المانيا تتوسط لأنهاء التوتر بين ايران والسعودية
بعد توتر العلاقات بين طهران والرياض والذي وصل ذروته عقب جريمة إعدام الشيخ باقر النمر على يد سلطات السعودية والإحتجاجات الواسعة التي شهدتها المدن الإيرانية تنديداً بهذه الجريمة وإقتحام سفارة الرياض في طهران، قررت السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، كما دعت حلفاءها من الدول العربية والإفريقية إلى إتخاذ موقف مماثل، فساندتها بعض الدول بينها البحرين والسودان والصومال. وسعت كذلك إلى إستحصال دعم مجلس التعاون وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للوقوف إلى جانبها في هذه الأزمة.
وخلال الأسابيع الماضية بادرت العديد من دول العالم بينها روسيا والصين والعراق وباكستان إلى إنهاء التوتر بين إيران والسعودية دون جدوى. وتعتزم ألمانيا الآن القيام بهذا الدور، حيث قررت إرسال وزير خارجيتها (فرانك فالتر شتاينماير ) إلى طهران والرياض لتطبيع العلاقات بين الجانبين حسبما ذكر المتحدث باسم الخارجية الألمانية مارتن شيفر، مشيراً إلى أن بلاده ستطرح ما وصفها بــ “الـنقاط المرجعية” التي من شأنها تحقيق التقارب بين البلدين دون أن يوضح تلك النقاط.
وتعتقد ألمانيا ومعها الكثير من الدول الأوروبية أن حل الأزمة بين طهران والرياض يصب في مصلحة الأمن والإستقرار الإقليمي والدولي ويخدم مصالحها في المنطقة. وقال شتاينماير لصحيفة (دي فيلت) الألمانية مطلع الأسبوع الجاري: من مصلحتنا أن نحاول كل ما بوسعنا للحيلولة دون تصاعد التوتر بين إيران والسعودية وأن نستغل إمكانياتنا من أجل الحصول على قنوات للتواصل والمساهمة فى زرع الثقة بين الجانبين.
ويعتقد المراقبون إنّ الوساطة الألمانية لن يكتب لها النجاح ما لم تحقق شرطين أساسيين هما:
1 – الحيادية التامة في التعاطي مع هذا الملف والتعامل بمصداقية مع طرفي الأزمة، وعدم السعي لتحقيق مصالح أحد الطرفين على حساب الطرف الآخر.
2 – أن ينجح شتاينماير في تقريب وجهات النظر بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين إزاء قضايا المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بالأزمتين السورية واليمنية والأوضاع في العراق.
في هذا السياق تساءلت الإذاعة الألمانية: هل ينجح شتاينماير فيما فشل فيه غيره؟ وقالت: أن شتاينماير يدرك تماماً أن المهمة ليست سهلة، ويعلم كذلك أن أي تصعيد بين طهران والرياض سيزيد من صعوبة إيجاد حلول للعديد من الأزمات فى الشرق الأوسط.
ويرى المراقبون أنّ لألمانيا مصلحة كبيرة فى إنفراج الأزمة بين الرياض وطهران. فإلى جانب المصالح الإقتصادية الألمانية فى المنطقة، فإن برلين معنية بكل ما يجري من توترات في المنطقة خاصة الأزمة السورية، لأن ذلك من شأنه أن ينعكس على الأمن الأوروبي بشكل عام وعلى الأمن الألماني بشكل خاص.
وكان وزير الخارجية الألماني قد دعا كلا من السعودية وإيران لتلافي أي تصعيد للتوتر في العلاقات بين الجانبين، وذلك خلال إتصالين هاتفيين أجراهما مع نظيريه الإيراني محمد جواد ظريف والسعودي عادل الجبير. وأكد شتاينماير خلال المحادثتين أن إيران والسعودية تضطلعان بمسؤولية مشتركة تجاه إيجاد حل للأزمات في المنطقة لاسيّما في سوريا والعراق واليمن.
وفي وقت سابق أكد شتاينماير إنّ تهدئة الأوضاع في المنطقة مسألة رئيسية لحل أزمة اللاجئين التي أثارت إنقسامات عميقة داخل الإتحاد الأوروبي. وتخشى ألمانيا التي إستقبلت العام الماضي أكثر من مليون لاجئ أغلبيتهم من السوريين من قدوم أعداد أخرى في ظل الإنتقادات الداخلية المتزايدة لسياسة الحكومة في اللجوء.
وتجدر الإشارة إلى أن شتاينماير قام بزيارة إلى طهران في تشرين/أكتوبر الماضي، عقب إتمام المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني. كما زار الرياض قبيل إنعقاد مؤتمر جنيف الخاص بسوريا منذ نحو شهرين.
وتحرص الحكومة الألمانية على إقامة علاقات متوازنة مع كل من إيران والسعودية حيث تتطلع إلى زيادة علاقاتها التجارية مع طهران في المرحلة المقبلة بعد رفع الحظر الإقتصادي عنها، والحفاظ في الوقت ذاته على علاقاتها المتميزة مع الرياض. حيث تعتبر ألمانيا من أهم مصدري السلاح الى السعودية.
المصدر / الوقت