم، واجتماعهم معًا في الشيخ مسكين أحد مؤشرات أهمية هذه البلدة بالنسبة للفصائل الإرهابية، التي بدأت تعاني انقسامًا في صفوفها بسبب الخسارة التي تكبدتها.
وكانت استعادة البلدة بمثابة السيف الذي نزل على صدور الجماعات التكفيرية التي بدأت تتبادل اتهامات التخوين والتقصير، وبدأت الخلافات تستشري في كياناتهم بعد أن تكبدوا خسائر فادحة في المعدات والعديد، كما استطاع الجيش السوري القضاء على عدد من أبرز قادتهم، كما كشفت التنظيمات الإرهابية عن مقتل 209 مسلحاً بينهم قادة عسكريون كبار من مختلف الفصائل التي شاركت في المعارك.
ورغم الأهمية الاستراتيجية التي تميز بلدة الشيخ مسكين، إلا أنها ليست الأهم، فالجيش السوري استأثر بزمام المبادرة، وبدأت تتهاوى التنظيمات التكفيرية في العديد من المحاور، وخاصة في المحاور الأكثر سخونة والمتمثلة في الجبهات الشمالية في حلب واللاذقية وكذلك جنوبًا في درعا، بالإضافة إلى جبهة العاصمة دمشق، وبعد كل تقدمٍ مهم سنسمع بتقدمٍ أهم، وزمن النصر قد بدأ، فليبدأ الإرهاب بعدّ هزائمه.
المصدر / الوقت