التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

عندما تصبح السعودية عالة على حليفها الفرنسي 

أصبحت السعودية كما أفادت أسبوعية “ابس” الفرنسية عالة على حليفها الفرنسي؛ حيث وصف “لو بوئين” الكاتب الفرنسي في مقال نشر في هذه الأسبوعية العلاقة بين السعودية أو ما سماها “الحليف الأفضل” لفرنسا والتنظيمات التكفيرية بـ”الضبابية” ويقول إن النفط تحول إلى أداة بيد السعودية ويشكل موطن الضعف لها في نفس الحال؛ حيث نرى أنها تحرق المنطقة بنار الحرب في اليمن وتنفخ في نار الحرب بين السنة والشيعة من جهة أخرى، فضلا عن مواصلتها الإعدامات التي لا نجد نظيرا لها إلا في العصور الوسطى.

ويقول الكاتب في رده على سؤال عن سبب تفضيل النظام السعودي محاربة إيران على مواجهة داعش إن السعوديين عندهم حساسية خاصة تجاه الإيرانيين وتدفعهم هذه الحساسية لإتخاذ القرارات الخاطئة كالإعتداء على اليمن على سبيل المثال ولا الحصر علما أن هذه الحساسية والخوف الوهمي تجاه الإيرانيين تسود المجتمع السعودي بأسره، بل يتعلم السعوديون العداء ضد إيران منذ صغر سنهم وفي المدارس في ظل التعاليم الوهابية؛ حيث يكفر علماء الوهابية الشيعة.

وفي حديثه عن المصادر المالية لتنظيم داعش الإرهابي يزعم بوئين أن الحكومة السعودية لاتمول هذا التنطيم رسميا، بل تقوم الجهات غير الرسمية بهذا الدور مقرا أن السعودية تحاول الإلتفاف على قوانين العمل المصرفي بعد وضع العقوبات الدولية ضد تنظيم داعش رغم صعوبة العمل؛ حيث لاتحول الأموال عبر المصارف السعودية، بل تصل هذه الأموال إلى الإرهابيين عبر “زوريخ” و”جزر كايمان” أو الحقائب المملوءة بالدولارات.

أما على صعيد دعم النظام السعودي للأسعار المتدنية للنفط، فيقول “توماس ليب مان” إن هذا البلد كان ملتزما بأسعار الأسواق العالمية طيلة سنوات متمادية، لكنه قرر عدم خفض مستوى الإنتاج بعد تدفق شحنات النفط إلى السوق كان مصدرها أمريكا والكندا والبرازيل بينما يتوقع وقف تصدير النفط عبر هذه الدول في ظل إنخفاض الشديد للأسعار التي وصلت إلى أقل من 40 دولار.

كما أشارت أسبوعية “إكسبرس” الفرنسية في تقرير حول السعودية والتوتر الذي يسود المنطقة أن النفط يقع على برميل البارود وبينما يعتبر الغربيون إنخفاض أسعاره بشارة خير لإقتصادهم، يحذر بعض الخبراء من آثارها المخربة على تدني عائدات الدول المنتجة للنفط والتنمية العالمية كما لايخفون خوفهم من خطر الصدمة النفطية الأخرى والتي بإمكانها أن تؤثر على إنخفاض الإستثمار وهذا يعتبر بدورها قنبلة موقوتة.

لاشك أن الطرف الخاسر لإنخفاض أسعار النفط هو البلدان المنتجة للنفط والتي تشكل بيع النفط قسما كبيرا من عائداتهم فعلى سبيل المثال، تشكل العائدات النفطية ربع إجمالي الدخل العام لروسيا و80 في المئة مما تصدر الدول العربية في منطقة الخليج الفارسي و97% من مصدرات فنزوئلا ولاتملك هذه الدول أي مصادر إحتياطية ولهذا نرى الأخيرة تواجه تضخما مقدارها 140% وهي على عتبة الإفلاس كما تعاني شركة “بترو براس” الكبرى البرازيلية والتي تواجه قضايا الفساد، وضعا حرجا وهذا ما زاد الطين بلة في الإقتصاد البرازيلي. والقارة الإفريقية هي الأخرى التي تشهد واقعا متأزما؛ حيث يعتمد 70% من ميزانية البلدان التي تقع في المنطقة الوسطى لهذه القارة (الكاميرون، الكونغو، الغابون، غينيا، جمهورية الإفريقية الوسطى والتشاد) على النفط وتواجه هذه الدول مشكلة إنخفاض أسعار النفط فضلا عن إعتداءات جماعة “بوكوحرام” التكفيرية كما تخسر نيجيريا وهي الغول النفطي الكبير بإفريقيا، مليار دولار شهريا من عملتها الصعبة وإضطرت أنغولا مراجعة ميزانيتها وإعتماد سياسة تقشفية أما الجزائر التي تعتمد 60% من ميزانيتها على بيع النفط فاستفادت من الأموال الإحتياطية للحفاظ على الإستقرار الإجتماعي والجدير بالذكر أن التوتر الذي يسود أسواق النفط سبب في إنعدام 250 ألف فرصة عمل في أنحاء العالم.

ويكفي للإنسان أن يسير في شوارع “يوستون” عاصمة نفط شيل حتى يدرك عمق الكارثة ولايمكن أن نتصور مستقبلا باهرا للبلدان الغربية؛ لأن إنخفاض أسعار النفط سينجم عن تضخم يساوي الصفر ولاتستطيع أي شركة تأمين أن يحصل على دخل في هذه الحالة مما دفع بعض الشركات الكبيرة في فرنسا بتعطيل 10 آلاف فرصة عمل بفروعها المختلفة في أنحاء العالم فضلا عن تباطئ الإستثمارات ومبادرة البعض إلى بيع الحقول النفطية وعرض أجهزتها في سوق المزاد والبعض الآخر يفضلون هدم منصات إستخراج النفط بسبب التكلفة الباهظة لصيانتها.

وأعلنت أسبوعية “ابس” ردا على سؤال حول خيارات هذه الأطراف حال إنتعاش الأسواق النفطية أنه بعد علاقة الصداقة بين ساركوزي وقطر، وصل الآن الدور إلى فرانسوا هولاند والسعودية، لكن الصداقة بعائلة الملكية في بلد ينتمي إلى الإسلام الأصولي لايمكن أن يخلو عن أي خطر ولايمكن للسعودية أن تصبح بين ليلة وضحاها حليفا قويا؛ بل يمكنها جر المنطقة نحو عدم الإستقرار بسبب عدائها مع الشيعة.

علاقة الصداقة هذه بالسعوديين التي كان رئيس الجمهورية الفرنسية يطمح إلى تأمين المصالح الإقتصادية والسياسية عبرها ويظن أن الدولة الوحيدة التي لم تصلها عاصفة الربيع العربي بإمكانها أن تكون مصدرا للإستقرار في الشرق الأوسط الملتهب والغريق بالدماء، عجزت عن خلق الجنة الموعودة كما لم تحصل الشركات الفرنسية على ربح كثير بسبب نفاد الأموال عن صناديق السعودية؛ حيث يقول أحد الأطراف في صفقات بيع السلاح إنه مازال ينتظر عقد الصفقة الكبرى مع الرياض حسب ما وعد مسؤولوها.

علاوة على هذا، أصبحت السعودية بسبب التغييرات التي طرأت علی قيادتها إلى دولة من الصعب التكهن بمستقبلها؛ حيث تبادر فجأة بقطع علاقاتها مع إيران وتريد جر العالم الإسلامي إلی أتون الحرب الدينية كما شنت حربا دامية ضد اليمن لاتحمد عقباها بينما تواجه أزمة إقتصادية لم يسبق لها مثيل إلى أن إضطر قادتها إلى تطبيق السياسات العقابية ويقول معارضوها إن الرياض ليست مصدرا للإستقرار في المنطقة، بل أصبحت طرفا يشن الحروب ويدعمها ولذلك أشبهت طنجرة ضغط مستعدة للإنفجار.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق