من هي الدول المتضررة من الأزمة السورية
لا شك أن الحرب التي تعاني منها سوريا، إذا ما كانت تلبي طموحات بعض دول المنطقة مثل تركيا وقطر والسعودية والی حد كبير الكيان الإسرائيلي، فانها علی العكس من ذلك، ليست بصالح الكثير من دول المنطقة والعالم ومن بينها الاردن الجارة الملاصقة بسوريا. حيث أنه من بعد ما يقارب الـ 5 أعوام من الحرب العدوانية علی سوريا، ثبت أن الجماعات الإرهابية التي تقاتل في هذا البلد، لم تعمل علی زعزعة الأمن والاستقرار في تركيا وقطر والسعودية والكيان الإسرائيلي، بل أنها علی العكس من ذلك فانها جهدت علی ضرب الأمن والاستقرار في لبنان والاردن.
وفيما كان يتواجد قبل أيام وزير الدفاع السوري «فهد جاسم الفريج» في روسيا لبحث العمليات العسكرية المشتركة التي تنفذها القوات الروسية والسورية ضد الجماعات الإرهابية، سافر بالتزامن مع زيارة الفريج، مستشار الملك الاردني في الشؤون العسكرية ورئيس هيئة الاركان في القوات المسلحة الاردنية الفريق «مشعل الزبن» لروسيا، دون أن تتسرب لحد الآن الكثير من المعلومات حول أهداف زيارة الزبن لموسكو. لكن العديد من وسائل الاعلام وبعض الاوساط السياسية في روسيا، اعتبرت لقاء رئيس هيئة الاركان الاردنية بكبار المسؤولين العسكريين الروس ياتي في اطار السياسة الروسية الرامية الی تعبئة دول المنطقة لمواجهة الإرهاب. ورأت اوساط اخری في الاردن أن زيارة الزبن الی موسكو تاتي في سياق تكثيف الجهود الاردنية مع موسكو ضد الجماعات الإرهابية المتواجدة في سوريا.
ومن جهة ثانية فان استمرار الحرب في سوريا سيكون بمعنی استمرار تدفق آلاف اللاجئين السوريين باتجاه الاردن، فضلا عن بقاء اللاجئين المتواجدين حالیا في الاردن الی فترة طويلة. وستكون معضلة اللاجئين السوريين، عبئا آخرا علی الاردن الی جانب الأعباء التي تتحملها هذه الدولة اثر تواجد مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين فيها منذ عقود مديدة.
ومن جهة اخری يری بعض المراقبين أن زيارة الزبن لموسكو تاتي بسبب مخاوف الاردن الناتجة عن تحرير مدينة “الشيخ مسكين” الاستراتيجية من قبضة عناصر “احرار الشام” و”جبهة النصرة”، حيث يخشی الاردن ان تتسلل عناصر المجموعات الإرهابية التي هربت من هذه المدينة، لداخل الحدود الاردنية، مما سيكون ذلك بمثابة ضرب الامن والاستقرار داخل الاراضي الاردنية.
الی ذلك فقد يعتبر الاردن من ضمن الدول المعدودة التي لم تعارض العمليات العسكرية الروسية في سوريا ضد المجموعات الإرهابية، فضلا عن أن عمان لم تقطع علاقاتها السياسية بشكل كامل مع دمشق ولازالت السفارة السورية تعمل في العاصمة الاردنية. وياتي هذا التماشي السياسي الاردني مع سوريا، رغم المعلومات التي تؤكد أن عمان درّبت مئات من الإرهابيين بالتعاون مع القوات الامريكية للعمل ضد الحكومة السورية، لكن لعل ذلك كان بسبب الضغوط الأمريكية والسعودية التي لا تجد الاردن قدرة لمقاومتها!.
لكن وفي جميع الاحوال وللاسف الشديد لا يمكن وصف الاردن بانه دولة مستقلة في اتخاذ القرارات وكان دائما متاثرا في رسم سياساته الداخلية والخارجية بالإرادة الامريكية ومن ثم السعودية. حيث يعاني الاردن من أزمات اقتصادية حادة ولهذا فان الحكومة الاردنية دائما ما تعتمد علی المساعدات التي تتلقاها من أمريكا والسعودية لمعالجة هذه الازمات، ولهذا السبب فان للسياسة الأمريكية والسعودية دوراً جوهرياً في رسم خارطة السياسة الاردنية.
وهنالك من يقول إن اللاجئين السوريين يضطرون الی العمل برواتب منخفضة جدا في الاردن للحصول علی شيء قليل من المال لتوفير حاجاتهم الیومية، حيث يری البعض في هذه القضية تاثيرا سلبيا علی فرص العمل بالنسبة للمواطنين الاردنيين الذين غير مستعدين للعمل بمبالغ زاهدة مثل التي يتقاضاها اللاجئون السوريون.
ليست هي الاردن لوحدها من تريد إنهاء الأزمة في سوريا، بل أن هنالك الكثير من الدول العربية الاخری مثل لبنان والعراق وسلطنة عمان وعشرات الدول الصدیقة لسوریا التي لو لم تكن تخشی من الإمتعاض السعودي، لكانت عملت بشكل جاد علی إعادة علاقاتها الطبيعية مع دمشق ويمكن القول إن مصر لعلها تاتي في مقدمة هذا الصنف من الدول. لكن هذه الدول تحاول في الوقت الراهن أن لا تفقد الدعم الذي تتلقاه من السعودية ولهذا فانها لا تستطيع الاعلان عن تأييدها بشكل علني لسوريا، ما دامت هنالك أموال تدر علیها من السعودية. لكن وبسبب أن أسعار النفط باتت تنهار بشكل غير مسبوق، فلا شك أن السعودية خلال الفترة القريبة القادمة ستكون عاجزة عن دعم دول مثل مصر والأردن بسبب العجز الذي تواجهه في الميزانية العامة، ولهذا فمن الوارد جدا أن نری اصطفافات سياسية جديدة في المنطقة، مثل إبتعاد مصر والاردن عن السعودية وائتلافهم مع سوريا.
المصدر / الوقت