تفجير عدن والسؤال المطروح : هل تحتاج شرعية هادي وحكومته لأكثر من سفك الدم اليمني لتسقيط ؟
مرةً أخرى تشهد مدينة عدن في اليمن، تفجيراً يستهدف القصر الرئاسي. وهو الأمر الذي جاء بعد أيامٍ من إعلان عودة خالد بحاح الى اليمن. في وقتٍ أثارت عودته العديد من التساؤلات، لجهة التوقيت والهدف. ولعل الكلام الأبرز كان في أنها تهدف الى تغيير الواقع الحالي وتثبيت الأمن والإستقرار لا سيما في المدن التي تتولى قوات هادي وما يسمى بالتحالف العربي مسؤولية الأمن فيها. لكن يبدو أن تنظيم داعش الإرهابي أراد اختصار الأمور، عبر توجيه رسالة مفادها أن الجماعات الإرهابية هي التي تسيطر على الأرض في مناطق هادي. وهو ما دحض مرةً أخرى، الشرعية من هادي وأزلامه، في ظل عدم قدرتهم على تحمل مسؤولية أمن السكان. فماذا في التفجير؟ وما هي دلالاته السياسية والأمنية؟
تفجير عدن:
تبنى تنظيم داعش الإرهابي مساء الخميس، استهداف قصر الرئاسة بمدينة عدن جنوبي اليمن بسيارة مفخخة يقودها انتحاري. وقال التنظيم في بيان نشره على موقع التواصل الإجتماعي تويتر “إن الجندي الإستشهادي أبو حنيفة الهولندي تمكن من الإنغماس وتفجير سيارته المفخخة في القصر الرئاسي (المعاشيق) مقر إقامة طاغوت اليمن المرتد عبد ربه منصور هادي”. وأضاف البيان “أن نحو عشرة من حراس هادي قتلوا بينهم ضباط، وأصيب قرابة عشرين بإصابات أغلبها حرجة”. ووعد البيان من أسماهم “طواغيت اليمن، بأيام سود وملاحم عظام”. وكانت سيارة مفخخة يقودها انتحاري قد انفجرت بالقرب من مقر إقامة الرئيس هادي في “المعاشيق” بمديرية كريتر بمحافظة عدن جنوبي البلاد، مخلفة 12 قتيلاً و15 جريحاً بينهم مدنيون حسب مصادر أمنية. ويذكر أن تنظيم داعش الإرهابي نفذ عدة عمليات مشابهة في محافظة عدن خلال الأشهر الماضية، استهدفت إحداها مقر الحكومة وجنود إماراتيين، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى. وتأتي هذه العملية في ظل انفلات أمني كبير تشهده المحافظة، منذ أن تولت جماعات الرئيس المستقيل مسؤولية المحافظة على أمنها، مدعومة بوحدات مما يسمى قوات التحالف العربي في تموز الماضي.
تحليل ودلالات:
لم تكن عودة بحاح بالأمر الذي غيَّر شيئاً في الواقع السياسي اليمني. وهنا لا بد من ذكر التالي:
ليس التفجير الذي حصل الأول من نوعه، حيث تشهد عدن وبشكل دوري سلسلة هجمات واغتيالات، وسط تنامٍ واضحٍ لنفوذ مجموعات مسلحة بينها ما يعرف بالتنظيمات الجهادية التكفيرية. فقد سبق لمحافظ المدينة أن نجا واثنين من المسؤولين اليمنيين، من تفجير بسيارة في الخامس من كانون الثاني الجاري، وهو ما تبناه تنظيم داعش أيضاً. وهو حال المدينة منذ أن أعلنت قوات هادي ومرتزقة العدوان السعودي في تموز الماضي، مسؤوليتهم عن حفظ الأمن والإستقرار فيها. لكن الأحداث الأمنية التي جرت، بيَّنت بأن القوات الحكومية تواجه صعوبة في ضبط الوضع الأمني، وسط تنامٍ لنفوذ الجماعات المسلحة وتحديداً مجموعات إرهابية كتنظيمي “القاعدة” و”داعش”. وباتت المدينة تشهد هجمات شبه يومية، لا سيما منها عمليات اغتيال متكررة لضباط برصاص مسلحين مجهولين.
وهنا فإن الواقع الذي كانت تتصف به المدينة قبل دخول بحاح، ما يزال مستمراً ولم يحصل أي تغييرٍ لا في الواقع الموجود ولا في السياسات المؤثرة. ولعله الأمر الذي أراد تنظيم داعش الإرهابي إيصاله عبر رسالة التفجير، لا سيما بعد أن كان البيان واضحاً. وهو ما أعاد النقاش في ما طرحه البعض حول أهمية عودة بحاح، ودوره الفعال.
فبعد دخول بحاح الى عدن، کان یتوقع البعض تعزیراً للإستقرار والأمن في هذه المنطقة في ظل حضور الحکومة المستقیلة. لکن الفلتان الأمني وانعدام الأمن ما يزالان سمة الموقف وزعزعة الإستقرار لا یزال مستمراً. وهو الأمر الذي ينزع الشرعية عن هذا الحکم وعن هولاء الأشخاص الذين يدعون قدرتهم على تعزيز الإستقرار والأمن في هذه المنطقة.
إذن يبدو واضحاً الحضور القوي للتنظيمات التكفيرية لا سيما داعش، وهو ما يؤكد عدم شرعية هادي وبحاح في عدن، بسبب عدم تمكنهم من توفير الأمن للسكان في هذه المنطقة تحديداً. فإذا كانت عودة بحاح لتثبيت الأمن، فهي مجرد دليلٍ واضحٍ على فشل عبد ربه منصور هادي. فيما جاءت الأحداث لتُثبت أن بحاح أيضاً ليس أهلاً للمهمة. وهو الأمر الذي يأتي في سياقٍ متصلٍ من الأحداث التي جرت، ودفع ثمنها الشعب اليمني. في ظل تساؤلاتٍ كثيرة، حول أسباب التعنت لدى بعض الأطراف اليمنية، في إبقاء الشعب اليمني رهناً للسياسات الخليجية. فهل تحتاج شرعية هادي وحكومته لأكثر من سفك الدم اليمني لتسقط؟
المصدر / الوقت