التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

بوكوحرام والجهات المتواطئة معها 

لا يمكن لأي إنسان يمتلك قليلا من العقل أن يقبل، بان جماعات إرهابية كـ “بوكوحرام”، يمكنها أن تستمر بحياتها في بلد مثل نيجريا، الذي يتمتع بجيش وقوات أمنية تمتلك جميع مقومات القوة للقضاء علی مثل هذه الجماعات الإرهابية، ولكانت “بوكوحرام” قد اقتلعت من جذورها في نيجريا لو لم تكون هذه الجماعة تتمتع بدعم مباشر من قبل دول أجنبية، ومعاملة متواطئة من قبل الجهات الداخلية، التي لاتسمح بالقضاء علیها نهائيا.

في عام 2002 أعلنت جماعة “بوكوحرام” عن وجودها لأول مرة في شمال نيجيريا، معتبرة أن التعلیم والثقافة الغربية يتنافيان مع مبادی الدين الإسلامي وهما محرمتان، وتسعی الجماعة الی تطبيق تعالیم الشريعة الإسلامية في كافة أنحاء البلاد، حتی المناطق الجنوبية ذات الاغلبية المسيحية، بهدف تاسيس “الخلافة الإسلامية” في نيجريا، علی أمل أن تمتد الی سائر الدول الإسلامية الاخری. وقبل أن تبايع جماعة “بوكوحرام” تنظيم داعش الإرهابي في مارس 2015، كانت تعتبر الجماعة تابعة لتنظيم “القاعدة”، مما اطلق علیها البعض مسمی “طالبان نيجريا”.

وفي أحدث هجوم إرهابي ارتكبته “بوكوحرام”، قبل يومين قتل العشرات من أهالی قرية “دالوري” في الهجوم الذي تعرضت له هذه القرية وفق ماصرح به المتحدث العسكري النيجري “مصطفي أنكاس”. وأكد شهود عيان نجو من الحادث، أن الجماعة الإرهابية أحرقت عوائل باكملها في بيوتها بمن فيهم الأطفال.

باعتقاد الكثير من المراقبين يعتبر الجيش النيجري أحد المسؤولين عن الجرائم التي ترتكبها “بوكوحرام” في البلاد، بسبب فشله في القضاء علی هذه الجماعة والقاء القبض علی متزعميها، خاصة زعيمها الحالي “أبوبكر شيكاو”. وبالرغم من قتل “محمد يوسف” الزعيم السابق لجماعة “بوكوحرام” في يوليو/تموز 2009 إثر اشتباكات جرت بين قوی الأمن وعناصر هذه الجماعة، فقد اعلنت الحكومة النيجرية آنذاك القضاء نهائيا علی جماعة “بوكوحرام”، لكن لم تلبث الجماعة كثيرا حتی نفذت عمليات اجرامية اخری لا تقل دموية عن سابقاتها.

في بداية الأمر كانت “بوكوحرام” تهاجم مراكز الامن والشرطة، لكن في الاعوام الأخيرة وسّعت هذه المنظمة من عملياتها الإرهابية حتی باتت تشمل جميع المواطنين، بحيث باتت “بوكوحرام” لا تفرّق بين مدنيين وعسكريين وبين مسلمين ومسيحيين، وأصبح الجميع مستهدف في البلاد.

وبينما يمارس الجيش النيجري أشد الإجراءات القمعية بحق الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ “إبراهيم الزكزاكي”، بسبب احتجاجاتها علی الفساد في البلاد والعلاقات بين نيجريا والكيان الإسرائيلي، والدعوة الی دعم الشعب الفلسطيني، من خلال المشاركة في مظاهرات يوم القدس العالمي والانشطة الاخری، فقد يمكن رصد تماشيا غير مألوف مع أنصار جماعة “بوكوحرام”، من قبل الجيش النيجري، وعدم بذل الجهود اللازمة لشل أنشطة هذه الجماعة في البلاد. وفي كل مرة ترتكب بوكوحرام جريمة بشعة في البلاد، نری تأخرا غير مبرر في وصول قوات الجيش الی مكان الحادث، مما يؤدي ذلك الی منح الحركة الفرصة الكافية لإرتكاب أروع الجرائم بحق المدنيين والتنكيل بهم.

حيث بات الشعب النيجيري منزعجا من تهاون الجيش وضعفه في شل أنشطة “بوكوحرام”، والتي أصبحت تقتل وتحتجز من حين لآخر مئات المواطنين، ماعدی زعزعتها للأمن والإستقرار في البلاد، وترهيب الآمنين وتدمير البنة التحتیة والمقومات الإقتصادية في البلاد.

ووفقا لتقارير صادرة، فقد قتل مايزيد علی 20 الف مواطن نيجيري خلال الاعوام الستة الماضية علی يد جماعة “بوكوحرام”، فضلا عن تشريد مئات الآلاف من النيجيريين بسبب الأعمال الإرهابية التي طالت كثيرا من المناطق من قبل الجماعة.

وبالرغم من أن جماعة “بوكوحرام” تهاجم المسلمين والمسيح خاصة أتباع المذهب الشيعي في نيجريا علی حد سواء، هنالك العديد من الأدلة التي تشير الی أن العمليات التي تستهدف المسيحيين في نيجريا من قبل جماعة “بوكوحرام،” تنفذ من قبل هذه الجماعة عبر التنسيق مع الكيان الإسرائيلي. وتسعی تل أبيب الی أن تكون “بوكوحرام” بوابتها للتغلغل والنفوذ في المجتمع النيجيري خاصة بين المسيحيين، بذريعة مساعدة الجيش لحماية المسيحيين من أعمال العنف التي ترتكبها “بوكوحرام” ضدهم. ولتبرير الانتقادات التي تواجهها الحكومة النيجرية بسبب تعاونها مع الكيان الإسرائيلي، دائما ما تحاول السلطات النيجيرية تبرير هذا التعاون عبر الإدعاء بان تل أبيب تدعم أبوجا في محاربة الإرهاب. وفي هذا السياق ذكر”مايك اوميري” المتحدث باسم المركز الوطني للاعلام، في فبراير العام الماضي في حوار مع جريدة “جيروزالیم بوست” الإسرائيلية، أن الإسرائيليين شركاء للحكومة النيجيرية ولديهم تجربة وخبرة فريدة من نوعها في مواجهة الإرهاب! (يقصد مواجهة الشعب الفلسطيني)، مدعيا أنهم يقدمون هذه التجربة الی الحكومة النيجيرية لمواجهة الجماعات المتطرفة.

الكيان الإسرائيلي يستمد حياته من خلق الأزمات في الدول الإسلامية، كما يقوم حالیا بدعم داعش في سوريا والعراق، حيث يهدف من وراء دعم مثل هذه الجماعات الإجرامية، كي يجد موطئ قدم له في دول معينة كنيجريا، لاغراض سياسية وإقتصادية، لكن من غير المقبول أن يصمت الشعب النيجيري إزاء تواطؤ جيشه تجاه ممارسات “بوكوحرام” التي تستهدف المسيحيين والمسلمين، لأن هذا التواطؤ من الممكن أن يؤدي في نهاية المطاف الی تمزيق وحدة البلاد.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق